تقنية حديثة لعلاج سرطان البروستاتا

مازال الكشف الطبي الدوري لا يحظى باهتمام الكثيرين، مما يفقد المريض الكشف المبكر عن الأمراض، ويقلل من فرص نجاح العلاج.

وتتجسد أهمية ذلك في الأمراض الصامتة والخطيرة، كسرطان البروستاتا، الذي تشير الدراسات إلى وجوده لدى نحو 30 في المائة من الرجال، من دون أي أعراض سريرية، بعد تجاوزهم 50 سنة من العمر، الأمر الذي أثبتته عدة اختبارات تشريحية أجريت على جثث رجال توفوا بسبب أمراض لا علاقة لها بهذا الورم.


وهناك أربع طرق رئيسية لعلاج سرطان البروستاتا، وهي: الجراحة لاستئصال الورم، العلاج الإشعاعي لقتل الخلايا السرطانية، العلاج الهرموني لإيقاف نمو الخلايا السرطانية، ومزيج من العلاج بالأشعة والعلاج بالهرمونات. وتستخدم المعالجة الكيميائية أحيانا عندما لا ينفع العلاج الهرموني.

وبفضل تقدم التكنولوجيا والعلوم الطبية، أعلن مؤخرا في الولايات المتحدة أن هناك تقنية جديدة في العلاج الجيني، قادرة على تعديل خلايا سرطان البروستاتا، بحيث تجعل جسم المريض يهاجمها ويقتلها، وتميل الخلايا السرطانية في الجسم إلى التدمير الذاتي، وبذلك أطلق على هذه التقنية اسم «العلاج الجيني الانتحاري».

سرطان البروستاتا هو أكثر أنواع السرطان شيوعا بين الرجال، ففي المملكة المتحدة، تشخص أكثر من 41000 حالة كل عام. وقد أظهرت دراسة، أجراها باحثون من مستشفى ميثوديست في هيوستن في ولاية تكساس الأميركية، أن هذا «العلاج الجيني الانتحاري»، عندما يقترن بالعلاج الإشعاعي، يمكن أن يكون علاجا واعدا لسرطان البروستاتا في المستقبل القريب. وقد وجد في هذه الدراسة تحسن نسبته 20٪ في البقاء على قيد الحياة للمرضى الذين يعانون من سرطان البروستاتا، بعد خمس سنوات من العلاج.

تنطوي هذه التقنية على تعديل سلوك الخلايا السرطانية وراثيا، بحيث تعطي إشارة للجهاز المناعي الخاص بالمريض لمهاجمتها. وعادة لا يميز الجسم الخلايا السرطانية كعدو؛ لأنها تتطور من خلايا طبيعية سليمة من نفس الجسم، خلافا للعدوى التي يتفاعل الجهاز المناعي بالجسم ضدها. وباستخدام فيروس لحمل العلاج الجيني إلى الخلايا السرطانية، تكون النتيجة قيام الخلايا بعملية التدمير الذاتي، وتنبيه الجهاز المناعي للمريض بأن الوقت قد حان لشن هجوم واسع النطاق.

أجريت الدراسة على مجموعتين من 62 مريضا، تلقت المجموعة الأولى العلاج الجيني مرتين، والمجموعة الثانية تلقت العلاج ثلاث مرات، حيث كان جميع المرضى يعانون من سرطان البروستاتا الشديد والأكثر عنفا. وقد تلقى كلا الفريقين أيضا العلاج الإشعاعي.

كانت معدلات البقاء على قيد الحياة بعد خمس سنوات 97٪ و94٪. ورغم عدم وجود مجموعة ضابطة في هذه الدراسة، فإن النتائج أظهرت تحسنا بمقدار 5 إلى 20٪ عن الدراسات السابقة حول علاج سرطان البروستاتا. وكانت نتائج اختبارات خزعة الخلايا السرطانية، التي أجريت بعد عامين من بدء الدراسة، سلبية في 83٪ و79٪ من المرضى في المجموعتين.

إن هذه النتائج يمكن أن تغير طريقة التعامل مع السرطان مستقبلا، حيث يمكن ضخ هذه المواد مباشرة داخل الورم، والسماح للجسم بقتل الخلايا السرطانية ذاتيا. فبمجرد أن تكون لدى جهاز المناعة المعرفة عن الخلايا السرطانية السيئة، فإنه سيقوم بقتلها إذا ظهرت في أي وقت مستقبلا.