المذيعة العربية .. هل أصبحت مادة دسمة للشائعات !!

نشرت وسائل الاعلام خبرين عن المهمة غير التقليدية للمذيعة العربية ودورها الجديد في المجتمع، وهي غير المهمة المنوطة بها والمتمثلة في قراءة الخبر او تقديم البرامج. والخبر الاول ما نشره موقع يوتيوب عن مذيعة عربية معروفة يتصل بها احد المشاهدين ويطلق كلمة فاحشة بحق أمها، ثم لاتلبث المذيعة وكل ذلك على الهواء وامام الاف المشاهدين أن تبدأ بالسب والشتم ما لا يصح اذاعته على الجمهور.


والحدث الثاني ما حدث وعلى الهواء ايضا حين طلب مشاهد من مقدمة برنامج في اذاعة اسرائيل العربية ان تلبس الحجاب، لكنها ردت ان هذا ليس واجبه وانها اعرف بما تفعل.

المذيعة في برامج الواقع
وعودة الى مذيعتنا الاولى فقد شتمها احمد (هكذا سمى نفسه ) وقال لها (.... امك )، وبعد لحظات من الدهشة والمفاجأة بدت على وجه المذيعة، وبعد ان تمالكت اعصابها التي كادت ان تفلت قالت له : امي اشرف من امك بل واشرف خلق الله، انك انسان بدون اخلاق، ولو كنت رجلا ما هربت ولكنك من انصاف الرجال.

وليس من شك في ان تقنيتين جديدتين اتاحتا للمذيعة ومقدمة البرامج في الوقت الحاضر ما لم يكن متاحا لمذيعات الجيل السابق، والتقنية الاولى هي الاتصال مع الجمهور لإخراج برامج الواقع كما في مثالنا السالف، والثانية هي التجميل وتغيير الوجه والقوام لتصبح المذيعة عارضة ازياء ومقدمة اثارة جنسية ومرئية للجمهور ليصبح جمالها اداة مهمة في وظيفتها، ويصبح التنافس في الموضة والشياكة واللبس والرشاقة والاغراء يتقدم على التنافس في الثقافة والكفاءة.

ملكة جمال الإعلاميات العربيات
 ومن ذلك فوز المذيعة الكويتية حليمة بولند، بلقب ملكة جمال الإعلاميات العربيات مما يبعث على السؤال عن الدور الاخر للمذيعة العربية، وهو دور قديم جديد، طالما اثار جدلا واسعا في الوسط الإعلامي وخارجه، وهو دور المذيعة الجميلة والمثيرة و الدلوعة التي تأخذ بلب المشاهد وتتقن من الحركات والاغراءات مايثير غريزة المشاهد.

ولاشك في ان هناك من المذيعات العربيات والعالميات ممن يتطلعن الى مثل هذا الدور، في حين ان هناك من المذيعات ممن لايسعين وراءه، ونجاحهن يتجسد في كفاءتهن اللغوية والادائية فحسب.

وترى الاعلامية العراقية اعتقال الطائي التي قدمت اشهر برنامج ثقافي عراقي في السبعينات هو ( السينما والناس) ان الشكل والمظهر مهمان، ولكن بشرط ألاّ يطغيا على المعرفة والأداء. وتضيف الطائي... تعتري العالم العربي موجة من التطرف في كل شيء ومن بينها المذيعة والمقدمة فتجدها إما محجبة وإما مبالغة في هندامها بحيث يظل المشاهد (الذي يعجبه ولا يعجبه في الوقت ذاته) طوال الوقت ينتقد إما الحجاب وإما مفاتنها التي كشفت عنها فيضيع المضمون. ولا ننسَ أن هناك نساءً بدون اللبس الخليع يتصرفن وكأنهن عاريات وبالعكس.

الإغراء.. مهنة أخرى
وتعترف مذيعة «روتانا» فرح بن رجب في حوار لها مع وسائل الاعلام ان الميوعة والاغراء في شخصيتها هو نوع من الدلال وتضيف.... انا على الهواء طفلة.

