حيل وخدع أصحاب المطاعم .. الطعام في طبقك أقل مما يبدو عليه

في العام الماضي، حضرت مجموعة من الطهاة إلى مطبخ اختبار الأصناف الجديدة من الطعام: راستلي فودز، وهو يقع في فيلادلفيا، بحثا عن نصائح فيما يتعلق بطريقة تقليل كمية الطعام التي من المفضل ألا يشعر بها الزبائن.


ومثل العديد من العاملين في هذا المجال، فإن راستلي قد قام بتطوير مجموعة من الحيل الرائعة، ويشارك جون رويهم، وهو مستشار معين حديثا في الفترة الصباحية، مالك مطعم كونلي وارد، وهو مطعم في ويلمنجتون ديل، في القليل من هذه الحيل. ويهتم رويهم بقطع اللحم، التي سيتم تصغير حجمها قريبا بطرق ماكرة، لكن لديه فكرة عن خليط الروبيان كذلك.

ويقول: «إن ما نفعله هو أن نقوم بوضع الروبيان في الأعواد قبل سلقه، وبذلك فإن حجمه يتمدد عندما نقوم بتقديمه ويبدو كبيرا. وبذلك نستطيع شراء روبيان أصغر بسعر أقل».

وبدافع من ارتفاع أسعار الطعام من ناحية، وخوف الأفراد من التباطؤ الاقتصادي من ناحية أخرى، فإن المطاعم قد بدأت في ممارسة حيل ماكرة. فالطهاة يتلاعبون في وصفات الطعام، حيث يستبدلون المكونات الرخيصة بالمكونات الأكثر سعرا.

وكذلك فإن المديرين يستخدمون أبحاث علم السلوك لتغيير ترتيب قوائم الطعام ـ فيضعون تلك المربحة أكثر في الجانب العلوي على اليمين مثلا، حيث يميل معظم العملاء للنظر إلى هذا المكان أولاً.

ويلجأ العديد من المطاعم إلى وضع الكميات الأميركية الكبيرة ـ وهي كميات كبيرة من الطعام مقارنة بالمقاييس العالمية ـ على قوائم الحمية، سراً في كثير من الأحيان. ويلجأ بعضها الآخر إلى شراء أطباق صغيرة حتى يظهر الطعام فيها كبيرا، أو تستخدم هذه المطاعم الأطباق الفضية الرقيقة حتى يشعر العملاء بثقل الطعام فيها حتى وإن كان هذا الطعام خفيف الوزن.

وعندما تختار مجموعة متنوعة من الأطباق ـ مثل شرائح اللحم على سبيل المثال ـ فإن هذه الأنواع يتم تقليل حجمها وإحاطتها ببعض الأصناف والخضراوات قليلة التكلفة.

ويقول مالك مطعم راستلي فودز، راي راستلي الذي يبيع لنحو 6000 مطعم في نيو جيرسي ونيويورك وديلوار: «لقد نصحنا العديد من عملائنا بالتحول من شرائح اللحم التي تزن 8 أونصات إلى شرائح اللحم التي تزن 2 أو 3 أونصات. فهم يقللون التكلفة بنسبة 25 بالمائة ويغيرون من طريقة تقديم الأطباق، عن طريق وضع بعض الأصناف بطريقة معينة، فيبدو الطعام كثيرا لكنه في حقيقة الأمر يتكلف قليلا».

وهناك بعض المطاعم التي لا تهتم للأثر الذي تحدثه مهارات ترتيب الطعام. ففي مطعم لاكي ديفلز في هوليوود، انخفضت كميات الجوز من 18 إلى 12 أونصة، على الرغم من أن أسعار الطعام لم تنخفض. وفي بلامستد جريل في كريم ريدج بنيوجيرسي، انخفضت أوزان قطع اللحم البقري من 10 أونصات إلى 8 أونصات.

ويقول ستاسي مول وهو شريك في مطعم بلامستد: «لقد اشترينا المزيد من الأطباق الصغيرة كذلك. وقد كان الطهاة يستخدمون الأطباق الكبيرة لأصناف مثل الدجاج، وبدا أن الأمر ليس مناسبا إلا إذا كانت الأطباق ممتلئة. ومع تقديم أطباق أصغر حجما، فإن الطهاة يقومون بطهي كميات أقل».

لندع الشهية تنفتح. فليس صحيحا أن تقليل الكميات التي يتناولها المرء من الطعام سوف يجعله يفقد بعض الوزن في وقت أقرب. فالأمر لا يتعلق بأن تكون أجسامنا نحيفة أو أن تنخفض نسبة الكوليسترول. إن الأمر يتعلق بإنفاق أموالنا في صناعة يعتقد الكثيرون من العاملين فيها ومستشاريها أنها تتراجع بالفعل.

