الأطفال .. ومحاذير استهلاك السكر

توصيات طبية جديدة للحد منه واستبدال الفواكه به
توصيات طبية جديدة للحد منه واستبدال الفواكه به

نظرًا لارتفاع معدلات البدانة بين الأطفال حول مستوى العالم وازدياد احتمالية تعرضهم لمرض السكري من النوع الثاني (وهو نوع المرض الذي لم يكن يصيب الأطفال في السابق حتى إن التسمية القديمة له كانت «مرض السكري الذي يصيب البالغين maturity onset diabetes»)، ونظرًا أيضًا للآثار السيئة من المواد السكرية على أسنان الأطفال، فقد انطلقت التحذيرات والتوصيات بضرورة خفض معدلات استهلاك السكر (sugar) في غذاء الأطفال.


وبطبيعة الحال فإن إلزام الأطفال بتخفيض استهلاك المواد السكرية، مهمة ليست بالسهلة، خصوصًا للمذاق الطيب الذي تتمتع به جميع الحلويات بأشكالها المختلفة التي ظلت لعقود طويلة تستخدم كنوع من أنواع المكافأة للطفل حيال إنجازه لمهمة ما، أو امتثاله لأوامر معينة.

توصيات جديدة
ولكن على الرغم من صعوبة المهمة، قررت السلطات الطبية بالولايات المتحدة دخول المعركة ضد الاستهلاك المفرط للسكريات من قبل الأطفال، خصوصًا أن استهلاك السكر أصبح مسألة مؤرقة بالنسبة للأوساط الطبية الأميركية بعد كثير من الدراسات التي ربطت بين استهلاك السكر وكثير من الأمراض.

وفى محاولة للحد من هذا الاستهلاك، أصدرت جمعية القلب الأميركية (American Heart Association) في مجلة الدورة الدموية (journal Circulation) توصيات تحدد الكميات المضافة من السكر التي يجب أن يتناولها الأطفال والمراهقون، ويجب ألا يزيد السكر على هذه الكميات.

والمقصود بالكميات المضافة هي كميات الغلوكوز والفركتوز التي تتم إضافتها للأطعمة والمشروبات من أجل تحسين المذاق، وأيضًا من أجل حفظ هذه المواد في بعض الأحيان، مثل الحلوى والكعك والمياه الغازية التي تحتوي على كميات هائلة من السكريات.

ولكي نعرف حجم المشكلة في دولة مثل الولايات المتحدة، يكفي أن نعرف أنه تبعًا لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن كثيرًا من المراهقين الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و19 عامًا، كانوا يتناولون نحو 16 في المائة من السعرات الحرارية اليومية، وهو ما يعادل 362 سعرة حرارية من السكريات، وذلك في الفترة من 2005 وحتى 2008. وبالنسبة للفتيات في نفس الفئة العمرية، كان الاستهلاك أقل قليلاً ليصل إلى 15 في المائة فقط من الاحتياج اليومي من السعرات الحرارية.

وهذه الكميات تعتبر كميات كبيرة جدًا تبعًا للتوصيات الجديدة لجمعية القلب التي تشير إلى أن الأطفال والمراهقين يجب ألا يتعدى مجموع ما يتناولونه يوميًا من السكريات أكثر من 100 سعر حراري فقط، وهو ما يعادل نحو 6 ملاعق من الحجم المتوسط من السكر.

وأشارت جمعية القلب الأميركية إلى أن الأطفال الأقل من عامين يجب ألا يتناولوا أي سكريات مضافة على الإطلاق، خصوصًا أن هذا السلوك شائع بين الأمهات في بداية الفطام، بإضافة السكر إلى كثير من الأطعمة أو المشروبات لتحفيز الطفل على الإقبال على تلك الأغذية. وشددت على أن الأطفال في هذا العمر لا يحتاجون إلى نفس السعرات التي يحتاجها الأطفال الأكبر عمرًا أو المراهقين، وبالتالي ليس هناك داعٍ لتناول السكر.

وأضافت أنه بجانب ذلك فإن إحساس التذوق يكون في مرحلة التكوين والنمو في هذا العمر، وبالتالي فإن الاعتياد أو عدم الاعتياد على طعم معين هو الذي يحدد السلوك الصحي بعد ذلك في البلوغ.

«جرعات» السكر
وأوضحت الجمعية أن هذه التوصيات بـ6 ملاعق من السكر كحد أقصى يوميًا تشمل جميع الأطفال والمراهقين في الفئة العمرية من 2 وحتى 18 عامًا بغض النظر عن اختلافات السن كل عام أو الجنس حتى يكون الأمر يسيرًا على الآباء ومقدمي الرعاية الطبية أو القائمين على إعداد الطعام في المدارس والحضانات.

وحذرت الجمعية من أن الزيادة في هذه المعدلات تؤثر في صحة الأطفال بشكل بالغ الخطورة وتمهد للإصابة بأمراض القلب في البلوغ، كما يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، ونصحت الآباء بتعويض كميات السكريات المضافة بالفواكه الطبيعية، خاصة التي لا تحتوي على كميات كبيرة من السكريات مثل التفاح.

وتعتبر المشروبات التي تحتوي على المواد السكرية من أكبر المصادر التي يحصل منها المراهقون على السكريات المضافة. وعلى سبيل المثال، فإن علبة المياه الغازية الواحدة تحتوي على ما يزيد على 9 ملاعق من السكر، وإنه يجب أن يتناول الأطفال هذه الكمية مرة واحدة في الأسبوع فقط، ويفترض أيضًا أن تكون الكمية أقل من ذلك.

ونصحت الجمعية الآباء بعدم الاحتفاظ بالعبوات التي تحتوي على كميات كبيرة من المياه الغازية بالمنازل حتى لا تكون متاحة أمام الأطفال بشكل دائم طوال اليوم، ويجب أيضًا الابتعاد عن المواد المكسبة للمذاق السكري، مثل السكرين (saccharine) والأسبرتام (aspartame)، وهي المواد التي تستخدم في المياه الغازية منزوعة السعرات الحرارية لتأثيرها على صحة الأطفال.

وأوصت بضرورة أن تقوم المصانع المنتجة للمشروبات والأغذية بكتابة الكميات المضافة من السكريات على جميع منتجاتها، وهو الأمر الذي سوف يطبق فعليًا في الولايات المتحدة بداية من شهر يوليو (تموز) 2018، لما في ذلك من فوائد صحية وحماية للأطفال ويجب على الآباء أو المسؤولين عن إعداد طعام للأطفال استبدال السكريات بمواد غذائية أخرى مثل الخضراوات.
وعلى سبيل المثال فإن تناول كميات كبيرة من الماء يحد من تناول المشروبات السكرية ويحسن الصحة العامة، حسب دراسات سابقة أشارت إلى أنه كلما زاد تناول مياه الشرب يوميًا قل الاحتياج للسعرات الحرارية والصوديوم.