بسبب ندرة الياقوت .. الجمال والأناقة في وجه السياسة

الياقوت أو «ملك الأحجار الكريمة» كان المفضل لدى الملوك والطبقات الثرية في كل الثقافات وعلى مدى التاريخ، فالألماس لم يكتسب مكانته البارزة إلا في القرن العشرين، ويتوقع ان يصبح الياقوت الاحمر المستخرج من مناجم موغوك في بورما اكثر ندرة في السوق العالمية، والسبب مقاطعة عدد كبير من الصاغة الاميركيين والاوروبيين مبيعات هذا الحجر الكريم تعبيرا عن معارضتهم لنظام رانغون، الذي يشكل ما ينتجه من حجر اللازورد او الياقوت الازرق 90% من الانتاج العالمي.


ردة فعل الفريق العسكري الحاكم، الذي قمع أخيرا تظاهرات نظمها رهبان بوذيون، كانت تنظيم عملية بيع بالمزاد العلني لـ 5500 مجموعة من احجار الياقوت البورمي البشم (الجاد)، تهافت عليها حوالي الفي مشتر اجنبي من الصين وتايلاند، لكن غياب الصاغة الاميركيين والاوروبيين، الذين رفضوا المشاركة في المزاد التزاما بالحظر المفروض على بورما، اثر في مبيعاته ولا شك سيؤثر في ما سنراه في الأسواق من تصميمات وأسعار، حسب رأي الخبراء.

فقد أعلنت دار شانيل الفرنسية لوكالة فرانس برس انها «قررت وقف شراء الياقوت الاحمر من بورما حتى اشعار آخر». كذلك اتخذت دارا كارتييه وبولغاري قرارات مماثلة. ولم تنتظر دار» تيفانيز» الأمريكية موجة القمع الاخيرة في رانغون حتى تتوقف عن شراء الاحجار الكريمة البورمية، إذ قالت انييس كرومباك المسؤولة عن تيفانيز في فرنسا «كنا اول من اتبع توصيات الادارة الاميركية التي دعت في مذكرة تحمل تاريخ 28 اب/ اغسطس 2003 الى التوقف عن استيراد كافة السلع البورمية. ومنذ ذلك التاريخ لم نشتر اي من الاحجار الكريمة المستخرجة من مناجم هذا البلد».

وأضافت: «حتى بعد تخفيف مذكرة الكونغرس في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2004 لم نغيّر موقفنا وواصلنا مقاطعتنا لها». أما ما نراه في محلات تيفانيز من مجوهرات مرصعة بالياقوت الاحمر البورمي، فهو من مخزونها من الاحجار الكريمة الذي كونته قبل 2003.من جهته اوضح مدير مختبر الجواهر الفرنسي التابع لغرفة التجارة والصناعة في باريس ايجا غارسيا غييرمينيه «ان احجار الياقوت الاحمر والازرق التي ترصع بها طواقم المجوهرات في ساحة بلاس فاندوم (باريس) هي بمعظمها من الاحجار القديمة، لأنه من النادر اليوم ايجاد احجار كريمة من نوعية جيدة جدا في مناجم موغوك».

ورغم انه من الصعب تحديد تاريخ استخراجها، الا ان عين الخبير يمكنها معرفة منشأ الاحجار المستخرجة حاليا من المناجم والمصقولة في تايلاند، اول سوق عالمية لصقل الحجارة الملونة وتسويقها. واوضح ديدييه فريدياني احد اكبر صانعي الحلي الفرنسيين الذي «يعمل» في مصنعه في نيس على 40 الى 50 نوعا من الاحجار الملونة ان «خصائص الياقوت الاحمر البورمي تختلف عن خصائص الحجر المستخرج في مدغشقر. انها اشبه بنفثات سيجارة». يبقى ان تحديد منشأ الاحجار ليس عملية سهلة، اذ ينبغي اجراء تحاليل متقدمة جدا في مختبرات الجواهر لتحديد منشأ حجر غالبا ما يكون تنقل كثيرا.

ويبيع البورميون والتايلانديون والافارقة والمالاغاش والكولومبيون الاحجار الى الهنود الذين يقومون بصقلها وبيعها وهم معروفون منذ اكثر من ثلاثة اجيال بانهم من أهم تجار الاحجار الكريمة في العالم. ومن الأسواق المهمة حاليا لهذا الحجر الكريم، الصين، بعد انتعاشها الاقتصادي. فالصينية، على ما يبدو تفضله على الالماس، لأنه يتناغم مع بشرتها اكثر ويضفي عليها الدفء والجاذبية.