إرشادات حديثة حول كيفية اختيار المرأة للوسيلة الملائمة لها

متابعات طبية للتدقيق في سلامة وسائل منع الحمل
متابعات طبية للتدقيق في سلامة وسائل منع الحمل

قدمت إدارة الغذاء والدواء الأميركية حديثًا، إحدى أهم نصائحها للنساء حول وسائل منع الحمل بقولها إن المرأة تحتاج إلى النظر بعناية في فوائد ومخاطر تثبيت الأجهزة ذات القدرة الدائمة على منع الحمل وتحديد النسل Permanent Birth Control Devices. وجاءت نصيحة الإدارة هذه مع إدخالها أخيرًا تغييرات في الوصفة المرفقة بإحدى الوسائل الفعالة في منع الحمل الدائم وهو جهاز يسمى «إشور» Essure.


وأضافت الإدارة في نشرتها الإخبارية الصادرة في 18 نوفمبر عام 2016 أن هذا الجهاز يتألف من لفائف معدنية مرنة Flexible Metal Coils يتم زرعها في كل قناة فالوب Fallopian Tube على جانبي الرحم، وهي القناة التي تحمل البويضة من المبيض إلى الرحم. وفي غضون نحو ثلاثة أشهر من تثبيت هذا الجهاز في قناة فالوب، تتشكل كتلة من الأنسجة حول أنبوب اللفائف المعدنية، ما يمنع ويُعيق قدرة الحيوانات المنوية من الوصول إلى البويضة الأنثوية، وبالتالي لا يُمكن أن يحصل تلقيح لها ولا يمكن أن يحدث الحمل نتيجة لذلك.

وسائل منع الحمل
وتظل عملية اتخاذ القرار من قبل المريض أحد المواضيع الطبية الساخنة. وتتبنى الأوساط الطبية الرأي بأن تكون تلك العملية مبنية على معرفة المريض بالفوائد والمخاطر بنوعيها القريبة والبعيدة المدى، سواء عند تناول أدوية معينة أو الخضوع لوسائل علاجية جراحية أو تدخلية في شأن معالجة الأمراض أو الوقاية منها.

وفي شأن وسائل منع الحمل، تتعدد الدواعي الطبية والاجتماعية لدى المرأة حول مدى ملاءمة حصول الحمل للحالة الصحية لديها ومدى تأثيرات الحمل عليها، كما تتعدد في الوقت ذاته وسائل منع الحمل، وهو ما يجعل المرأة في وضع يتطلب منها معرفة صحيحة حول الخيارات المتاحة طبيًا لها، وما هو الأفضل لها ولصحتها عند انتقاء وسيلة دون أخرى لمنع حصول الحمل، ولذا يأتي تأكيد إدارة الغذاء والدواء الأميركية على هذا الجانب.

وتقول المؤسسة القومية لصحة الطفل والنمو البشري National Institute of Child Health and Human Development، التابعة لوزارة الصحة الأميركية: «يجب أن يعتمد اختيارك لوسيلة منع الحمل وتحديد النسل على عدة عوامل، وهي ما تشمل حالتك الصحية، وتواتر حصول النشاط الجنسي لديك، ومدى الرغبة في إنجاب الأطفال في مراحل مستقبلية تالية. ويمكن لمقدمي الرعاية الصحية مساعدتك على اختيار أفضل وسيلة من وسائل منع الحمل وتحديد النسل بالنسبة لك».

جهاز تعقيم دائم
ويُعتبر تثبيت جهاز «إشّور» إحدى وسائل التعقيم الدائم Sterilization لقدرات المرأة على الحمل والإنجاب، التي تُصنف ضمن الوسائل غير الجراحية Non - Surgical. ويعمل الجهاز المكوَّن من لفائف معدنية مرنة على حث الجسم على تكوين تليّف نسيجي Induced Fibrosis حول تلك اللفائف المعدنية، ومن ثم إقفال مجرى قناة فالوب، وحصلت هذه الوسيلة على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية على استخدامها كوسيلة لمنع الحمل الدائم في نوفمبر من عام 2002.

