خلاف علمي حول أخطار علاج أزمة الربو لدى صغار الأطفال

تأخير النمو أهم الآثار الجانبية لبخاخات الكورتيزون الموسعة للشعب الهوائية
تأخير النمو أهم الآثار الجانبية لبخاخات الكورتيزون الموسعة للشعب الهوائية

تعد حساسية الصدر (الربو الشعبي) bronchial asthma من أشهر الأمراض المزمنة في جميع مراحل الطفولة. ويكفي أن نعرف أن 7 ملايين طفل في دولة مثل الولايات المتحدة يعانون من الأزمة الصدرية. وبطبيعة الحال فإن العلاج يكون بشكل مستمر لمنع حدوث الأزمات التي تحتاج للعلاج بالمستشفى. 
 
ويتنوع العلاج بين أدوية الشراب أو الأقراص أو البخاخات.
 
وتعد البخاخة وسيلة جيدة للحصول على نتيجة سريعة لتوسيع الشعب الهوائية ومن دون آلام الحقن، وأسرع في وقت الأزمة من الشراب بطبيعة الحال، ولذلك فإن معظم الأدوية التي تعالج الأزمة موجودة على شكل بخاخات، خاصة وأن البخاخة تصل مباشرة إلى الرئة من دون المرور عبر الجسم عن طريق الفم، وبالتالي فإن الأعراض الجانبية المترتبة على استخدامها أقل من بقية الوسائل الأخرى.
 
آثار جانبية
وهناك جدل كبير حول الآثار الجانبية للعلاج، وخصوصا عن طريق البخاخة، ومن أشهر هذه الأعراض الجانبية تأخير النمو.
 
وعلى الرغم من أن كثيرا من الدراسات أكدت عدم ارتباط استعمال البخاخة بتأخر النمو، فإن أحدث دراسة تناولت الآثار الجانبية لعلاج الربو الشعبي أشارت إلى إمكانية حدوث تأخر النمو بالفعل، خاصة إذا تم استخدام العقار في أول سنتين من عمر الطفل.
 
وكانت الدراسة الفنلندية، التي سوف يتم عرضها في المؤتمر السنوي European Society for Paediatric Endocrinology للجمعية الأوروبية لأطباء الغدد الصماء للأطفال، والذي سوف يعقد في مدينة برشلونة الإسبانية، قامت بفحص كثير من الأطفال الذين يتم علاجهم باستخدام البخاخات التي تحتوي على عقار الكورتيزون.
 
وقام الباحثون بقياس الطول والوزن لكل طفل ومقارنته بالطول والوزن المثالي للطفل السليم في مثل عمره.
 
وتجدر الإشارة إلى أن هناك كثيرا من الأدوية التي تعالج الأزمة. والتوصيات هي بضرورة استخدام الكورتيزون في الحالات الحادة فقط، التي يكون فيها الصفير مستمرا ومتتابعا.
 
ولكن في الأحوال العادية ينصح باستخدام الأنواع العادية من موسعات الشعب الهوائية.
 
وبعض التوصيات تشير إلى تجنب الكورتيزون بشكل قاطع في أول سنتين من عمر الطفل.
 
وقد قام الباحثون بتجميع بيانات 6.391 من الأطفال الذكور وكذلك 6.091 من الأطفال الإناث، وقاموا بقياس الأطوال والأوزان لكل طفل، وكذلك قياس طول الوالدين وأيضا تفصيلات عن العلاج، وطريقة التعاطي سواء عن طريق الفم أو استخدام البخاخة، وكذلك مدى الانتظام في تناول الدواء، وذلك في الفترة منذ بداية الولادة وحتى عمر عامين.
 
وقاموا بمقارنة الأطفال الذين تناولوا الكورتيزون والأطفال الذين استخدموا طرقا أخرى للعلاج.
 
وقد أظهرت النتائج أن الأطفال الذين استخدموا الكورتيزون عن طريق الاستنشاق من خلال البخاخة كانوا أقصر في الطول تبعا لأعمارهم مع أقرانهم الآخرين الذي استخدموا موسعات الشعب الأخرى، خاصة الأطفال الذين استخدموا الكورتيزون لفترات تزيد على 6 أشهر. 
 
وظهر هذا التأثير على الأطفال حتى بعد عمر عامين. وأشارت الدراسة إلى أن خطورة استخدام الكورتيزون ربما لا تكون أقل باستخدام طريقة الاستنشاق خلافا للاعتقاد الطبي السائد، بل ويمكن أن تؤدي إلى آثار جانبية أسوأ.
 
دور الكورتيزون
ووجدت الدراسة أن استخدام الكورتيزون في العلاج تزايد على الرغم من التوصيات بتوخي الحذر في استخدامه، وقد يرجع ذلك إلى الأثر القوي والسريع الذي يلعبه الكورتيزون في علاج الربو الشعبي، خاصة في أوقات الأزمة أو الإصابة المتكررة، مما يجعل كثيرا من الأطباء يعتمدون على العقار بشكل مكثف كونه وسيلة أكيدة لحدوث الشفاء السريع. وفي السابق ركزت معظم الدراسات على أثر الكورتيزون في تأخير النمو للأطفال الأكبر عمرا، وكان الاعتقاد أن هذا التأثير مؤقت وينتهي بانتهاء فترة العلاج.
 
ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة في تركيزها على الأطفال الأصغر عمرا؛ إذ وجدت بعض العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى تغيير النتائج، مثل الإصابة بأمراض أخرى، أو العامل الوراثي، أو استخدام المضادات الحيوية في العلاج؛ إذ إن استخدام المضادات الحيوية بشكل متزايد من الممكن أن يؤخر النمو.
 
وحذرت الدراسة من أنه على المدى الطويل يمكن أن يترك العلاج أثرا مستمرا مما يتسبب في قصر القامة بشكل نهائي.
 
وأوضحت الدراسة أنه يجب استخدام الحذر في وصف الكورتيزون عن طريق الاستنشاق خاصة في الأطفال الأقل من عمر عامين.
 
وبالطبع لا يمكن الاستغناء تماما عن بخاخات الكورتيزون لما لها من أثر فعال في علاج بعض الحالات، ولكن يجب الترشيد والعمل على استبدال بخاخة الكورتيزون بنوع آخر من أنواع البخاخات الموسعة للشعب الهوائية.
 
وتعد الجرعة اليومية من مائة إلى مائتي ميكروغرام من الكورتيزون عن طريق الاستنشاق آمنة، ويمكن زيادة الجرعة تبعا لتوجيهات الطبيب في حالات مرضية معينة؛ مثلا الإصابة بالتهاب فيروسي في الصدر بجانب الأزمة مما يحتاج إلى زيادة الجرعة.
 
ويجب على الأطباء الذين يعالجون الأطفال بالكورتيزون لفترات طويلة متابعة أطوالهم باستمرار وكذلك متابعة الوزن.
 
وأكدت الدراسة على أن استخدام الكورتيزون في جرعات صغيرة، خاصة في الأطفال في عمر المدرسة، قد يكون «آمنا تماما»، ويمكن أن يكون من أفضل طرق العلاج، ولكن يحتاج إلى متابعة دقيقة للجرعة والحالة المرضية، ولا داعي لانزعاج الآباء من وصف الكورتيزون لأبنائهم.