أسبوع باريس لموضة ربيع وصيف 2009 .. يبدأ بنكهة مصرية

مصممة مصرية، وأخرى تايوانية، ونجم من لندن، هم الذين وقع على عاتقهم افتتاح أسبوع باريس لموضة الربيع والصيف لعام 2009 يوم السبت الماضي.


الأولى هي ماري لوي بشارة، التي قدمت في مدرسة اللوفر (إيكول دي لوفر) تشكيلة تتكلم «بالمصري»، من حيث تفاصيلها حول الياقة والأكمام، والأقمشة التي غلب عليها القطن المحلي، بالإضافة إلى ان تنفيذها، كما تؤكد المصممة، تم على أيدي حرفيين مصريين متخصصين. ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تعرض فيها ماري في باريس، إلا أنها المرة الأول التي تعرض فيها بشكل رسمي وباعتراف من فيدرالية الموضة الفرنسية، لتكون أول مصرية تعرض ضمن الأجندة الرسمية لأسبوع باريس.

وتجدر الإشارة إلى أن دار «بشارة» تأسست في الستينات من القرن الماضي على يد الأب، وتوظف اليوم حوالي 1500 شخصا، لكن الابنة ماري لوي أخذت على عاتقها إعادة أمجادها القديمة ونقلها إلى العالمية، وليس هناك طبعا، أنسب من باريس لتحقيق هذا الهدف. وما يحسب لماري لوي في ما قدمته انها لم تغرق في الجانب الإثني أو الإرث المصري، لأنها كما قالت كانت تريد «مجموعة اوروبية» تخاطب الذوق الغربي.

أما التايوانية شياتزي تشين، فترى نفسها مصممة تجمع الغربي بالشرقي، لكنها تلتقي مع ماري لوي في طموحها لدخول العالمية وغزو أسواقها، وفي أنها تنتمي إلى دار بدأت منذ 30 سنة ومعروفة في السوق الآسيوية.

لكن نجم اليوم الأول، بلا منازع فكان غاريث بيو، الذي خسرته لندن في موسمها الأخير، وافتقدت جموحه الفني، وربحته باريس. فمما لا شك فيه أن هذا المصمم الشاب هو أحد ألمع الوجوه البريطانية، وأكثر من يضفي عليها جنونا فنيا تحبه وسائل الإعلام أكثر من المشترين. هذا الموسم، قدم في عاصمة النور والجمال، باريس، تشكيلة ساحرة، قال انه استوحاها من بطلة مسرحية «هاملت» أوفيليا، بجنونها، ومن الملكة إليزابيث الأولى من حيث رزانتها.

فقد أرسل عارضاته في «باليه دي طوكيو» بالأبيض والأسود، بحيث تبدو كل واحدة منهن وكأنها قطعة شطرنج، يتحركن بطريقة محسوبة وآلية لإعطاء الانطباع بأن هناك قوى خفية توجههن، أو خيوطا تحركهن. غاريث وعد قبل عرضه بأنه سيفاجئ الجمهور بقطع مسرحية وتحف تجارية في الوقت ذاته، في دلالة واضحة على أنه استوعب الدرس بأن الفني وحده لا يشبه من جوع، ولم يخلف الوعد.

فالفساتين كانت بالفعل فنية، لكن بالتخلص من بعض الإكسسوارات والمكملات، يمكن ان تكون رائعة في ارض الواقع وفي بعض المناسبات الخاصة. أكثر ما ميزها الكتافيات العريضة والخصر النحيل والأكمام الضيقة إلى جانب إيحاءاتها التاريخية إلى العصر الإليزابيثي. وكعادته ايضا استعمل خامات مستقبلية وغريبة مثل البلاستيك، والمطاط المخلوط بخامات أخرى وما شابه.

وغني عن القول أنه بالرغم من تصميماته الغريبة إلى درجة السريالية، فإن هذا المصمم الشاب، 27 سنة فقط، يتمتع بمعجبات كثيرات على رأسهن المغنية الاسترالية كايلي مينوغ، التي يرجع لها الفضل في شهرته عندما ظهرت في إحدى تصميماته قبل ان يشتهر.

أما مشاركته في أسبوع باريس، فلم تكن تجاهلا للندن، بقدر ما كانت لأهداف تجارية، حسب قوله، خصوصا أنها جاءت نتيجة فوزه بجائزة «اندام للموضة العالمية» التي تقدر بـ152 ألف يورو، وهي الجائزة التي فاز بها الثنائي فكتور اند رولف ومارتن مارجيلا من قبله، وتدعمها الحكومة الفرنسية ومجموعة «إل.في.أم.آش» وجمعية إيف سان لوران وآخرون، وتمنح للمصممين الجامحين إلى الفني أكثر من الذين يخاطبون السوق.

