التليفزيون .. الحجم المتوسط هو الأمثل للبيوت

 تبدو الأجهزة الحديثة، بشكلها الرفيع، كما لو أنها تحيل على أفلام الخيال العلمي
تبدو الأجهزة الحديثة، بشكلها الرفيع، كما لو أنها تحيل على أفلام الخيال العلمي

من «صندوق» للفرجة إلى «لوحة» فنية تؤثث ديكور البيت:
في زمن قياسي تحول التلفزيون من جهاز للفرجة، إلى وعاء كوني يختصر العالم بأفراحه وأحزانه في شاشة ظلت تختار لها كل يوم شكلاً جديداً، حتى صارت له سلطة غير مسبوقة، لم يعد الإنسان قادراً على مسايرتها.


وفي نهاية المطاف لم يجد إلا مهادنتها من خلال البحث لها خارج إطار الجهاز عن وظائف جديدة تتعدى مضمون الفرجة التي يقترحها.
 
واستطاع التلفزيون أن يختصر التاريخ المعاصر للإنسانية، بشكل عام، خصوصاً على مستوى التحولات الاجتماعية والاقتصادية.
 
وسواءٌ، في الماضي كما في الحاضر، ظل هذا الجهاز عنصراً أساسياً في حياة الأفراد والجماعات، يولونه أهمية كبيرة، ويختارون بعناية المكان الذي يوضع فيه.
 
ولا يمكن المقارنة بين شكل التلفزيون كما عرف به في بداياته، وشكله الحالي، من دون ان يصاب المتتبع والمستهلك، على حد سواء، بالذهول من درجة تسارع وتيرة الابتكارات التكنولوجية، وهي السرعة التي تبدو معها تلك الأجهزة القديمة والغارقة في الأبيض والأسود بغيضة الشكل والحجم، فيما تبدو كما لو أنها تحيل على القرون الوسطى، وفي الوقت نفسه، تبدو الأجهزة الحديثة، بشكلها الرفيع، كما لو أنها تحيل على أفلام الخيال العلمي.

 

وبالقدر الذي ينقل الشكل المتحول للتلفزيون لمسار تطور التكنولوجيا، فإنه يظهر أن هذا الجهاز ظل يسابق نفسه من خلال الإنسان الذي ظل يطور في أشكاله، فقط، لكي يـُـلبي غروراً داخلياً في التنويع من شكل المشاهدة ومن الاستمتاع بفنون العيش ووسائل الرفاهية الاجتماعية، غير أن هذا الواقع المرتبط بتحول التلفزيون إلى جهاز مليء بالحياة، جعل الإنسان، الذي يبقى أساس تطوير التلفزيون، يتحول إلى متفرج لا حول ولا قوة له، ثم إلى عبد خاضع لسيطرة الصور التي تتراقص أمامه.

وشكل التلفزيون، في بداياته، ثورة غيـّـرت من عادات البشر، لكنه كان بسيط الشكل، خصوصاً مع عمق كبير يجعل منه جهازاً ثقيلاً ويشغل حيزاً كبيراً من الغرفة التي يوضع فيها.

ولا شك أن كثيرين يتذكرون كيف أنه مع البدايات، وإلى وقت قريب، كان الحصول على جهاز تلفزيون بالأبيض والأسود، لا يتعدى شكل الصندوق الخشبي، من نصيب الميسورين، فقط، فكان يعامل بحرص شديد، حتى أنه كان يـُغطى بستارة مربوطة من الجانبين تشبه تلك المخصصة لزجاج النوافذ، وعندما يكون غير مشغل، يغطى بالكامل بقطعة قماش دائرية مطرزة، لمنع تسرب الغبار إليه، والحفاظ على نظافة شاشته، الشيء الذي يؤكد مفارقة تتمثل في أن التلفزيون، الذي كان مصدر سلطة البعض، سيبسط سلطته على الجميع، من فقراء وميسورين.

اليوم أصبح مكوناً من مكونات الأثاث والديكور، خصوصاً بعد أن مر الإنسان من الأسود والأبيض إلى الألوان وآلات التحكم عن بعد، ثم من المحطات الأرضية المحدودة في جغرافيتها وإرسالها إلى فضائيات عابرة للقارات والأهواء والثقافات.

