لماذا يفضل جون ماكين التنافس مع هيلاري على أوباما ؟

رغم تواضعه ورفضه جزم فوزه في المعركة قبل انتهائها، فقد بات واضحا أنه هو الفائز. مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية أصبح معروفا وبدأ يستعد لخوض المعركة الرئاسية ضد منافس ديمقراطي.. ولكن أي منافس؟


الخصم بات واضحا بالنسبة الى الديمقراطيين، هو جون ماكين الرجل الذي تحمّس أكثر من الرئيس جورج بوش لشنّ حرب العراق، والعسكري القديم الذي يريد إبقاء جيوشه فيها لاكثر من مئة عام. استعدادات الانقضاض عليه بدأت.

والمرشحان الديمقراطيان بدآ المواجهة معه قبل ان يحسما المواجهة بينهما. الانقضاض عليه يبدو سهلا. فالفوز على مرشح ينتهج سياسة أكثر تشددا من سياسة بوش، التي سئم منها الاميركيون، يبدو حتما سهلا. على الاقل هذا ما يبدو عليه الامر.

لكن الواقع أكثر تعقيدا. ففي آخر استطلاعات للرأي أجرتها شبكة «سي إن إن»، يبدو أن كلينتون قد تفوز على ماكين بفارق ضئيل لا يتعدى الثلاث نقاط، مع هامش خطأ ثلاث نقاط. وأظهر استطلاع آخر للرأي أجرته صحيفة «تايم» في الموضوع نفسه تعادل الفرص بين ماكين وكلينتون. الا انه حين تستبدل كلينتون باوباما، يرتفع الفارق الى 8 نقاط لصالح اوباما في استطلاع الـ«سي إن إن» مقابل 7 نقاط في احصاء الـ«تايم».

في كلتا الحالتين، يبدو أن أوباما متقدم على كلينتون وبامكانه الفوز على ماكين بسهولة أكبر. وأظهر الاستطلاع أيضا ان اوباما تمكن من جذب نسبة أكبر من أصوات الرجال له، وأن نسبة النساء التي ستصوت لاحدهما متساوية. واذا صحت استطلاعات الرأي تلك، قد لا يعود ماكين مضطرا لاجتذاب القاعدة المحافظة في الحزب الجمهوري، التي يجد صعوبة كبيرة في اقناعها بالتصويت له، في حال فوز هيلاري بترشيح حزبها.

ويقول محللون إنه بقدر ما يكره الجمهوريون المحافظون ماكين ويعتبرونه ليبراليا بالنسبة اليهم، فان كرههم لهيلاري كلينتون، أو لآل كلينتون، هو أكبر بكثير. فهم يفضلون التصويت لأي كان في مواجهتها، فقط لانهم يريدون اسقاطها وليس انجاح خصمها بالضرورة، فبالاضافة الى حرب الثقافات التي تفصل بين القاعدة الجمهورية المحافظة والديمقراطيين المتحررين، ينظر الجمهوريون الى آل كلينتون، أو الرئيس السابق بيل كلينتون تحديدا، على أنهم هم من أنهوا سنوات من «الزمن الذهبي» للحزب الجمهوري في البيت الابيض.

فبيل كلينتون كان الرئيس الديمقراطي، الذي أخرج الجمهوريين من البيت الابيض بالتغلب على جورج بوش الاب، في وقت كان الحزب الجمهوري يعتبر نفسه «صانع أمجاد» الولايات المتحدة. فقد قاد الرئيس الاميركي الجمهوري رونالد ريغان بلاده الى الانتصار في الحرب الباردة وفي حرب الخليج الاولى.. وأعاد الثقة الى الحزب الذي بدا على حافة الانهيار مع الرئيس السابق ريتشارد نيكسون، وأصبحت القناعة الثابتة لدى قاعدة الجمهوريين، أن حزبهم هو حزب القيادة والمجد.

واليوم لا يمكن للجمهوريين فصل هيلاري كلينتون عن زوجها، وهم يعتبرون انتخابها إعادة انتخاب لزوجها، خاصة أن بيل كلينتون أدخل نفسه الى قلب المعركة، بطريقة جعلت الكثيرين حتى داخل الحزب الديمقراطي يبتعدون عن التصويت لهيلاري.

ويبدو أن المسؤولين عن حملتها الانتخابية تنبهوا للامر بعد انتخابات جنوب كارولينا، حيث فاز اوباما بفارق كبير بلغ 28 نقطة، وهو أمر قال المحللون إن أحد اسبابه استياء الكثيرين من الانتقادات اللاذعة التي وجهها بيل كلينتون الى اوباما. وحتى أن تدخل بيل في الحملة الانتخابية بطريقة فاضحة، شكل احراجا لزوجته، التي اضطرت للدفاع عن نفسها مرارا والتأكيد على أنها هي من ستتولى زمام الامور في البيت الابيض في حال فوزها وليس زوجها.

ولفت أمس تصريح للرئيس الاميركي السابق كلينتون يعترف فيه بارتكابه خطأ بتدخله الكبير في حملة زوجته، وتأكيده على أنه «اعتبارا من الان»، سوف يقوم بما يطلب منه. حتى أنه أعلن أنه لن يكون عضوا في الحكومة في حال فوز زوجته، ولن يتفرغ ليكون من ضمن فريقها. ومما ما جاء في تصريحه: «اعتقد ان الخطأ الذي ارتكبته كان التفكير باني زوج مثل اي زوج اخر يدافع عن مرشحته... اعتقد انه بامكاني الترويج لهيلاري ولكن ليس الدفاع عنها لاني كنت رئيسا».

فهل يحاول بيل كلينتون استباق هجوم الجمهوريين في حال فوز زوجته بترشيح الحزب، وتفادي انقضاضهم عليها من خلاله هو؟ قد يكون الأوان قد فات. وفي جميع الاحوال، فان كره الجمهوريين لها ليس السبب الوحيد الذي يجعلها أضعف من أوباما في مواجهة ماكين. فالجمهوريون سيستغلون ايضا تصويتها للحرب على العراق ويتهمونها بالمناورة... وهو أمر لا يمكنهم اعتماده مع أوباما، الذي يكرر بنفسه أن هذه نقطة من نقاط قوته التي تجعله مؤهلا أكثر لاعادة حزبه الى البيت الابيض.

ولكن بالاضافة الى كل ذلك، فان الرجال ببساطة لن يصوتوا لها، بل يفضلون التصويت لماكين في حال كانت هي مرشحة الحزب الديمقراطي. وتقول استطلاعات الـ«سي إن إن» إن ماكين يتقدم بـ18 نقطة في أصوات الرجال عليها، في حين يتقدم على اوباما بـ 3 نقاط فقط، علما بأن الرجال هم من كل الاعراق بمن فيهم الاغلبية البيضاء. لا شك اذا ان ماكين يفضل وصول كلينتون على اوباما، فنقاط ضعفها أكثر بكثير من نقاط قوتها بالنسبة الى الجمهوريين والمستقلين.