كيف يتم توعية الأطفال ضد خطر الاعتداء الجنسي؟

وسائل تعليمية تقلل من احتمالات التعرض له
وسائل تعليمية تقلل من احتمالات التعرض له

يعتقد الكثير من الآباء خاصة في عالمنا الشرقي، أن الحديث عن الأمور الجنسية بشكل عام بالنسبة للأطفال الصغار يكون غير مستحب ويمكن أن يؤثر بالسلب على اتزان الأطفال النفسي، وتكوينهم الأخلاقي، وأن الأفضل تجاهل هذه الموضوعات لحين دراستها بشكل علمي من خلال المدرسة في سن معينة يكون فيه الطفل ناضجا بالشكل الكافي الذي يستطيع استيعاب مثل هذه الأمور. 
 
ولكن، ومع وجود ظاهرة التحرش والاعتداء الجنسي على الأطفال ازداد قلق أولياء الأمور بشأن إمكانية أن يتعرض الطفل لاعتداء جنسي خاصة وأن الطفل في الأغلب لا يخبر والديه عن التحرش إما لعدم إدراكه أو لخوفه من العقاب أو من الشخص الذي تحرش به، وفى الأغلب يكون أكبر عمرا وحجما أو حتى شخصا بالغا. ولذلك أصبحت التوعية ضد التحرش أمرا حتميا لا يمكن التغافل عنه.
 
توعية الأطفال
أحدث دراسة تناولت هذه الظاهرة وتناولت بالتحليل دراسات تم جمعها من عدة مدارس ابتدائية وثانوية من عدة دول حول العالم يصل عددها إلى نحو 6 آلاف مدرسة، أشارت إلى أنه كلما ازداد وعى الأطفال بالتحرش والاعتداء الجنسي زادت نسبة الإبلاغ عن وقوع مثل هذه الأحداث أكثر من أقرانهم الذين لم يتلقوا معلومات كافية حول هذا الموضوع. 
 
وأظهرت الدراسة أن الأطفال الذين تلقوا دورات تدريبية بالمدارس عن كيفية منع الاعتداء الجنسي، أبلغوا عن التحرش بنسبة تصل إلى 14 لكل ألف طفل بينما كانت النسبة لدى الذين لم يتلقوا تعليما 4 لكل ألف طفل. وأوضحت الدراسة أنه لا بد من تعميم مثل هذه الدورات في المستقبل، حيث تشير الأبحاث أن فتاة من كل عشرة فتيات أبلغت بالاعتداء الجنسي عليها في مرحلة من مراحل التعليم بينما تقل النسبة في الأولاد لتصل إلى طفل من كل عشرين في الذكور.
 
وأوضحت الدراسة أن الأطفال الذين يتم الاعتداء عليهم جنسيا في الطفولة يتعرضون لاحقا لاضطرابات نفسية وفى الأغلب يعانون من الاكتئاب وتزيد نسبة إدمان المواد المخدرة أو الكحوليات بينهم واضطرابات الأكل سواء الإعراض عن الطعام أو الشراهة المفرطة، وأيضا يمكن أن يتعرضوا للكثير من الأمراض العضوية. 
 
كما أن الكثير منهم يمكن أن يصبح ضمن الخارجين على القانون ويمارسون العنف كنوع من رد الفعل تجاه المجتمع، وأن نشر التوعية العلمية بين الأطفال بما يتفق مع كل مرحلة عمرية يمكن أن يوفر الوقاية للأطفال من كل هذه المخاطر لاحقا.
 
وأشارت الدراسة التي تتبعت 24 بحثا مقدما من 7 دول حول العالم (الولايات المتحدة وكندا وإسبانيا وألمانيا وتركيا والصين وتايوان) التي شملت آلاف المدارس، أن هناك دولا بالفعل بدأت برامج التوعية منذ بداية الثمانينات. 
 
وهذه البرامج توضح للطفل كيفية التعرف على الاعتداء الجنسي أو التحرش والطريقة التي يفترض أن يتصرف بها حيال تعرضه لمثل هذا الموقف، وأيضا تشدد على أنه لا بد وأن يقوم بالإبلاغ للوالدين أو للمدرسة أو المسؤول المباشر دون أن يخجل أو يخاف من الشخص المعتدي مهما كان حجمه أو عمره أو صله قرابته للطفل، وهو الأمر الذي رفع من نسبة إبلاغ الطلاب الذين تلقوا هذه الدورات وبالتالي أمكن حمايتهم من التعرض لمثل هذه المواقف مرة أخرى.
 
وسائل التوعية
وقامت الدراسة بفحص الكثير من البرامج التي استخدمت في التوعية تراوح بعضها من جلسة واحدة مدتها نحو 45 دقيقة إلى 8 جلسات مدة كل منها نحو 20 دقيقة وبعضها كان متشابها، وجميعها هدفت إلى تعليم الطفل كيفية منع التحرش وعلى سبيل المثال تمت توعية الأطفال بخصوصية الجسد والتفرقة بين أنواع التلامس. 
 
وأيضا تم شرح أعضاء الجسم المختلفة وأن هناك (أعضاء خصوصية private parts) لا يجب أن يقوم شخص آخر بلمسها أو الاطلاع عليها وأن الطفل يجب أن يذهب إلى دورة المياه بمفرده.
 
وأيضا شملت هذه البرامج كيفية إبلاغ الطفل عن هذه الواقعة واختيار الشخص المناسب لإخباره.
 
وأشار البحث إلى أن هذه الدراسات استخدمت الكثير من الوسائل المختلفة لتعليم الأطفال مثل استخدام شرائط الفيديو أو الأقراص المدمجة والكتب الملونة واستخدام العرائس والتمثيليات والأهم اشتراك الطلاب في التمثيل حيث يقوم أحد المدرسين بتمثيل مشهد التحرش مع أحد الأطفال role - play وفتح باب النقاش والتنبيه على الأطفال بتجنب الخروج مع أشخاص لا يعرفونهم بشكل جيد. 
 
وأظهرت 4 دراسات أن الكثير من الأطفال الذين تعرضوا للتحرش تذكروا المواقف التي سبق وأن تم تحذيرهم منها من قبل خاصة عند تعرضهم لنفس الطرق التي شاهدوها من قبل ولكن كانت هناك مشكلة في أن بعض الأطفال يمكن ألا يجيدوا التصرف في الواقع كما أجادوا التصرف في الصفوف الدراسية نتيجة للخوف كما أنه في الكثير من الأحيان لا يستطيع الطفل الهرب أو المقاومة نظرا لضعف تكوينه الجسدي وأيضا حتى على الرغم من الدورات التدريبية يصعب على الطفل معرفة الفرق في الملامسة خاصة في الأشخاص وثيقي الصلة به مثل الأقارب على سبيل المثال. والعكس صحيح بمعنى أن بعض الأطفال يفسرون كل تصرف ودود من الأشخاص المحيطين بهم على أنه تحرش.
 
بطبيعة الحال يحتاج الأمر إلى مزيد من الدراسات لبحث أفضل الطرق لتوعية الأطفال وتلافى نقاط الضعف التي أشارت إليها التقارير، إلا أنه يجب التوعية في كل الأحوال مع التوضيح أن التحرش فعل استثنائي ولا يمثل السلوك الطبيعي مما يجعل الطفل يتعامل بشكل طبيعي مع الآخرين.