كيف يمكن للآباء التغلب علي اضطرابات الحديث وصعوبات التواصل لدى الأطفال؟

كشفت دراسة أميركية حديثة نُشرت في مطلع شهر مايو من العام الحالي، أن كثيراً من الآباء لا يمكنهم التعرف على اضطراب الحديث (Speech Disorders) الذي يعانى منه أبناؤهم في وقت مبكر، وأن هذا الأمر في الأغلب لا يتم الالتفات إليه إلا حينما تتفاقم الحالة، وتكون واضحة بشكل كبير، وفي بعض الأحيان حتى عندما يتم الإدراك يعتقدون أنه لا داعي للعلاج المبكر، وأن الأمر في الأغلب سوف يتم علاجه بشكل تلقائي حينما يكون الطفل قد تقدم في العمر.


الحقيقة أن الأمر ربما يكون عسيراً بالفعل على الآباء، خصوصاً أن معظم الأبناء يعانون من اضطراب في الحديث خلال السنوات المبكرة من العمر، ولكن يجب أن يدرك الآباء أن التدخل المبكر في علاج عيوب الحديث يمكن أن يؤدي إلى نتائج شديدة الإيجابية.

- صعوبة التواصل
تعتبر صعوبة التواصل (Communication disorders)، ومنها «اضطراب الحديث»، من أشهر المشكلات التي تواجه الأطفال.

وأوضحت الدراسة أنه على الرغم من توفر المعلومات الطبية بشكل كبير من خلال التكنولوجيا، إلا أن هناك الكثير من الحالات لم يتم تشخيصها بشكل مبكر.

وأشارت إلى أن هناك 69 في المائة من إجمالي 1100 أخصائي للسمعيات واضطراب اللغة في الولايات المتحدة أوضحوا أن الآباء لا يلتفتون إلى العلامات المبكرة لاضطرابات الحديث واللغة.

وهناك نسبة بلغت 32 في المائة أوضحوا أن هناك الكثير من الآباء لا يمكنهم التعرف على أعراض وعلامات فقدان الطفل التدريجي للسمع إلا قبل مرور عام كامل، وهو أمر شديد الخطورة، وكانت هناك نسبة 46 في المائة من الأخصائيين أرجعوا السبب في عدم التشخيص المبكر إلى عدم دراية الآباء بالشكل الكامل.

وأشارت الدراسة إلى أنها بصدد طرح المزيد من المعلومات التي تساعد الآباء على معرفة العلامات المبكرة لاضطرابات الحديث، أو فقدان السمع، ورفع مستوى الدراية، وعدم الانتظار على اعتبار أن جميع الأطفال يعانون من صعوبات في الحديث، وأن الأمر يعتبر طبيعياً.

- رصد العيوب
ركزت الدراسة على أن الآباء يمكنهم مراقبة الأبناء، وملاحظة العيوب، وإبلاغ الطبيب عنها، ومن هذه العيوب التي يجب على الآباء الالتفات إليها:

- التلعثم أو ما يطلق عليه عامياً «التهتهة» بمعنى أن الطفل يمكن أن يكرر الحرف الأول من الكلمة عدة مرات مثل (س س س سيارة)، أو يكون صوت حرف واحد فقط هو المسيطر على الكلمة مثل (سسسسسيارة).

- الاستبدال، وهو استبدال حرف من الكلمة أو إعادة ترتيب حروفها، وعلى سبيل المثال (طبق يمكن نطقها نبق أو بطق).

- إهمال بعض الحروف، وعدم نطقها مثل (المدرسة تصبح رسة)، أو إضافة حروف أخرى في بعض الأحيان.

- خلل في إيقاع الحديث، بمعنى أن هؤلاء الأطفال لا يواجهون صعوبة في النطق قدر ما يواجهون صعوبة في ضبط إيقاع الحديث، حيث يمكن أن يتكلم الطفل باندفاع شديد، ويتوقف عن الحديث فجأة، ثم يعاود الحديث مجدداً، أو يعاني من تشتت في السرد، ولا يمكن الخروج بتسلسل واضح من حديثه.

- هناك اضطراب عضوي (dyspraxia) يسبب اضطراب الحديث، وتكون هناك مشكلة في الأعصاب والعضلات التي تحتاجها عملية الكلام، سواء في الفك أو الشفتين، ويجب أن يتم العلاج بواسطة طبيب أعصاب.

- اكتشاف الخلل
أكدت الدراسة أن عملية الحديث واللغة عملية مهمة جداً وأساسية في التعلم، وأن عدم الحديث بشكل واضح ربما يكون بسبب اضطراب في التلقي، نتيجة لفقدان حاسة السمع، سواء بشكل تدريجي، أو بشكل حاد، أو يكون نتيجة لعدم القدرة على التعبير نتيجة لعدة أسباب منها العصبية لاستبعاد الجانب العضوي.

وحذرت من أن التأخر في العلاج ربما يضيع على الأطفال فرصة ثمينة في اكتشاف الخلل في اللغة وتصحيحه، خصوصاً أن تطور مهارات اللغة والتواصل يكون كبيراً جداً في فترة ما قبل الدراسة. ويعتمد بشكل أساسي على السمع والإنصات، الذي يؤهل لاحقاً لتعلم القراءة والكتابة، وأيضاً تكوين صداقات مع الأقران.

وفى حالة اكتشاف الحالة في عمر الدراسة يجب أن تكون هناك فصول خاصة، وطريقة تعليم مختلفة للطفل، حتى يتمكن من مواكبة زملائه، ولا يفقد الثقة بنفسه، أو يتعرض للسخرية، ولذلك يجب الانتباه لهذا الأمر مبكراً من عمر 3 سنوات، وربما أقل.

ونصحت الدراسة الآباء بضرورة أن تكون البيئة التي ينمو فيها الطفل غنية بالأصوات والأحاديث المختلفة، وكذلك المناظر والأغاني، لأنها تشكل المعطيات التي سوف يعتمد عليها لاحقاً، وأن المخ منذ الطفولة وحتى عمر 3 سنوات يكون في أحسن حالاته للاستيعاب والتطور، وهي الفترة التي تنشأ فيها اللغة وتتكون، وتتم تنميتها لاحقاً على مدار العمر.

ويجب على الأم أن تكون دائمة الحديث مع طفلها حتى قبل أن يستطيع التحدث، وأيضاً يجب أن تلتفت إلى تفاعله معها من خلال ردود أفعاله وضحكاته والأصوات التي تمثل بداية الحديث ونشوء اللغة، ويعتبر البكاء أول وسيلة تواصل للرضيع مع العالم المحيط به.

وشجعت الدراسة الآباء على ضرورة العلاج حتى في حالة اكتشاف الحالة في وقت متأخر، فمعظم الحالات يتم علاجها بالفعل، لافتة لضرورة عرض الطفل على طبيب أنف وأذن في البداية لتحديد إذا كان الطفل يعاني من فقدان السمع أو ضعفه، خصوصاً أنه في بعض الأحيان يكون هناك فقدان للسمع في أذن واحدة فقط، وبالتالي يكون تصرف الطفل طبيعياً، ولا يكتشف ذلك إلا الطبيب.