هل يمكن للمرأة أن تحمل خلال الحمل؟

في تطور مثير للقلق، يتعارض مع كل ما تعلمناه في مناهج الأحياء والصحة، ذكرت صفحة الأسئلة والأجوبة في صحيفة نيويورك تايمز الشهيرة أنه يمكن للمرأة الحصول على حمل جديد بينما هي حامل بالفعل.


نعم الأمر بهذه البساطة؛ هل لك أن تتخيل؟ فرغم أنك تتوقع أن هذا الأمر مستحيل طبيًّا، إلا أن العلم له رأي آخر يختلف عما تعتقده، ففي بعض حالات النزوات التي تزحف وتسيطر على الجسم البشري، وفي ظل ظروف استثنائية جدًّا، يمكن للمرأة أن تستمر في عملية إنتاج البويضات حتى أثناء فترة الحمل، وبالتالي يمكن لنا أن نتصور بدء تكون طفل جديد، بينما يوجد طفل آخر ينمو بالفعل داخل المرأة، هذه الحالة الخاصة تعرف في الطب باسم «الحمل على الحمل» أو (superfetation).

حمل على الحمل
هذا يعني أنه يمكن لامرأة أن تحتوي في أحشائها على اثنين من الأجنة النامية في نفس الوقت، كل منهما يمر بمرحلة زمنية من النمو مختلفة عن الآخر، وذلك لأن بداية تكون كل منهما تختلف. هل يمكن لأدمغتنا أن تستوعب مثل هذا النوع الغريب من العلم والمعرفة؟

وقبل أن تصاب بالذعر، فإن هذا الأمر من المستبعد جدًّا أن يحدث لك، أو لأي شخص تعرفه. في الواقع، وفقًا لدراسة نشرت في عام 2008 في المجلة الأوروبية لأمراض النساء والتوليد، فإن هذه الحالة وقعت بالفعل في عشر مناسبات فقط جرى تسجيلها في الكتابات العلمية، والمراجع الطبية على مر التاريخ.

ويبدو أن العديد من الادعاءات الخاصة بحدوث الحمل المزدوج على مدى السنوات الماضية قد جرى كشف زيفها بالفعل، ولكن، وفقًا للباحثين، فإن ما لا يقل عن عشرة من هذه الادعاءات يمكن أن تكون مبنية على أدلة حقيقية بالفعل، ومنذ لحظة كتابة الدراسة السابقة، كان هناك عدد قليل جدًّا من الحالات الأخرى.

ففي عام 2009، كانت هناك امرأة في ولاية أركنسو الأمريكية أصبحت حاملًا، لكن المذهل أنها أصبحت حاملًا مرة أخرى بعد مرور أسبوعين ونصف فقط على بداية الحمل الأول، والجميل في الموضوع أنه جرت عملية ولادة كلا الطفلين بنجاح كامل من خلال عملية قيصرية أجريت لهذه المرأة يوم الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، مع طفل واحد كان نموه أكثر من الطبيعي بمقدار أسبوعين، أو بكلمات أخرى فإن أحد الطفلين جرى إنجابه بعد أسبوعين من الوقت الطبيعي الذي كان المفترض أن يجري إنجابه فيه، والسبب يعود بالطبع إلى أخيه الذي احتاج للبقاء في بطن الأم لفترة أطول حتى اكتمال النمو.

وفي عام 2015، حصل زوجان في أستراليا على هذا النوع من الحمل المزدوج، وقد أنجبت الزوجة فتاتين تسبق إحداهما الأخرى بعشرة أيام، فيما يتعلق ببداية تكون الجنين.

كيف يحدث هذا؟
الحمل على الحمل هو في الواقع أمر شائع جدًّا في الثدييات الأخرى خلاف البشر، فقد لاحظ العلماء بالفعل وجود هذه الظاهرة في كل من القوارض والأرانب والخيول والأغنام وحيوان الكنغر. في بعض الأحيان، يكون لهذه الثدييات اثنان من منطقة الرحم لتسهيل عملية الحمل المزدوج، أو في بعض الأحيان تستمر الدورة الشهرية لهذه الأنواع ببساطة أثناء الحمل، حتى أنها تعتبر استراتيجية إنجابية يدوية في بعض الأنواع.

من الأمور المتعارف عليها هو أن الدورة الشهرية للأنثى تتوقف تمامًا خلال فترة الحمل، وهذه الدورة تمثل رحلة إنتاج بويضة جاهزة للتلقيح والإخصاب، ثم عملية التخلص منها في حال لم يجر تخصيبها.

في البشر، يبدو الحمل على الحمل أمرًا نادر الحدوث إلى أقصى حد، وهذا لأنه بمجرد أن تصبح المرأة حاملًا، فإن جسدها يقوم بشكل فعال بوقف أي عمليات حمل ثانية عن الحدوث.