وقد خلُص استبيان حديث أجرته هيئة المطاعم الأهلية إلى أن 46 بالمائة من المطاعم الأعضاء قد شهدت تراجعا خلال شهر فبراير (شباط) عن الشهر السابق له، هذا بالإضافة إلى تراجع قياسي في عدد مشغلي المطاعم وتوقعاتهم. وبالطبع، فإن أصحاب المطاعم الأذكياء يراقبون دائما التكاليف التي يتكبدونها، لكن عندما يجدون ارتفاعا كبيرا في أسعار الجازولين، وعندما ينخفض عدد الزبائن، فإن الأمر يستلزم قيامهم ببعض الخدع.

والمشكلة هي أن الزبائن الدائمين سوف يلاحظون ذلك وسوف ينزعجون منه. ويفضل العديد من المطاعم زيادة أسعار الطعام على التلاعب فيه، وذلك حسب النظرية التي تقول إن الزبائن يفكرون في أسعار قائمة الطعام بالطريقة التي يفكر فيها أصحاب السيارات في ارتفاع أسعار البنزين ـ فهم يكرهون ارتفاع الأسعار، لكنهم لا يلقون باللائمة على محطة البنزين عندما ترفع الأسعار.

لكن تناول الطعام في المطاعم يختلف عن قيادة السيارات، فالزبائن لا ترغب في دفع الكثير من المال مقابل طبق الكاليماري المقلي الذي يتناولونه في أحد المطاعم.

وعلى الرغم من مخاطر تقليل كميات الطعام، إلا أنها تمثل ربحا ماليا كبيرا للمطاعم قد لا نتخيله. ولنأخذ على سبيل المثال، شريحة من لحم البقر تزن نحو 10 أونصات. فإذا كان سعر الرطل يبلغ 20 دولارا، فهذا يعني 1.25 دولار لكل أونصة، ويمكنك شراء شريحة تزن 8 أونصات بدلا من ذلك، وبالتالي ستوفر 2.50 دولار في كل طبق. والمطعم الذي يبيع 100 شريحة في الأسبوع يمكنه بإجراء تعديلات بسيطة توفير 13.000 دولار كل سنة في هذا الصنف فقط.

ومنذ شهرين أجرى مطعم لوبستر هاوس بكاب ماي بولاية نيوجرسي الأميركية تعديلات على طريقة عمل طبق سمك، فقد استبدل صلصة الفودكا والتي تتكلف 70 سنتا لكل طبق بعدد من الخضراوات بنكهة الثوم تتكلف ثلث الثمن.

ويقول جون ثومبسون، وكيل المشتريات في لوبستر هاوس، «مطعمنا هو رقم 14 في الولايات المتحدة، ومثل هذه التعديلات تكون لها فائدة كبيرة». يخطط ثومبسون لزيارة أحد المراكز التجارية في أتلانتك سيتي بولاية نيوجرسي للتعرف على ما يعرضه المئات من بائعي السلع الغذائية.

ويقول كريس منتظر، متخصص في تطوير طرق عمل الأطباق بالشركة المنظمة فوود سرفس، إن لديه الكثير كي يقوم به هذا العام، مشيرا إلى أنه تم تعيين اثنين آخرين معه في العام الماضي بسبب الضغط الشديد. نرى كريس وزميليه معهم ميزان وكومبيوتر محمول ويقومون بوزن محتويات كل صنف في قوائم الطعام، حيث تصبح هناك مشكلة إذا كانت تكلفة أي صنف ـ المواد الخام بعيدا عن تكلفة العمالة وغيرها ـ أكثر من 32 في المائة من السعر الموجود في القائمة.

ولكن لحسن الحظ، فإن لدى كريس الكثير من الحلول لمثل هذه المشاكل. «نصحتهم بأن يزيدوا أي سعر ينتهي بـ 95 سنتا إلى 99 سنتا، فالصنف الذي يكون سعره 10.95 دولار، يُرفع إلى 10.99 دولار والبند الذي يكون سعره 7.75 دولار، يُرفع إلى 7.79 دولار، وقد قامت كل الفروع بتطبيق ذلك. ولن يلاحظ الزبائن هذا لأنها 4 سنتات فقط، ولكنها تعني ما بين 5.000 دولار إلى 15.000 دولار للمطعم كل عام».

ويعلق كريس على طريقة عرض السعر على القائمة، ففي القائمة التي تتكون من عمودين، تكون وصفة الوجبة على اليسار ويوضع السعر بعيدا عن الوصفة بمقدار بوصة أو بوصتين تجاه اليمين، ولكن كريس يرى أن هذه طريقة سيئة، وينصح بعدم وضع العمود الثاني ووضع السعر في نهاية وصف الوجبة.