ان مقارنة بسيطة بين مظهر المذيعة العربية والغربية نرى ان الاولى تعتني بمظهرها الخارجي واطلالتها على الجمهور عبر نوافذ الجمال والاثارة اكثر بكثير من نظيرتها الغربية، ومتابعتنا المستمرة لأداء ودور المذيعة الغربية نجده لايتعدى دور الاداء فحسب، بينما يتعدى دور المذيعات العربيات الى ابعد من ذلك بسبب الطبيعة المحافظة للمجتمعات العربية التي ترى في اطلالة امرأة حسناء تحسن استخدام الجمال لإثارة الغرائز، امرا استثنائيا يثير الشائعة والحكايات الغامضة.

وما يؤيد القول البحث الذي اجرته الدكتورة نيكول اوضح أن المرأة تحولت إلى سلعة مربحة بشكل كبير في الوسط الاعلامي، وأصبحت سببا في رواج الكثير من وسائل الإعلام.

ووفقا للنتائج التي أظهرتها نيكول فإن 77 في المئة من الشباب يقبلون على البرامج الشبابية التي تظهر فيها مذيعة شابة جميلة، وأن 60 في المئة منهم ذكروا أنهم سيتوقفون عن متابعة هذه البرامج في حال قدمها مذيع.

مراهقو الفضائيات
وبسبب هذا الدور(الاغرائي ) الاستثنائي للمذيعة العربية، تنتشر بين مراهقي الفضائيات وزوار مواقع الانترنت ظاهرة (ثقافة المذيعات) التي تضم في ناديها مدمني رؤية مذيعة معينة، وعاشقي اخرى، ومريدي ثالثة.

فكميل سعد لم يبخل جهدا في متابعة مذيعة (ام بي سي ) رنا القاسم واضعا صورها في ألبوم خاص ومعلقا بعضها في غرفته، وهو يحلم بلقائها ذات يوم.
يقول كميل إن رنا مثال لجمال وثقافة المرأة العربية وهي امرأة تشعره بالسعادة والانتعاش حين يراها. ولايخفي كميل أمنيته في ان تكون فتاة أحلامه امرأة تشبه رنا.

ويتبادل شباب عربي صور المذيعات ومقابلاتهن في وسائل الإعلام ومواعيد برامجهن، بل ويتبادلون البلوتوث الخاص بمقتطفات مذيعاتهن المفضلات.

المذيعات.. الجمال العربي لمتعطشيه في المهجر
ويتذوق الشباب العربي في المهجر الجمال العربي عبر الاطلالة اليومية لجميلات الشاشة العربية في الفضائيات،فتيسير حلمي الشاب المصري يقلق كثيرا اذا غابت إطلالة مذيعة البي بي سي (نيكول تنوري )، التي تمتلك قوة جاذبة على حد تعبيره.

في حين يحتفظ جمال السيد وهو سائق تاكسي مصري في هولندا بصورة مذيعة الجزيرة ايمان بنورة حيث يقول عنها إنها رمز للإغراء الانثوي العربي.
والجدير بالذكر ان بنورة لم تسلم من شائعات ( او ربما غير ذلك) من انها تحولت الى الاسلام. بينما يتابع الطالب الخليجي احمد سويعدي من الإمارات عن كثب اطلالة نورة عبد الله من شاشة روتانا، ويقول إنها خلاصة الجمال الخليجي الاسمر.

ويقول.. نورة تتميز باهتمامها بشكلها وملابسها لكنها تهتم اكثر بابتسامتها المغرية التي تعلقها فوق شفتيها..

ويرى سليم طه وهو مدرس للاعلام في جامعة بغداد والجامعات الليبية ان الاعلام العربي بدا يحيد عن التوازن بين الكفاءة والشكل ولاسيما الفضائيات العراقية ومنها الشرقية التي استقطبت وجوها نسائية غير معروفة كمذيعات ومقدمات برامج معتمدة في خيارها على الجمال والشكل الخارجي كعنصر رئيس بدلا من الكفاءة، في حين اعتمدت فضائيات اخرى كالعراقية والفيحاء العراقيتين على العلاقات والصداقات والمحسوبية في اختيارها لمذيعاتها. في حين مازالت فضائيات مهمة كالعربية والجزيرة تعتمد على قاعدة التوازن بين الشكل والمضمون.

اما ام بي سي فتحرص على صفات جمالية متميزة لوجوه مذيعاتها يطلق عليه حلمي كامل وهو من مدمني القناة اسم ( الجمال الامبيسي) الى جانب الكفاءة.

