أسبوع نيويورك لربيع وصيف 2009 .. تفاؤل اللحظات الأخيرة

كعادة كل اسابيع الموضة للأزياء الجاهزة، ونظرا لمدتها الطويلة، التي قد تصيب بالملل والتعب، فإن المنظمين يتعمدون توزيع الأسماء المهمة على مدى الاسبوع، مع ميل واضح لترك الأهم للأخير.


فالهدف هنا هو ألا يفقد الحضور والمتابعون حماسهم أو ترقبهم للأجمل، وهذا ما حصل بالفعل في أسبوع نيويورك للموضة الذي شهد نهايته يوم الجمعة الماضي.

فقد عرف إيقاعا سريعا في أيامه الأخيرة، وشهد أحلى العروض وأجملها إن صح القول، من مصممين من أمثال تومي هيلفيغر، رالف لوران، بادجلي ميشكا، أوسكار دي لارونتا، أنا سوي، ماثيو ويليامسون وغيرهم من المصممين الذين حرصوا على ان يتحدوا الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها العالم بالأنيق والمتفائل.

قد يستغرب البعض، عند مشاهدة عرض أزياء تومي هيلفيغر، كيف اصبح هذا الاسم مرادفا للأناقة الراقية، هو الذي ظل لعقود مرادفا لموضة الشباب المستوحاة من ثقافة الشارع والبوب.

فقد قدم لربيع وصيف 2009، تشكيلة مبهرة ومنطلقة في الوقت ذاته، مؤكدا انه فعلا غير اتجاهه، وأنه يصوب أنظاره، منذ بضعة مواسم، لإرضاء المرأة الانيقة بغض النظر عن عمرها وجنسيتها، ما دامت تقضي إجازاتها في المنتجعات المترفة.

تشكيلة المخضرم رالف لوران لم تخيب الأمل، فقد قسمها إلى مجموعات مبنية على الوان.

في الأول سادت الألوان الترابية، لتليها تصاميم بالأبيض والاسود مع اكسسوارات معدنية مبتكرة.

لم يكن هناك جديد بمعنى الصادم. فهذا مصمم لا يؤمن بهذا المبدأ بقدر ما يؤمن بأن الاناقة يجب ان تكون كلاسيكية متشبعة بروح العصر، وهذا ما رأيناه مرة أخرى.

بالنسبة لتشكيلة بادجلي ميشكا، فقد جاءت متألقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، سواء تلك الموجهة للنهار أو للمساء والسهرة، بما في ذلك فستان رائع من الساتان باللون الليلكي المطبوع ببتلات صغيرة بالأبيض.

أما في عرضي المصممة أنا سوي، والبريطاني ماثيو ويليامسون، فكانت الرحلة بعيدة إلى ثقافات إثنية غنية، طبعت ألوان تشكيلتهما وتطريزاتها واكسسواراتها.

فأنا سوي، أخذتنا إلى أجواء افريقيا الجنوبية التي روضتها في تصاميم جد أنيقة وشابة، وماثيو أخذنا أيضا إلى اجواء دافئة من شمال افريقيا بفساتينه البوهيمية الطويلة المستوحاة من الجلابيات والعباءات وألوان التوابل.

الملاحظ في معظم العروض، طبعا لكونها موجهة للربيع والصيف، أنها أنستنا ولو لايام أننا نعيش الخريف وبداية الشتاء بكل رماديتهما وقتامتهما، وحملتنا إلى عوالم مشمسة تلونها زرقة السماء ولازوردية مياه البحر واصفرار رمالها الذهبية، يمكن لأية واحدة منا ان تتصور نفسها تختال بها في أي منتجع صيفي، رغم ان المصممين الأميركيين ركزوا على المنتجعات الصيفية في الولايات المتحدة، مثل نانتكات ونيوبورت وغيرهما، وكأنهم بالتركيز على السياحة المحلية قد حلوا الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أميركا.

لحسن الحظ ان فكرة السفر والرحلات التي انطلق منها العديد من المصممين هنا في التفاحة الكبرى، هي مجازية اكثر من أي شيء آخر، يمكن للمرأة ان تأخذ منها ما تريد وحسب المناسبة التي ستحضرها.

فالفساتين منسدلة وبطيات وثنيات فنية رائعة وألوان تتباين بين المتوهج والترابي، مما يجعلها تليق بأهم المناسبات، بما فيها الأعراس، سواء نسقت مع اكسسوارات أم لا، إذ يكفي التلاعب على تسريحات الشعر والماكياج.

ردود الافعال على الاسبوع لم تختلف، فقد اتفق معظم الحاضرين على أنه كان ناجحا في ظل الظروف التي تعرفها البلاد والعالم.

وفي هذا الصدد قال تيم غان، المدير الفني لدار «ليز كليبورن» وأحد نجوم برنامج «بروجيكت رانواي»: نظرا للأزمة الاقتصادية وعدم معرفة ما ستنتج عنه الانتخابات الرئاسية، أعتقد ان الكل يريد أن ينطلق إلى أماكن صيفية، وأنا منهم.

أما رئيسة تحرير مجلة «فوغ» أنا وينتور فقد رأت أن الجو السائد كان مفعما بالتفاؤل، خصوصا ان المصممين ركزوا على نقاط قوتهم حسب ما صرحت به لوكالة رويترز: «لا أحد حاول أن يتبنى الجنون.

ولن نرى الكثير من الأسود أو الملابس القاتمة. ففي هذه الاوقات بالذات، تريد المرأة ان تبدو أنيقة من دون بهرجة أو مبالغة».

ولا شك ان التركيز على فكرة السفر كانت هي الشرارة التي انطلق منها المصممون هنا، لأنها اكدت عبر السنوات انها مضاد ناجح لأية فترة قاتمة، كما أنها وصفة ناجحة منذ استعملها الراحل إيف سان لوران في مجموعته الشهيرة بـ«سافاري»، وغيرها من التشكيلات الخالدة، مثل تلك التي استوحاها من روسيا في السبعينات، ولم تغب فكرة الرحلات عن عروض مصممين عالميين، مثل جون غاليانو، الذي يأخذنا في كل موسم إلى مكان وزمان، مرة إلى مصر القديمة، ومرة إلى البيرو أو اليابان وهلم جرا.

وحتى إذا كانت نية المصممين الاميركيين التشجيع على السياحة الداخلية، فإن سحر البعيد تبقى له دائما نكهة خاصة.