ويوضح قائلا إنه يريد أن يقرأ الزبائن السعر بعد أن يطلعوا على الوصفة وليس قبلها. والآن وقد قمنا بالجمع بين مسألة السعر وأصناف الأطباق معاً، يجب أن نفكر في مكان وضع كل صنف في قائمة الطعام.

وقد اطلع منتظر على دراسات حول تعقب حركة العين عند قراءة قائمة الطعام. كما يقدم لزبائنه قائمة مقسمة إلى عدة أقسام: النجمات الصاعدة (في أعلى اليمين، وهو مكان الأصناف التي تحقق معظم الأرباح)، وخيول الحرث (في أعلى اليسار، وهو مكان مثالي للأصناف التي تلقى إقبالا يفوق المعدل المتوسط ولكنها تسهم على نحو أقل من المعدل المتوسط في إجمالي الربح)، والكلاب (أسفل اليسار، وهي الأطباق التي تلقى رواجا منخفضا نسبياً وتحقق أرباحاً تقل عن المعدل المتوسط)، وهكذا.

ومن التكتيكات الأخرى التي تحظى بالاستحسان أن تقوم بكتابة السعر بالحروف، بدلاً من استخدام الأرقام، فإن تدفع أربعة وثلاثين دولاراً (مكتوبة بالحروف) أسهل من أن تدفع 34 دولاراً. من المفترض ذلك على أية حال. ويقول منتظر إن كل هذه الأفكار كانت موجودة منذ سنوات، إلا أن عدداً أكبر من المطاعم تستخدمها الآن.

والأمر لا يتعلق فحسب بزيادة أسعار الدقيق والذرة والكريمة والمكونات الأخرى، فقد ازداد عدد الزبائن الذين لا يرغبون في إنفاق الكثير من الأموال، وهؤلاء يكتفون بطبقين من المشهيات أو يشتركون في الطبق الرئيسي. والكلمة الشائعة في مجال المطاعم اليوم هي «القيمة» وتعني عادةً إيجاد سبل لإغراء الزبائن بإنفاق المزيد من الأموال، وذلك عن طريق إعطائهم ما يبدو وكأنه صفقة رابحة.

ويقول مستشارو المطاعم إن هذا هو السبب وراء قيام كل سلاسل المطاعم متوسطة السعر بتقديم عروض تمكنك من تكوين أطباق من اختيارك. وتقديم الطعام إلى الزبائن المستعدين لدفع المزيد من الأموال هو ما جعل كونلي يأتي بفريق عمل مطعمه المتخصص في تقديم شرائح اللحوم إلى «راستيلي فودز» الأسبوع الماضي.

ويوشك مطعم كونلي الذي ظل لسنوات من بين أغلى المطاعم في ديلوار، على أن يقوم بدعاية شاملة وجديدة له، باسم جديد (سي دابليو هاربور سايد) وتجهيزات أكثر عصرية (والحرص على توديع الزبائن ووضع مفارش على الموائد)، وقائمة تحتوي على المزيد من الأطباق الرئيسية بحد أدنى في حدود 30 دولاراً أميركياً وعدد أقل من الأطباق الرئيسية في حدود 45 دولاراً. ويقول جون كونلي، وهو شريك في المطعم: «هناك أشخاص يأتون من أجل الاحتفال بأعياد ميلادهم أو مناسباتهم السنوية. ويحدث ذلك مرتين سنوياً وأنا أريدهم أن يأتوا مرتين كل شهر».

لقد صغُر حجم قطع اللحم كما قلّت الأسعار. فقطعة اللحم الخالية من العظم، والتي تزن 14 أونصة، كان سعرها يبلغ 36 دولاراً من دون أي أطباق جانبية. أما الآن، فقد أصبحت تزن 12 أونصة وتقدم مع البطاطس والخضراوات مقابل 34 دولاراً. ويشوي رويهم شريحتين من اللحم ليرى كيف سيبدو الطبق خارج المطبخ.

ويقول كونلي وهو ينظر إلى قطعة لحم متوسطة النضج تزن 18 أونصة، والتي من المفترض أن تحل محل قطعة لحم تزن 20 أونصة في قائمة الطعام: «السُمك مختلف. ومع ذلك سوف تحصل على تغطية جيدة لطبقك». وعند رحيله، كان كونلي قد قام بالتخطيط لتأسيس مطعم جديد تماما، والذي سيكون هو مطعمه القديم إذا لم تتيسر له الأمور المادية. وعند ذلك، خلع كونلي ربطة عنقه. إنه مكان مصغر من أجل عصر تصغير الطعام. وكونلي متفائل بما يكفي، إلا أنه يقول مازحاً وهو في طريقه إلى الخارج إنه ربما يكون قد اختار مجال العمل غير المناسب له. يضيف: «إذا كنا أذكياء، لكنا محونا المكان من على وجه الأرض وبدأنا في زراعة الذرة».