قصر المجوهرات بالإسكندرية تحفة تحتضن روائع عهد مضى

منظار للملك فاروق مرصع بالذهب والألماس
منظار للملك فاروق مرصع بالذهب والألماس

علبة نشوق من الذهب المموه بالمينا والمرصع بالماس عليها اسم محمد علي باشا، وسيف التشريفة الخاص به والمصنوع من الصلب على شكل رأس ثعبان به ستمائة ماسة، ميداليات من البلاتين المرصع بالماس والبرلنت، عصا مارشالية من الأبنوس المطعم بالذهب، توكة من الماس والفلمنك، وغيرها الكثير هي بعض مقتنيات العائلة العلوية المنسوبة لمحمد علي باشا، التي حكمت مصر في الفترة من 1805– 1952، وإن كانت تلك القطع صامته لا تتكلم، إلا أنها تروي حالة من الفخامة والثراء وعشق الفنون بألوانها، التي كانت عليها تلك الاسرة العلوية.


يكفي أن تمر أمام قلادة مرصعة بالماس للملكة فريدة فتقف بانبهار أمامها متصوراً حالها وهي تزين عنق تلك الملكة الرقيقة، وتمر أمام سيف محمد علي باشا فتشعر بقوة ذلك الرجل باني مصر الحديثة، وتأخذك قدماك لقاعات مقتنيات الملك فاروق، فتجد ما لا نهاية له من التحف. الأصل في قصر المجوهرات، الذي لم يفتح أبوابه للجمهور كمتحف إلا منذ سنوات ليست بالبعيدة، أنه كان مقر إقامة حفيدة محمد علي باشا.

صاحبة القصر هي الأميرة فاطمة الزهراء ابنة زينب فهمي والأمير علي حيدر شناسي، ابن الأمير أحمد رشدي ابن الأمير مصطفى بهجت فاضل، ابن ابراهيم باشا، والمولودة في القاهرة بتاريخ 24 سبتمبر (ايلول) عام 1903 والمتوفاة في 30 يناير (كانون الثاني) عام 1983.

يعد القصر حالة معمارية خاصة في عالم عمارة القصور الملكية، حيث يبدو تجسيداً رائعاً لفنون العمارة الأوروبية، وقد صممه ونفذه مهندسون ومعماريون إيطاليون وفرنسيون وبلجيك على الطراز الأوروبى المنتمي لعصر النهضة.

تقدر المساحة التي بني عليها القصر بنحو 4185 مترا مربعا، وينقسم بناؤه الى جناحين، أولهما الشرقي ويتكون من قاعتين وصالة يتصدرها تمثال صبي من البرونز عليه لوحة فنية من الزجاج الملون المعشق بالرصاص ومزين بصورة طبيعية.

وجناح آخر غربي يضم طابقين في كل منهما أربع قاعات، ويربط بين جناحي القصر بهو زينت جدرانه لوحات فنية من الزجاج الملون المعشق عليها رسوم بعض أشهر القصص في التاريخ الأوروبي وأخرى أسطورية، من بينها لوحة لروميو وجولييت، بالإضافة إلى رسم جداري يصور زواج الأميرة فاطمة الزهراء صاحبة القصر.

نوافذ القصر صممت من الزجاج الملون في تصميمات بديعة ورائعة. وهو ما يجعل من القصر تحفة معمارية تضم بين جنباتها معروضات طالما أثارت إعجاب من رآها. مصير القصر تغير بعد قيام ثورة يوليو 1952، فقد تعرض للمصادرة وقدر ثمنه في تلك الفترة بنحو 100 الف جنيه، ومنحت الأميرة فاطمة في مقابله بعد تنازلها عنه وعما تملكه من مجوهرات، شقة بجوار فندق شيراتون القاهرة بحي الدقي، حيث عاشت أيامها حتى ماتت عام 1983.

الطريف أن القصر ظل يستخدم كاستراحة لرئاسة الجمهورية في الأسكندرية حتى تم تسجيله كأثر عام 1986، وفي مطلع التسعينات صدر قرار بتحويله الى متحف للمجوهرات. الا أنه ومع بداية الألفية الثالثة، بدا القصر في حالة منهكة تطلبت المسارعة بترميمه للحفاظ على قيمته. وذكر مسؤلوو وزارة الثقافة أن تكلفة الترميم الذي تم بمساعدة فريق عمل روسي، قدرت بنحو 50 مليون جنيه مصري.