والواقع أن هذه الوسيلة للمنع الدائم للحمل قد تم تصميمها كبديل للعملية الجراحية التي يتم من خلالها ربط الأنابيب Tubal ligation، وهو ما يُعرف بـ«التعقيم الجراحي» Surgical Sterilization، سواء من خلال فتح جلد البطن Open Surgery أو من خلال العملية الجراحية بالمنظار Laparoscopic Surgery. وعملية ربط الأنابيب هي عملية جراحية تتطلب الدخول إلى المستشفى والخضوع للتخدير وإجراء شق في الجلد، بينما وسيلة تثبيت جهاز «إشور» يتم إجراؤها في عيادة الطبيب دون استخدام تخدير عام، وكلفتها المادية أقل.

وخلال السنوات الماضية تم إجراء عدد من الدراسات الطبية في الولايات المتحدة وغيرها حول نتائج استخدام وسيلة «إشور» للمنع الدائم للحمل، وهو ما تابعته إدارة الغذاء والدواء الأميركية، على الرغم من الملاحظات الطبية حول تلك الدراسات. وعقدت الإدارة اجتماعًا لفريق أمراض النساء والتوليد للأجهزة التابع للجنة الاستشارية للأجهزة الطبية في 24 سبتمبر (أيلول) 2015، وذلك للاستماع إلى الآراء العلمية والسريرية للخبراء وكذلك تجارب المرضى فيما يتعلق بفوائد ومخاطر «إشور».

وبالإضافة إلى ذلك، تم إبقاء أجندة التماس التعليقات العامة من قبل الناس مفتوحة لاستقبال أي تعليقات من 22 يوليو (تموز) 2015 حتى 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2015. وهو ما قدم معلومات قيمة للإدارة في كيفية استفادة النساء من هذه الوسيلة لمنع الحمل مع منع تسببها بأي أضرار صحية محتملة.

ويعرف الرابط الإلكتروني https:// youtu.be/ 5XkWX8IOYz8 بعملية وضع «إشور» في الجسم.

آثار جانبية
وأفادت الإدارة في نشرتها الحديثة بأن اللفائف المرنة هي لفائف معدنية بالأصل، وهناك من النساء منْ لديهن حساسية من معدن النيكل أو غيره من المعادن، مما يتطلب من المرأة إخبار طبيبها بذلك قبل زراعة جهاز «إشور».

كما أن بعضًا من الآثار الجانبية يتطلب من الأطباء بذل مزيد من الدقة في إجراء عملية تثبيت اللفائف المعدنية المرنة تلك، وفي الوقت نفسه يتطلب من المرأة الاستمرار في المتابعة الطبية وعدم إهمالها، وذلك للحيلولة دون حصول أي آثار جانبية وإن كانت نادرة الحصول مثل الثقب في أنبوب فالوب Tubal Perforations، وهو ما قد يُؤدي في الحالات الشديدة إلى آلام مستعصية ونزيف وربما الحاجة إلى استئصال الرحم.

وإضافة إلى احتمال عدم نجاح تلك الوسيلة في منع الحمل وحصول حمل غير مرغوب فيه لدى المرأة Unintended Pregnancies، وهو شيء متوقع نظريًا في أي وسيلة من وسائل منع الحمل. كما لاحظت بعض المراجعات الطبية حصول تفاعلات حساسية بالجسم واضطرابات في الدورة الشهرية وآلام بالمفاصل والشعور بالإعياء.

كما نبهت الإدارة إلى أن الجدوى من تثبيت هذا الجهاز لا تتحقق على الفور، بل تكتمل قدرته في غضون ثلاثة أشهر لمنع الحمل، وبعد ثلاثة أشهر يُطلب من المرأة إجراء أشعة سينية للتأكد من أن الجهاز في موضعه الصحيح وأنه لن يتسبب بمشكلات صحية أو إزعاج للمرأة.

وكانت بعض المصادر الطبية قد لاحظت أنه ليس ثمة اهتمام كافٍ من قبل النساء بأنفسهن بعد تثبيت وزراعة الجهاز لديهن، ذلك أن إحدى الدراسات الطبية لـ«المتابعة ما بعد التسويق» Post - Marketing Study للتأكد من الفاعلية والآمان والسلامة وشملت 745 امرأة، لاحظت أن 92 في المائة منهن أجرين المتابعة بعد سنة، وانخفضت تلك النسبة إلى 25 في المائة عند حلول المتابعة في السنة الثانية.

