الزعتر .. له 3 ألوان لكل منها قصة

يعتبر الزعتر من أشهر المواد الغذائية التي تقدم على فطور الصباح مع زيت الزيتون في بلاد الشام، كما اشتهر بتحضيره كمناقيش في كل من لبنان وسورية. وأشهر أنواع الزعتر، الحلبي نسبة إلى مدينة حلب السورية وهناك النابلسي نسبة إلى مدينة نابلس في فلسطين. والمعروف في دمشق أن أول ما يوصى به المسافر إلى مدينة حلب من قبل أصدقائه وعائلته هو أن يجلب لهم معه الزعتر الحلبي وصابون الغار حتى أن الفنان المعروف دريد لحام وفي إحدى مسرحياته اقترح افتتاح معمل للزعتر وصابون الغار في دمشق من كثرة ما أوصاه شخصيات المسرحية عندما كان في مشهد منها يريد السفر إلى مدينة حلب.


وفي ساحة المرجة وسوق البزورية بدمشق هناك عدد من المهتمين بالزعتر ومكوناته وتحضيره في ورش خاصة بهم وأغلبهم جاؤوا من مدينة حلب ومعهم عبد القادر سرميني الذي قال: يتكون الزعتر من الكمون وورق الزعتر الأخضر البري واليانسون وهي المواد الأساسية الداخلة في تركيبته ويعتبر تركيبه دواء شعبيا فهو خلطة بهارات أساسية اشتهرت بها مدينة حلب بسبب قيام المختصين فيها بإضافة منكهات جديدة وصحية للزعتر، حيث أضافوا للخلطة زهرة السماق وهي معروفة بحموضتها الزائدة الطبيعية وهي بديل عن ملح الليمون الصناعي وهناك البعض يضيف لها حب الرمان المجفف أو الفستق السوداني بسبب كونه مقويا ويضم معدن الحديد وهو مفيد للإنسان في الصباح ويضاف له السمسم والكزبرة.

والزعتر اشتهر من شخص لشخص أكثر من منطقة لمنطقة، حيث براعة المحضر له هي أساس جودته ولذة طعمه وذلك من خلال تحميصه يوميا. وللأسف ان الزعتر التي تصنعه الشركات التجارية حالياً يستوعب كمية كبيرة من الغش، فمثلا الكمون بدلاً من إضافته محمصا كزهرة يضاف محمصا مع قشره داخل الزعتر. هناك شركات تضيف له قضامة (حمّص) والنوع الأصلي والممتاز هو المؤلف من ورق زعتر بري وفستق سوداني محمص وكمون ويانسون وشمرة وكزبرة وسمسم محمص وحب الرمان المجفف الذي يعطي حموضة طبيعية أو زهرة السماق. هنا الغش من قبل الشركات ببدائل أرخص ثمنا وحب الرمان المجفف يعطي حموضة وهو فاتح شهية في الصباح وزهرة السماق تعطي اللون الأحمر وحامضها طبيعي تماما وهنا يكون قد أصبح لدينا خلطة طبيعية منشطة في الصباح ومع زيت الزيتون صاحب الفوائد المعروفة يشكل وجبة غنية ومفيدة للإنسان.

وقد اشتهرت بتحضير الزعتر الجيد عوائل وأشخاص معينون فالزعتر في حلب يسمى بأسماء العائلات، ومن أهم من اشتهر بها عائلة القبرصي وزعتر ناصر وياسر سرميني اشتهر بحلب انه يحمص الزعتر يوميا قبل أن يبيعه ليشتريه الزبون طازجا تماما مثل تحميص البن اليومي ولديه محمص كامل يشتري منه الناس زعترا محمصا. وكان هناك شخص من آل القبرصي يلبس لباسا شعبيا مع طربوش وكان يبيع يوميا حوالي 20 كيلوغرام زعتر ولا يقبل ببيع كمية أكبر حتى يبقى محافظا على جودته وشهرته. وهناك زعتر نابلس، لكن حلب أخذت شهرة اكبر بسبب الإضافات والنكهات التي أعطت الزعتر خصوصية في المدينة.

ويفضل تناول الزعتر طازجا بشكل دائم وليس مغلفا حتى أن ربات البيوت يستطعن تحضير الزعتر في منازلهن ـ يتابع سرميني ـ بوجود المواد الأولية الداخلة في تركيبه، حيث تقوم بتحميص المكونات على حرارة هادئة ومن ثم تطحن المكونات المحمصة فيصير لديها زعتر ممتاز وأفضل من الزعتر المعبأ والتجاري. وحول اختلاف ألوان الزعتر قال عبد القادر: هناك ثلاثة ألوان للزعتر هي: الأخضر والأشقر والأحمر، فالأشقر تكون فيه نسبة القضامة أي الحمص زائدة وسعره رخيص والبعض يضيف البندق المحمص من باب البطر الزائد؟!... فيصير لونه غامقا والسمسم تستخدمه بعض المناطق مقشورا ويفضل استخدامه بقشره محمصا بحيث تكون التوابل كلها محمصة فتكون النكهة أفضل، أما الأخضر فيكون من دون زهرة السماق وحب الرمان وتشتهر به مدينة نابلس بفلسطين والأحمر بسبب إضافة زهرة السماق له ومن دون إضافة الملح أو ملح الليمون كونه حامضا صناعيا لا ينصح بإضافته للمواد الغذائية.

وحول إمكانية كشف الزعتر الأصلي من المغشوش قال عبد القادر:الكشف بين المغشوش والأصلي يعتمد على المذاق بشكل أساسي، فالشخص الذواق يكتشف الأصلي من المغشوش من نكهته أما غير الذواق فأنصحه بشراء كمية قليلة من الزعتر الطازج وقبل تناوله عليه أن يعرضه لحرارة لكي تسحب الرطوبة منه ولا يفضل تخزينه لفترات زمنية طويلة وحتى إذا كان مغلفا يفضل أن يكون بعبوات صغيرة حتى يبقى طازجا لان مواده الأساسية سريعة العطب، خاصة مع وجود مواد استهلاكية بجوار الزعتر.

هناك من يضيف لخلطة الزعتر الجاهزة مكسرات كزينة ومنها الفستق الحلبي المبشور واللوز المطحون والبندق المطحون أيضاً. ويؤكل الزعتر مع الزيت أو يحضر كمناقيش في لبنان وفي سورية، لكن تختلف المناقيش في البلدين، فالمناقيش اللبنانية تكون خضراء ناعمة بينما في سورية يضاف إليها السمسم وهو مفيد للمعدة صباحا فيكون لون المناقيش بنيا فاتحا ويستخدم الزعتر كساندويتش للتلاميذ في المدارس. وفي دمشق لا يهتمون كثيرا بتحضير الزعتر، لكنهم يوصون عليه المسافرين إلى حلب، فهناك محلات تختص ببيع المنتجات التقليدية مثل الزعتر والصابون الحلبي الغار.