بعد الحرب الأخيرة .. هل ستبقى بيروت عاصمة الجمال؟

«عاصمة الأناقة العربية»؛ اللقب الذي زين صدر بيروت طيلة السنوات الماضية، ترى هل سيصبح في ذكرى الماضي بعد الأزمة اللبنانية الأخيرة. وبعد أن استبدلت العاصمة اللبنانية بيروت زيها المفتون بالألوان والتصاميم والموضة إلى زي آخر مخضب بالدماء والأسلحة والقتال المشتعل، وذلك بالتزامن مع بدء الموسم الصيفي الذي يعد الحدث الأبرز لدى صناع الموضة والجمال في كافة دول العالم، وفي لبنان تحديداً.


ربما تنتقل تأثيرات الحرب اللبنانية المفاجئة إلى المرأة العربية، في حال فقدت أو تأخرت عن مصافحة أحدث خطوط الموضة اللبنانية، التي أصبحت تعد الأرقى عربياً وذات الذوق الرفيع في عالم الموضة والجمال، إلا أن الهجرة الجماعية لمجموعة من مصففي الشعر واختصاصيي المكياج اللبنانيين إلى دول الخليج العربي ربما يشفع بالكثير من الانتظار والأمل بعودة روح الجمال اللبنانية متنقلة بين كافة الدول، وربما تكون «الموضة» سفير لبنان الأنيق، الباحث عن الأمن والحب والجمال.

المزين اللبناني جو رعد، والموجود الآن في السعودية، رفض التعليق على ما إذا كان سفره جاء نتيجة الوضع المضطرب في لبنان. وعن أسباب الهجرة الجماعية للمزينين اللبنانيين في هذه الفترة، قال باقتضاب إنه يرى أن الوقت غير مناسب على الإطلاق الآن للحديث عن مثل هذه الأمور، وطلب معاودة الحديث في وقتٍ آخر إلا أنه لم يردْ على الاتصالات المتكررة، في حين بدا على صوته الاستياء من الأوضاع التي تشهدها بلاده أخيراً.

وهموم المزينين اللبنانيين قد لا تبدو ظاهرة للعيان، في ظل تداخل المواسم وكثرة التنقلات، وهو ما نقلته كاميرا المخرجة اللبنانية نادين لبكي عبر فيلمها «سكر بنات» الذي حاز مجموعة من الجوائز العالمية، والذي يحكي بإسهاب عن هموم 4 مزينات لبنانيات يعملن في صالون تجميل صغير وسط بيروت. وكان من اللافت تجاهلها أي رؤية للحرب والسياسة، وهو ما علقت عليه لبكي عبر حديث لوكالة رويترز بالقول «كان شيئا طبيعيا ألا أتحدث عن الحرب، لأنني أريد نسيان الحرب وأريد ان تظهر صورة جديدة عن لبنان».

لكن هل فعلاً سيستطيع صناع الجمال في عاصمة الأناقة العربية بيروت تجاهل الأحداث الأخيرة والنهوض؟ ربما يصعب التكهن بأمر كهذا في ظل تزامن الأزمة اللبنانية الأخيرة من قرب دخول الموسم الصيفي الذي كان أفراد الوسط اللبناني متفائلين بأن يشهد انتعاشاًَ على كافة الأصعدة، ربما يعوض ما لحق من خسائر وركود سياحي واقتصادي في السنتين الأخيرتين، إلا أن المرونة الكبيرة التي يتعامل بها صناع الجمال في لبنان مع زبائنهم العرب والخليجيين تحديداً في تنقلاتهم وجولاتهم ومشاركتهم أفراحهم ومناسباتهم عوامل ترجح أن يكونوا أقل المتضررين من الأزمة الأخيرة، خاصة أصحاب الأسماء المعروفة، القادرين على جذب زبائنهم أينما كانوا.

وهو ما تؤكده رنا الدوسري، (جامعية سعودية تستعد لحفل زفافها)، قائلة إنها لا تتخيل أن يقام عرسها دون أن تحيط اللمسات اللبنانية الراقية بكافة تفاصيله من فستان زفاف وتسريحة شعر ومكياج، مرجعة ذلك للثقة والسمعة الجيدة التي يحظى بها الذوق اللبناني، وأضافت أنها حزينة جداً للأوضاع اللبنانية المضطربة أخيراً إلا أنها ترى في الشعب اللبناني المقدرة على تجاوز محنته كما تعود دائماً، بحسب قولها.

وترى هادية موسى، (مصففة شعر لبنانية تعمل في أحد مراكز التجميل السعودية)، أن المزين اللبناني يتأثر ويحزن لما يجري في وطنه، إلا أنه سيعمل دائماً على نشر روح الجمال، مضيفة أن صناعة الموضة رسول أمن وسلام ومحبة، ومعبرة عن ثقتها بألا ينتكس الموسم بسبب الحرب، وأرجعت ذلك لحب الشعب اللبناني للحياة وصموده الدائم أمام المحن.