الغذاء المتوازن يغني عن تناول الأطفال للفيتامينات

معظم الأمهات خاصة في الدول العربية لديهم اعتقاد أن الفيتامينات سوف تحسن صحة الطفل بالضرورة، وتجعله ينمو بشكل أفضل، وتساعده في الوقاية من الأزمات الصحية المتكررة في الطفولة لأنها ترفع من المناعة كما أنها أدوية غير ضارة.


وتنتشر على سبيل المثال الأنواع التي تحتوي على مجموعة متعددة من الفيتامينات multivitamins ويمكن للجميع تناولها دون موانع معينة، وهي من ضمن الأدوية المسموح بتناولها دون وصفة طبية في معظم بلدان العالم.

وتعتقد الأمهات أن الفيتامينات لن تؤدي إلى إيذاء الطفل في أسوأ الأحوال إذا لم تحسن صحته. والحقيقة أن هذا التصور ليس صحيحاً تماماً من الناحية الطبية، خلافاً للاعتقاد العام.

وصف الفيتامينات
رغم أن الأدوية التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن مفيدة جداً لمن يحتاجونها بالفعل، فإن الطفل الذي يتناول غذاء متوزاناً ليس بحاجة إلى الأدوية.

 وكلمة غذاء متوازن تعني أن الطفل يتناول يومياً خضراوات وفاكهة مع منتجات الألبان مثل الزبادي والجبن واللبن مع الحبوب الكاملة مثل الشوفان والذرة مع كميات كافية من البروتين الحيواني مثل الدجاج والأسماك والبيض واللحوم. ويجب على الآباء أن يعرفوا أن الأدوية مهما كانت درجة الأمان في مكوناتها هي في النهاية مواد كيميائية لا يجب أخذها إلا وقت الاحتياج لها، كما يجب الوضع في الحسبان أنه حتى المواد الطبيعية المفيدة يمكن أن تسبب مشكلات صحية حال الإفراط في تناولها، وأبسط مثال الفاكهة، خاصة التي تحتوي على كميات كبيرة من الفركتوز يمكن أن تهيئ للإصابة لاحقاً بمرض السكري.

في المجتمعات الحديثة ونتيجة لانتشار ثقافة الأطعمة الجاهزة وانشغال الأم بعدة أعباء وعدم تمكنها من عمل وجبات غذائية متوازنة في المنزل هناك بعض الفئات من الأطفال يحتاجون بالفعل لوصف الفيتامينات مثل:

- الذين لا يقبلون على تناول الطعام وتواجه أمهاتهن صعوبة كبيرة في تغذيتهم.
- الذين يتناولون الأطعمة والوجبات السريعة بشكل منتظم.
- الذين يعانون من أمراض عضوية مزمنة مثل الأزمة الربوية والفشل الكلوي وبعض أمراض القولون.
- الذين لديهم حساسية من أنواع معينة من الطعام.
- الذين يعانون من تأخر في النمو.
- الذين يقطنون في بيئات نفسية سيئة مثل الأيتام، أو إذا كان أحد الأبوين يتعاطى مواد مخدرة أو خلافات عائلية مستمرة لأنها بالضرورة تؤثر على تغذية الطفل.
- الذين يتبعون حمية خاصة مثل النباتية تماماً Vegan Diet ولا يتناولون بروتينا حيوانيا (تفتقر هذه الحمية إلى الحديد وفيتامين بي12) وكذلك فإن هذه الحمية تفتقر إلى الكالسيوم نتيجة لخلوها من الألبان.
- الذين يتناولون المشروبات الغازية والحلوة باستمرار حيث يمكن أن تسبب تغيراً في الأملاح والمعادن في الجسم.

استشارة الطبيب
يجب على الآباء استشارة الطبيب في حالة رغبتهم في إعطاء الطفل فيتامينات متعددة معينة بدلاً من شرائها مباشرة من الصيدلية، خاصة إذا كان الطفل يتناول أدوية أخرى، حيث إن بعض الفيتامينات يمكن أن يحدث تداخل بين مفعولها ومفعول الأدوية الأخرى drug interaction.

وفى حالة ضرورة تناول الفيتامينات يفضل أن يكون الطفل أكبر من 4 أعوام. كما يفضل أن تكون على هيئة أقراص يتم مضغها، خاصة وأن الأطفال يواجهون صعوبات في بلع الحبوب ويرفضون الشراب ويجب أن تكون بعد تناول الطعام، حيث إن بعض الفيتامينات تذوب في الدهون فقط مثل فيتامين (دي) حيث إن امتصاص هذه الأدوية لا يتم إلا في وجود الطعام ويجب الوضع في الحسبان ألا تكون هذه الأدوية في متناول الطفل حيث إن معظمها له مذاق طيب حتى يقبل الأطفال عليه وأن الكميات الكبيرة من بعض الفيتامينات يمكن أن تكون لها أعراض جانبية سيئة.

قد يكون الطفل في حاجة إلى تناول عنصر واحد فقط مثل الحديد في حالة حدوث الأنيميا أو فيتامين (دي) في حالة تأخر النمو ويحسن من امتصاص الكالسيوم.

ومن المعروف أن بعض الأطفال يجب أن يتناولوا فيتامين (دي) على هيئة قطرات ويمكن أيضا أن يتم إعطاء الكالسيوم الضروري لنمو العظام سواء بشكل منفصل أو مع فيتامين (دي) ويمكن أيضا إعطاء فيتامين (بي) خاصة بي 12و6و1 تبعا لاحتياج الطفل وكذلك الأوميجا3 والتي أصبحت من الأدوية الهامة للطفل لأنها تحسن القدرات العقلية والصحة بشكل عام.

ويجب الوضع في الحسبان أنه لا خلاف على أهمية الفيتامينات والأملاح والمعادن للطفل، وأن الخلاف فقط على طريقة تناولها وأن الطعام دائما يكون المصدر الأمثل للحصول عليها.

وترصد في الولايات المتحدة نحو 60 ألف حالة سنويا للبالغين والأطفال للجرعات الزائدة من الفيتامينات المتعددة فيما يعرف بتسمم الفيتامينات vitamin toxicity. وفى دراسات سابقة صرح 56 في المائة من الأميركيين بداية من الأطفال من عمر عام واحد وحتى البالغين، بأنهم جميعا يتناولون الفيتامينات المتعددة باستمرار، وأعرب 44 في المائة منهم عن تناولها بشكل يومي.

والفيتامينات نوعان، نوع يذوب في الدهون ونوع آخر يذوب في الماء بشكل طبيعي. وبطبيعة الحال فإن الجسم لا يتخلص من الفيتامينات التي تذوب في الدهون بسهولة مثل تلك التي تذوب في الماء، التي يتخلص منها الجسم عن طريق البول.

 لذلك يجب توخي الحرص في تناولها وتبعا لإشراف الطبيب والوضع في الاعتبار أن الإفراط في تناول أي شيء، حتى لو كان مفيدا، يمكن أن يؤدي لاحقاً إلى مشكلات صحية.