وشيئاً فشيئاً، ومع تنافس الشركات في الترويج لمنتوجاتها، تماشياً مع منطق السوق والعرض والطلب، تحول هذا الجهاز العجيب من شيء كمالي، لا يتوفر إلا للأغنياء والمحظوظين، إلى ضرورة يشترك فيها الجميع عبر العالم، محتلاً بذلك مكانة أساسية في حياة الأفراد والأسر، حتى أنه دخل إلى بعض البيوت قبل الكهرباء.

وفي غمرة تغيـر الحاجة إليه، من الأخبار والفرجة عبر ما تمنحه شاشته من صور، ستدفع ضرورات التنسيق العام للبيت في اتجاه استغلال هذا الجهاز، كإطار، وديكور ضمن أثاث البيت، أو «لوحة» تحيل، ربما، على شكل معين من الفن المعاصر، خصوصاً بعد أن سهل التقدم التكنولوجي من هذه الغاية، بعد أن ابتكرت أشكالا جديدة، من قبيل البلازما، التي تفتقت لدى مبتكريها بغية الحصول على شاشة مسطحة وكبيرة، ذات جودة عالية، مرنة الاستعمال وتمنح صاحبها فرصة وضعها أو تعليقها حيث شاء، على جدران البهو أو الغرف، تماماً كالصورة أو اللوحة الفنية، هذا بالإضافة إلى العديد من المزايا والخصائص الأخرى التي تعطي رفاهية ومتعة مشاهدة أكثر من التلفزيونات التقليدية، التي ظلت تركن في صالات الضيوف أو في بيوت النوم، مثلاً.

وهكذا بدأ هذا الجهاز يحتل مكاناً بارزاً في البيوت المغربية، باعتباره الوسيلة الوحيدة والمصدر الأساسي للترفيه والأخبار، الذي صارت تجتمع حوله الأسرة وتكون أخباره وصوره موضوعاً للنقاش والحديث حتى صار من النادر جداً أن يوجد بيت من دون تلفزيون، الشيء الذي يطرح أسئلة تتناول الكيفية التي يمكن أن نختار من خلالها المكان المناسب لوضعه فيه، حتى يتناسب ويتناسق مع الأثاث العام للبيت، ومع الغاية منه، خصوصا أن الإقبال على الأحجام الكبيرة اصبح موضة في السنوات الأخيرة، يقبل عليها عامة الناس من دون تفكير في التنسيق بين حجمها وحجم الغرفة التي توضع بها، الأمر الذي يبدو نشازا في بعض الاحيان.

سعاد اليديني، وهي مهندسة ديكور مغربية، تقدم مجموعة من النصائح في هذا المجال، سواء تعلق الأمر بأجهزة التلفزيون العادية، أو شاشات البلازما الرفيعة، تلخصها في النقط التالية:

ـ ضرورة وضع الجهاز في مكان آمن، بحيث لا يستطيع الأطفال الاقتراب منه، تجنباً لسقوطه من على المنضدة، أو خوفاً من ضرر أشعته على عيونهم.

ـ أن يكون الجهاز مرئياً للجميع، حتى لا تتسبب مشاهدة التلفزيون من زاوية غير مستقيمة في آلام الرقبة أو العين. ـ تجنب وضع الجهاز في الممرات، مهما كانت واسعة، حتى لا يعيق الحركة في البيت.

ـ تجنب وضع جهاز التلفزيون بشكل معلق في زوايا الغرف على قاعدة حديدية، لأنها طريقة خاصة بالمقاهي أو العيادات الطبية والإدارات.

ـ يفضل اقتناء شاشات بلازما متوسطة الحجم للبيت، لأن الشاشات الضخمة تلائم المقاهي التي تبرمج مباريات رياضية وصالات الاستقبال في الفنادق، أو البيوت الواسعة جدا.

ـ تثبيت شاشة البلازما على الجدار بشكل يتلاءم مع الديكور العصري، وليس مع الديكور التقليدي.

ـ لإضفاء لمسة فنية على الجهاز المزود بشاشة البلازما الرفيعة وتكسير حدتها، يفضل تزويد رفوف المنضدة بعدد محدود من الكتب المتجانسة الشكل، مثل الموسوعات، إلى جانب قطعة أو اثنتين من قطع الديكور الصغيرة الحجم.

ـ لإضفاء بعض الدفء على الديكور الحديث، يمكن وضع الجهاز على طاولة طويلة أو على شكل أرفف مصنوعة من الخشب البني.