ومن أجل ذلك وغيره، ذكرت الإدارة أنها أضافت تغيرات لمكونات الملصق المرفق بمغلف عبوة جهاز «إشور»، ليتضمن تنبيهًا تحذيريًا بضرورة أن تقوم المرأة بمراجعة قائمة من عدة عناصر ضمن عملية اتخاذها قرار استخدامه كوسيلة للمنع الدائم للحمل، أو ما يُعرف بـ«مرجعية قرار المريض» Patient Decision Checklist، من أجل أن يكون قرار المرأة قرارًا مشفوعًا بالعلم ومبنيا على فهم المخاطر والفوائد.

وأوضحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية قائلة: «ماذا يعني هذا؟ إن قائمة المرجعية الجديدة في كتيب المعلومات الأساسية للمريض تلخص فوائد ومخاطر وسيلة (إشور) لمنع الحمل، وتهدف القائمة المرجعية إلى تشجيع النساء على قراءة كتيب المعلومات، وفهم فوائد (إشور) ومخاطره، ومناقشة المعلومات مع الطبيب قبل اتخاذ قرار مستنير بشأن ما إذا كان استخدام هذا الجهاز ملائمًا للمرأة أو غير ملائم لها».

خيارات كثيرة
وأضافت الإدارة في نشرتها الصادرة في 15 نوفمبر أنه ليس هناك وسيلة من وسائل منع الحمل أو التعقيم فعالة بنسبة مائة في المائة، ولمنع حمل دائم هناك خيار آخر للنساء هو الربط الجراحي التقليدي للأنابيب، كما أن إدارة الغذاء والدواء قد وافقت على استخدام وسائل أخرى ذات فاعلية طويلة المدى في منع الحمل مثل الجهاز الذي يُوضع داخل تجويف الرحم أو ما يُعرف باللولب IUD، وهو فعّال للغاية في منع الحمل وسهل التثبيت وقابل للإزالة وعودة القدرة على الحمل، وبالإضافة إلى ذلك تتوفر خيارات أخرى منها حبوب منع الحمل Oral Contraceptives التي تُؤخذ عبر الفم والبقع الهرمونية اللاصقة Hormonal Patches التي تُوضع على الجلد والحلقات المهبلية Vaginal Rings والواقي الذكري وغشاء عنق الرحم، وأضافت: «أيًا كان الخيار من بين وسائل منع الحمل، تأكدي من أنك تفهمين المخاطر والمنافع ومناقشة الموضوع مع مقدم الرعاية الطبية لك».

والواقع أن وسائل منع الحمل متعددة ومتشعبة وتتطور بشكل مطَّرد، ومن الصعب إثبات أن وسيلة ما هي الأكثر أمانًا والأعلى فائدة وتصلح لجميع النساء، وهو ما يجعل قرار وسيلة منع الحمل الملائمة للمرأة يتطلب مناقشة بين الطبيب المتخصص في شؤون الحمل والمرأة، ومعرفة ما تفضله المرأة ومعرفة ما يُلائم الحالة الصحية لها، ولذا ليس هو من القرارات الطبية السهلة التي يُمكن اتخاذها في لحظات.

إن جميع وسائل منع الحمل دون استثناء لها فوائد ولها في الوقت ذاته مخاطر. وتفيد المؤسسة القومية لصحة الطفل والنمو البشري في نشراتها الحديثة بأن منع الحمل له وسائل متعددة تعمل بطرق مختلفة، منها ما يعمل على منع الحيوانات المنوية من الوصول إلى البويضة كي لا تجري عملية تلقيح البويضة بتلك الحيوانات المنوية، ومنها ما يعمل على منع المبيضين لدى المرأة من إفراز البويضة الناضجة والجاهزة للتلقيح بالحيوان المنوي، ومنها أجهزة صغيرة يتم تثبيتها في داخل تجويف الرحم أو مجرى قناة فالوب، ومنها عملية التعقيم الجراحي التي تمنع بشكل دائم إمكانية حمل المرأة. ووسائل منع الحمل هذه ليست خاصة بالمرأة بل أيضًا تشمل الرجل.