ورغم ما يقال من قبل بعض المثقفين والكتاب عن أن ما يحتويه قصر المجوهرات من قطع ليست بالأصلية، ولكنها قطع مقلدة وضعت به بعد أن استولي البعض على المجوهرات والتحف الحقيقية، الا أنه لا دليل واضح ومحدد على صحة تلك الأقاويل، فكروت عرض المقتنيات تشير الى أن القصر يضم نحو 11 ألفاً و500 قطعة تتنوع بين المجوهرات والتحف النادرة.

من بينها مجموعة ولي العهد الأمير محمد علي توفيق وهي عبارة عن 12 ظرف فنجان من البلاتين والذهب رصعت بعدد 2753 فصا من الماس البرلنت والفلمنك، و6 كاسات من الذهب مرصعة بعدد 977 فصا من الماس البرامنت والفلمنك. بالإضافة إلي كيس من النقود تم صنعه من الذهب المرصع بالماس، وساعة جيب نادرة رسم على المينا الخاص بها جامع.

وتحتل مقتنيات الملكة نازلي مكانة مميزة في مقتنيات القصر، ومن بينها حلية من الذهب المرصع بالماس البرلنت، وشطرنج من الذهب المموه بالمينا الملونة والمرصع بالماس، وصينية ذهبية عليها توقيع 110 من الباشوات.

أما الملكة صافيناز ذو الفقار الشهيرة بالملكة فريدة زوجة الملك فاروق، فقد عرض لها تاج الملك الذي كانت تحضر به المناسبات الرسمية، كما ارتدته في حفل زفافها، وهو من البلاتين المرصع بنحو 1506 قطع من الماس، ومعه قرط من البلاتين والذهب مرصع بعدد 136 قطعة من الماس، إلى جانب مجموعة مميزة من الأقراط المرصعة بالماس والياقوت والزمرد وطقم كامل من المرجان.

وعلى الرغم من تميز المجموعة الخاصة بالملكة فريدة، إلا أن تاج الأميرة شويكار الزوجة الأولى للملك فؤاد والد فاروق، يظل من أضخم التيجان التي استخدمها أفراد أسرة محمد علي وأجملها على الإطلاق وذلك لجمال تصميمه.

بينما تضم مجموعة الملكة ناريمان مجموعة من القلادات، والأوسمة والميداليات التذكارية وقصعة من الذهب كانت تستخدم فى وضع حجر أساس المشروعات التي كان يفتتحها الملك فاروق، الذي يذكر التاريخ عنه عشقه وولعه الشديد باقتناء التحف النادرة، ولعل هذا ما يجعل من مجموعته المعروضة في القصر، هدفاً للزائرين يبدأون به جولتهم.

وخصصت ثلاث قاعات لعرض مقتنياته، التي من بينها طبق من العقيق يحكى جزءاً من تاريخ روسيا القيصرية، ولا يعلم أحد كيف دخلت هذه التحفة مصر، هناك أيضاً «الشخشيخة» التى كان يستخدمها في طفولته لاستدعاء أحد خدمه، وهي على شكل تاج ملكي صنع من البلاتين المرصع بالماس والزمرد والياقوت، وبها كرات صغيرة من الذهب، والعصا المرشالية التى كان يستخدمها في تنقلاته، وهي مصنوعة من الأبنوس والذهب، إلى جانب أظرف الفناجين المرصعة بالماس والياقوت، ويحتوى الفنجان الواحد على 229 ياقوتة و29 قطعة من الماس.

من بين معروضات القصر أيضاً مجموعة مقتنيات كل من الخديوي سعيد وإسماعيل، ومن بينها صينية إمبراطورة فرنسا أوجيني، التي أهدتها للخديوي إسماعيل عند حضورها حفل افتتاح قناة السويس، والتي يقدر ثمنها بأكثر من 15 مليون جنيه وصنعت من الذهب المرصع بالماس والياقوت والزمرد.

هناك أيضاً طقم فناجين قهوة يزن 25 كيلوغراما من الفضة الفرنسية، وكانت شركة القناة العالمية قد أهدته لسعيد باشا وقت حفر القناة، الذي يحتفظ له القصر بمجموعة من الوشاحات والساعات الذهبية والقلائد المصرية والتركية المرصعة بالذهب الخالص.

روعي عند تجديد القصر تزويده بنظام إنذار إلكتروني متصل بمديرية أمن الاسكندرية وقسم الشرطة التابع للمتحف، بالإضافة الى استخدام الأشعة تحت الحمراء بعد إغلاق المتحف حيث تطلق صفارات الإنذار عند مرور أي جسم تصل درجة حرارته الي 37 درجة مئوية أمام اي قطعة. كما تم تزويد كافة قاعات وأركان المتحف بالمراقبة التلفزيونية الملونة.