دراسة جديدة تكشف أن الكون بدأ يتلاشى

صورة لمسح جاما لمنطقة في الفضاء تكشف تراجع حجم الطاقة المنبعثة من المجرات خلال ملياري عام 
 
نشر فريق من علماء الفلك مسحا متعددة الألوان لخمس كتل من الفضاء، والتي تقدم أفضل تقدير ممكن حول السرعة التي يتلاشى بها الكون.
 
وحلل الباحثون الضوء القادم من 200 ألف مجرة في 21 طول موجي، ووجدوا أن إنتاج الطاقة من الكون انخفض إلى النصف تقريبا خلال ملياري سنة.
 
ويتفق هذا مع الحسابات السابقة، مؤكدا أن الأضواء تخرج ببطء يمينا عبر هذا الطيف.
 
ويعود هذا التراجع، إلى حد بعيد، بسبب انخفاض المعدل الذي تتشكل به النجوم الجديدة.
 
وكشف العلماء عن النتائج، التي جاءت من مشروع مسح المجرات وجمع الكتلة (غاما)، في اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد الفلكي الدولي في هونولولو، هاواي.
 
وقال البروفيسور سايمون درايفر المحقق الرئيسي في جاما، من المركز الدولي لأبحاث موجات راديو الفلكية في غربي أستراليا:"استخدمنا أكبر عدد ممكن من أجهزة التلسكوب الموجودة في الفضاء وعلى الأرض، لقياس الطاقة المنبعثة من أكثر من 200 ألف مجرة، عبر أوسع نطاق ممكن للطول الموجي."
صور متعددة الأطوال الموجية لمجرة واحدة تكشف تغير حجمها وكمية الطاقة المنبعثة منها 
ويسمح سايمون وفريقه البحثي لعملاء الفلك الأخرين بالحصول على البيانات الهائلة التي جمعوها ويدرسوها أيضا.
 
وأكد ستيفن ويلكنز من جامعة ساسكس، عضو آخر في فريق جاما على أن صدور البيانات يعني أن الكثير من العلماء من خارج الفريق ستكون قادرة على استخدام المعلومات ودراستها، وهو أمر مهم للغاية.
 
وقال لبي بي سي إن قوة غاما هو أنه يجمع بين العديد من الأطوال الموجية، بينما ركزت عمليات المسح السابقة على عدد قليل من الأطوال الموجية للضوء.
 
ولأن الفريق استخدم مجموعة متنوعة من التلسكوبات الأكثر قوة في العالم، سواء تلك الموجودة في قواعد أرضية أو في الفضاء، فإن تحليلاتهم شملت موجات من الأشعة فوق البنفسجية إلى الأشعة تحت الحمراء، بما في ذلك قطاع صغير من الأطوال الموجية المرئية في الوسط.
 
هذا يعني أنهم تمكنوا من بحث الضوء المنبعث من النجوم سواء كانت حديثة النشاة أو قديمة، وكذلك الضوء الذي تم امتصاصه ومن ثم أعاد الغبار ابنعاثه، لذلك فإن التقييم الجديد لتراجع حجم الكون يتضمن معلومات من مجموعة كبيرة من المجرات، بما في ذلك تلك التي كانت مخبأة وراء الغبار.
العلماء استخدموا العديد من التلسكوبات سواء الموجودة في الفضاء أو على الأرض لرسم صورة واقعية لما يجري في الكون 
النوم الأبدي
 
وأضاف ويلكنز "نحن نعلم أن تشكل النجوم بلغت ذروتها قبل بضعة مليارات من السنين، وقد تراجعت العملية منذ ذلك الحين. هذه مجرد طريقة جديدة لقياس هذا الانخفاض."
 
إنها دورة جديدة، "وهي تتفق تماما مع النتائج السابقة - لكنها تضيق على أشرطة الخطأ أيضا."
 
على وجه التحديد، عندما حسب الفريق الطاقة الكلية المنبعثة من المجرات في ثلاث مراحل زمنية مختلفة، وجدوا أن هناك تراجعا مطردا، في المجمل منذ 2.25 مليار سنة إلى 0.75 مليار سنة، سجل الكون انخفاضا في الطاقة الناتجة بنحو 40 بالمئة.
 
كما أن المعدل الذي تتكون فيه النجوم أصبح أبطأ كثيرا، وأننا بدأنا الآن نرى تناقصا في إنتاج الطاقة الكلي لجميع النجوم.
 
يحدث هذا لأن النجوم موجودة بالفعل - في المتوسط - تكبر، أصغر حجما وأقل نشاطا.
 
ولفت البروفيسور درايفر إلى أنه هذه النتائج محزنة لكنها مريحة :" الكون سيتضاءل من الآن فصاعدا، مثل الشيخوخة التي تستمر إلى الأبد"، وشبه الكون في هذه المرحلة برجل :"استرخى على فراش وقد غطى نفسه برداء استعدادا لنوم أبدي."
 
وقال الفريق إن الكون مازال أمامه مرحلة طويلة، ومن المبكر جدا تحديد تاريخ انتهائه.
 
ويشدد ويلكنز على أن "معدل تشكيل النجوم من المحتمل أن ينخفض أكثر فأكثر"، ولذا فإن الكون، بناء على توقعاتنا، سيصبح خافتا أكثر فأكثر، ولكن هناك قدرا هائلا من عدم اليقين لأننا لا نفهم كثيرا من علم الكونيات الكامنة."
 
وأضاف أن الكون كأنه اتكأ على أريكته وسيغفو إلى الأبد..
 
وأوضحت أبراجيتا فيرما، عالمة الفيزياء الفلكية في جامعة أكسفورد إن غاما قدمت بيانات فريدة وذات قيمة، بسبب انتشارها في الأطوال الموجية.
 
وقالت لبي بي سي"نعلم أن المجرات قد تظهر خصائص مختلفة للغاية إذا نظرتم لها بنظرة بسيطة، مقارنة مع موجات أخرى."
 
وأعربت عن سرورها لأن المجتمع العلمي سيستطيع استخدام هذه البيانات، التي "ستفتح المجال لعدد كبير من الدراسات".