يقول احمد كمال انه معجب برزان مغربي فهي فتاة احلامه، كمذيعة متحررة فى ملابسها و كلماتها و أسلوبها، ويضيف احمد.. ان رزان مثال للاغراء الجنسي العربي على حد تعبيره. ووضع احمد صور رزان في كل مكان في غرفته.

ولم تسلم المذيعات من شائعات العلاقات الغرامية وصفقات الزواج السرية، وحكايات تتداولها الالسن لايمكن الجزم بصدق محتواها تتحدث عن زيجات سرية لمذيعات حسناوات مع سياسيين او رجال اعمال وامراء خليجيين.
ويمكن تجسيد الابعاد الاجتماعية لدور المذيعة العربية في الحكاية المتداولة عن الاعلامية هالة سرحان حين اتهمت بالإساءة إلى سمعة بنات ونساء مصر عبر الحلقة التلفزيونية التي استضافت فيها فتيات استأجرتهن وأغرتهن بالأموال كي يظهرن على أنهن فتيات ليل هي الأولى وفق ما نشر في وسائل الاعلام وقتها.
 
وهالة معروفة بجرأتها في طرح المواضيع الشائكة واختراق المحرمات، ما يعده البعض استفزازا لهم، وهي في برامجها تذكرنا بالإعلامية الأميركية أوبرا وينفري التي تقدم برنامج ’أوبرا’ الشهير. وكانت هالة رقصت أثناء تقديمها لبرنامج ’الخيمة’ على قناة A. R. T منذ سنوات وتقول الشائعات ان ذلك كان سببا وراء ايقافها عن العمل في تلك المحطة.

وفي الغرب فإن فضائح العلاقات الغرامية للمذيعات تبدو عادية ومن امثلة ذلك ما نشرته صحيفة "مترو" اليومية الفرنسية عن وجود علاقة غرامية بين فيراري والرئيس نيكولا ساركوزي. وطالبت الصحافية الشقراء التي شقت طريقها بكفاءة إلى المراكز المرموقة، بتعويض قدره 25 ألف يورو على سبيل الضرر.

ودارت شائعات كثيرة ايضا حول السر وراء خلع بسمة وهبة صاحبة برنامج (قبل ان تحاسبوا ) لحجابها الذي اشتهرت به واطلت معه على الجمهور فترة تسع سنوات وانتشرت شائعات وقتها تفيد ان خلع بسمة لحجابها لم يأت هكذا بالصدفة بل ان سرا وراء ذلك.

وترى المذيعة التونسية عربية حمادى في حديثها لوسائل الاعلام ان الشائعات في الوسط الإعلامي ليست غريبة، وهي لا تستثني النجاح بل ربما تستقصد الناجحين أكثر من غيرهم، لأنها سلاح الضعفاء غير القادرين على تحقيق ذاتهم إلا من خلال إطلاق الشائعات على الآخرين والوسط الإعلامي مرتع للشائعات، وهي لا تنطلق إلا من واقع قضايا شخصية تثير مواقف تنتهي بحمل سلاح الشائعات.

ونشرت مواقع انترنت كثيرة كلاما فيه تهجم على برنامج"صناعة الموت" ومقدمته ريما صالحة. وتضمن الهجوم الكلامي دعوات صريحة بقتل المذيعة ريما صالحة التي تقدم البرنامج اضافة الى التهجم على شخصها بعبارات جنسية. وريما صالحة مذيعة في قناة "الجزيرة"سابقا (2000- 2004)، وانتقلت إلى "العربية".

وترى اعتقال الطائي ان الشائعة كالوباء تنتشر بسرعة، والأوبئة تنشأ في مستنقعات راكدة نتنة. أنا شخصياً لم اسمع بأي شائعة عن أي امرأة تعمل في هذا المجال لأنها لا تهمني إطلاقاً. بالنسبة لي السياسة والدين والجنس الذي يدرجونه ضمن الأخلاق جميعها قضايا خاصة بالفرد، فلماذا يجب أن نتدخل بها إذا كنا نؤمن بالحرية الشخصية وبالطبع في عالمنا العربي قولا وليس فعلا؟!

المهم أن يضع كل منا رأسه على وسادته مرتاحاً وشاعراً بأنه على حق ولا يأبه لكل ما تنتجه العقول المريضة من شائعات..