فغاريث إلى حد الآن لا يعتبر من المصممين الذين يبيعون الكثير من القطع، لأنها أصلا غير موجهة للسوق ولا يمكن ان تلبسها امرأة في كامل قواها العقلية في أي مناسبة باستثناء الكرنفالات أو الحفلات التنكرية، ومع ذلك فإن أيا منها تقدر بأكثر من ألف دولار، ولا تباع إلا في المحلات الكبيرة مثل «براونز» بلندن، و«كوليت» بباريس، و«سيفن بارنيز» و«بيرغدورف غودمان» بنيويورك. ما يحسب لغاريث بيو أنه أكثر من جعل الاسود مثيرا بعد اليابانيين، بأسلوبه القوطي الغامض، وإن كان هذه المرة عدل بينه وبين الأبيض. فمعظم القطع، إن لم تكن كلها، غلب عليها الأبيض من الأمام والأسود من الخلف.

أما في دار «بالمان» يوم الأحد، فقد قدم مصممها كريستوف ديكارنين، طبقا مشكلا، جمع فيه قليلا من موضة البانكس، مع جرعة قوية من اسلوب النجمة مادونا والمصريين القدامى مع رشة من فخامة الهند أيام المهراجات. تشكيلة أكد من خلالها هذا المصمم الشاب، الذي التحق بالدار العجوز منذ ثلاث سنوات فقط، انه يعرف كيف يجملها ويدخلها زمن الروك آند رول. كانت الفساتين القصيرة ملتصقة على الجسم بشكل يستحضر موضة الثمانينات وأسلوب عز الدين علايا، أما فساتينه الطويلة فكانت معبقة بنفس قوطي ساحر.

أسلوب البانكس بدا واضحا في البنطلونات الجينز الأنبوبية الضيقة، التي تعمد كريستوف أن يكون بعضها ممزقا، والبعض الآخر مبقعا باللون الأبيض. لكن المظهر العام، كان أبعد ما يكون عن لامبالاة السبعينات وتمرد البانكس، لأنه نسقها مع جاكيتات تميزت بتفصيل مترف وتفاصيل ذكية، سواء تعلق الأمر بالكتافيات الواضحة أو التطريزات، فضلا عن أحذية سهرة في غاية الجمال. أما للمرأة التي لا تريد جذب الانتباه، فقط طرح كريستوف جاكيتات «توكسيدو» ايضا بكتافيات عريضة وياقات من الساتان تم تنسيقها مع بنطلونات جينز تعمد أيضا ان تكون باهتة اللون، وطبعا تناسب المساء والسهرة.

من جهته قدم أوليفييه تيسكينز لدار «نينا ريتشي» تشكيلة لها علاقة بعالم الفروسية، غلبت عليها فساتين قصيرة من الأمام وطويلة من الخلف، ونعومة مشوبة بشاعرية أصبحت من اسلوب هذا المصمم الشاب. وقد تجلت هذه الشاعرية في فساتين شفافة، وبنطلونات تبدو وكأنها متزاوجة مع الفستان أو بالأحرى تنورته. فقد ركز على جزئية بسيطة ادت مفعولا كبيرا، تمثلت في ذيل الفستان الخلفي، الذي يغازل منطقة الركبة، تارة، او يلتف حولها ليتحول من الأمام إلى بنطلون، تارة اخرى. أما الفساتين فجاءت ناعمة من حيث الحجم والطيات والطبقات، حيث جمع في القطعة الواحدة الموسلين بالحرير والساتان. وكان هناك ايضا حنين إلى العصرين الفكتوري والإدواردي من خلال الياقات المنمقة والتفاصيل عند الحواشي والأكمام.

مما لا شك فيه أن الأسبوع سيكون حافلا، وستتخلله عدة أحداث. ففيه سيتم الاحتفال بمرور 40 عاما على دار «سونيا ريكييل» في حديقة «سان كلود» غرب باريس، وهو الحفل الذي يترقبه الكل هنا، غدا الأربعاء ابتداء من الساعة التاسعة مساء إلى ما بعد منتصف الليل، ودعيت إليه 500 شخصية من عالم الفن والأدب، عدا عن وسائل الإعلام، فيما ستقدم مصممة الدار الفنية غابرييل غريس، تحت إشراف المخضرمة سونيا ريكييل نفسها، عرضا مثيرا، يقال ان ثلاثين مصمما سيقدم فيه كل منهم قطعة مستوحاة من اسلوب الدار كتحية لمؤسستها.

كما سنشاهد فيه، يوم الخميس، تشكيلة الوداع التي ستقدمها المصممة الكرواتية إيفانا أوماجيك لدار سيلين الفرنسية، بعد ان تم استبدالها بالمصممة فيبي فيلو، مصممة كلوي السابقة. وكانت هذه الأخيرة قد استقالت منذ ثلاث سنوات من دار «كلوي» وهي في قمة نجاحها، لأسباب اسرية. وعلى ذكر «كلوي» فإن بريطانية أخرى ستمسك بزمام أمورها، هي حنا ماكغيبون، التي ستحل محل السويدي باولو ميليم أندرسون.