وأوضح جيم كليبورن في إجابته عن سؤال خاص بالحمل المزدوج على صفحة الأسئلة والإجابة في صحيفة نيويورك تايمز: «عادة، تتوقف عملية الإفراج عن البويضات وإنتاجها بشكل كامل في المرأة الحامل، ونلاحظ أن كلًا من التغيرات الهرمونية والجسدية تعمل معًا لمنع حدوث أي عملية حمل جديدة خلال الحمل الحالي».

ولكن لسبب ما، في حالة الحمل على الحمل، فإن المرأة الحامل يكون لديها القدرة على إنتاج البويضات. وباستمرار العلاقة الزوجية بين الجنسين، تتمكن الحيوانات المنوية الخاصة بالذكر من إخصاب بويضة جديدة، إذ تتمكن هذه الحيوانات بوسيلة ما من تجاوز كتلة المخاط التي تسد منطقة عنق رحم المرأة، وهي الكتلة التي تتكون مع حدوث الحمل الأول.

في النهاية، يجب أن تجري عملية زرع لهذه البويضة المخصبة، وهي عملية دقيقة بشكل لا يصدق حتى في حالات الحمل العادية. وعندما تكون المرأة حاملًا بالفعل، فإن الهرمونات التي يمتلئ بها جسدها في ذلك الوقت تعمل على جعل الرحم بيئةً غير مواتية لأي عملية زرع بويضة مخصبة أخرى، أضف إلى هذا أن غرفة الرحم تكون مليئة بالفعل بالجنين الأول، ولا يوجد بها أي فراغ ملائم.

وذكر خليل كاسيمالي في حديث لصحيفة ساينتيفيك أمريكا عام 2011، أنه من أجل حدوث عملية الحمل على الحمل في البشر، يبدو لنا أن ثلاثة أشياء تبدو مستحيلة تحتاج إلى أن تحدث».

وأوضح هذه المستحيلات الثلاثة قائلًا: «الإباضة يجب أن تحدث خلال فترة الحمل المستمر، ويجب على السائل المنوي أن يجد طريقه بوسيلة ما من خلال عنق الرحم المسدود ليصل إلى قناة البيض، وذلك عبر الرحم المحتل بوساطة الجنين نفسه، وأخيرًا، يجب أن تحدث عملية زرع للبويضة المخصبة بنجاح في الرحم المحتل بالفعل»، فما الصعوبة في ذلك!

ليست مثل التوائم
وعلى عكس عملية إنتاج التوائم -التي تحدث إما عندما تنشق البويضة المخصبة إلى قسمين، أو عندما يجري تخصيب اثنين من البويضات من قبل اثنين من الحيوانات المنوية في نفس الوقت- فإن الحمل على الحمل يؤدي إلى أن تكون لدينا امرأة حامل مع جنين إضافي الذي هو أصغر من الحمل القائم بالفعل.

حتى الآن، لم يجر الإبلاغ عن أي حالة من حالات الحمل على الحمل مع فجوة عمرية تكون أكبر من بضعة أسابيع، ووفقًا للدراسة التي نشرت عام 2008 في المجلة الأوروبية لأمراض النساء والتوليد، فإنه عندما يجري التأكد من حدوث الحمل على الحمل، فإن كلا الجنينين يكون لهما كيس سلوي منفصل، كل من الكيسين يختلفان في الحجم على حسب فترة الحمل التي مرت بالنسبة لكل جنين.

ونتيجة لأن حالات الحمل المزدوج هذه ناردة الحدوث، ومعدودة جدًّا لدرجة عدم تمكن العلماء من التعامل معها بشكل جيد، فإنه ليس من الواضح بعد الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الحمل على الحمل، وما إذا كانت هناك أي عوامل معينة يمكن أن تزيد من احتمالات هذه الظاهرة.

لكن كاسيمالي لاحظ أن تقارير حالات الحمل على الحمل هي أكثر شيوعًا في النساء اللواتي خضعن لعلاجات الخصوبة، والتي يمكن أن تفسر السبب وراء اجتياز حاجز أو اثنين من المستحيلات الثلاثة.

وعلى الرغم من أن هذه الحالات نادرة، فمن المستغرب أن معظم الأطفال الذي يجري إنجابهم خلال هذه الحالات يكونون أصحاء، وعلى قيد الحياة.

الخطر الرئيسي هو حقيقة أن الأطفال يجري إنجابهم في نفس الوقت، على الرغم من اختلاف سنهم منذ بدء تكون الجنين، وبالتالي يكون واحد من الأطفال واقعًا تحت تحدٍ إضافي يكمن في إمكانية أن يولد قبل موعده المفترض.