أغتيال أول امرأة في العصر الحديث تقود بلدا مسلما .. مقتل بينظير بوتو في عملية أرهابية

اغتيلت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة والزعيمة المعارضة بينظير بوتو الخميس 27-12-2007 في هجوم انتحاري اسفر عن مقتل 20 شخصا آخرين على الاقل في ختام تجمع انتخابي في روالبندي بجوار اسلام اباد، وذلك قبل اسبوعين من الانتخابات التشريعية.


ويخشى ان يؤدي هذا الاغتيال الى تأجيج التوتر في البلاد قبل اسبوعين من الانتخابات.

واغتيلت بوتو بعيد القائها كلمة خلال تجمع انتخابي في روالبيندي. وقالت مصادر متطابقة في الشرطة ان الانتحاري فتح النار اولا فاصاب بوتو في العنق اثناء رفع يدها لتحية انصارها من داخل كوة سيارتها المصفحة المفتوحة وهي تغادر المكان. وعلى الاثر قام المهاجم بتفجير القنبلة التي يحملها.

واسفرت العملية عن مقتل عشرين شخصا على الاقل، بالاضافة الى بوتو، وجرح 56 على ما اعلن الناطق باسم وزارة الخارجية جواد شيما.

وتوفيت بوتو في المستشفى ولم يعرف ان كانت توفيت بسبب اصابتها في اطلاق النار ام في الانفجار.

ووقع الاعتداء في روالبندي، وهي مدينة كبيرة تحاذي العاصمة الباكستانية. وانتشرت في المكان العديد من الجثث الممزقة على الطريق بعيد الحادث.

وهذا الحادث هو الاخير في مسلسل العمليات الانتحارية الذي لم تشهد له باكستان مثيلا من قبل واسفر عن قرابة 800 قتيل خلال العام 2007.
 
نعش بينظير بوتو عقب أغتيالها"ابنة القدر" واجهت قدر أبيها ..اغتيال بوتو 
رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنازير بوتو هي أول امرأة في العصر الحديث تقود بلدا مسلما في الخامسة والثلاثين من عمرها.

وتولت بوتو مرتين رئاسة الوزراء في باكستان، من 1988 الى 1990 ومن 1993 الى 1996. لكنها في كل مرة كانت تقال من منصبها بتهمة "الفساد" و"سوء الإدارة". وسجن زوجها بتهمة الفساد أيضا بين 1996 و2004. وفضلت العام 1999 الهرب إلى لندن ومنها إلى دبي لتفادي المصير نفسه.

ومنذ عودتها من منفاها في منتصف أكتوبر/تشرين الاول, أصبحت أحد أبرز الوجوه المعارضة للرئيس برويز مشرف استعدادا للانتخابات التشريعية والإقليمية المقررة في الثامن من يناير/كانون الثاني. وكان مشرف تولى السلطة بانقلاب ابيض العام 1999.

وفي الرابعة والخمسين, تمكنت من العودة الى بلادها قبل شهرين من دون قلق بعدما عفا عنها مشرف في إطار مفاوضات بين الجانبين حول تقاسم مقبل للسلطة.

كانت دائما رمز للمرأة المسلمة العصريةلكنها ادارت ظهرها للرئيس الباكستاني قبل شهر, وذلك بعدما فرض حال الطوارىء متذرعا بالتهديد الإرهابي الإسلامي. واتهمته بالسعي إلى الاحتفاظ بالسلطة بكل الوسائل.

ولدت بوتو في 21 يونيو/حزيران 1953. وهي الابنة الكبرى لرئيس الوزراء الباكستاني السابق ذو الفقار علي بوتو الذي شنق في أبريل/نيسان 1979. وبينظير هي أكبر أربعة أبناء لذو الفقار من زوجته الثانية نصرت إصفهاني (الإيرانية من أصل كردي). وتلقت بوتو دروسها في جامعة هارفرد في الولايات المتحدة ونالت دبلوما في الفلسفة من جامعة أوكسفورد.
 
الانفجار قتل عشرة أشخاص على الأقل 
تأثرت بينظير بوالدها ذو الفقار على بوتو وبالحياة الغربية التي عاشت فيها سنوات طويلة من عمرها وأفردت ذلك على صفحات الكتاب الذي ألفته عام 1989 عن حياتها الخاصة والعامة وأسمته "ابنة القدر". وتعتبر بوتو نفسها داعية من دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وتؤمن بدور فعال لمؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها البرلمان. وتدعو إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإصدار عفو عام عنهم.

بينظير بوتو في اللقاء الانتخابي الأخير لها قبيل اغتيالها وكان والدها ذو الفقار علي بوتو زعيما لحزب الشعب الباكستاني ورئيسا للبلاد من 1971 حتى 1973 ورئيسا للوزراء من 1973 حتى 1977 عندما أطاحه الجنرال محمد ضياء الحق في انقلاب عسكري. وعام 1979 نفذ فيه حكم الإعدام شنقا، عندما أدانه النظام الجديد بإصدار الأمر لقتل أحد خصومه السياسيين، عندما كان في سدة الحكم.

تلقت بي نظير بوتو تعليمها العالي في الغرب بجامعتي هارفارد الأميركية وأوكسفورد الانجليزية. وعام 1971 اضطرت لمغادرة هارفارد الى نيويورك، بعدما أرسلت الهند قواتها الى شرق باكستان (الذي صار في ما بعد بنغلاديش) وأتى والدها الى الأمم المتحدة في محاولة لحل الأزمة. وفي نيويورك عملت بي نظير مساعدة له، مما فتح لها نافذة واسعة إلى خبايا العلاقات الدولية، وقدم لها خبرة سياسية ثرة بدأت بها المشوار الى المنصب السياسي الأعلى في البلاد.

أثناء دراستها في اوكسفورد صارت أول آسيوية تترأس اتحاد طلاب الجامعة. وبعد تخرجها عام 1977 عادت الى باكستان قبل أيام قلائل من الانقلاب الذي أطاح والدها. وبعد إعدامه عام 1979 تولت مع والدتها قيادة حزب الشعب الباكستاني. لكن نظام ضياء الحق وضعها قيد الإقامة المنزلية حتى عام 1984 فرحلت الى بريطانيا وعادت منها عام 1986 عندما رفعت الأحكام العرفية وسمح للأحزاب السياسية بالعمل مجددا.

لم تكن بوتو قادرة، كزعيمة لحزب الشعب الباكستاني في منفاها في بريطانيا، على إحداث أثر يذكر داخل باكستان نفسها. بل ان هذا الوضع استمر حتى بعد عودتها الى البلاد، وتغير فقط بعد ممات ضياء الحق في حادث سقوط طيارته عام 1988، بعد أقل من ثلاثة أشهر على إعلانه السماح بإجراء انتخابات تعددية في وقت لاحق. وعندما أجريت تلك الانتخابات ـ بعد عقد من الحكم العسكري ـ منح الناخبون حزب الشعب الباكستاني، أغلبية هائلة في البرلمان، وانتخبت بوتو نفسها رئيسة للوزراء في 16 نوفمبر 1988. وأدت اليمين الدستورية في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، لتصبح أول امرأة تحتل المنصب في بلد مسلم.

ولكن في أغسطس (آب) 1990 طردها الرئيس غلام إسحق خان من منصبها بعد ان اتهمها بالفساد وعدم الكفاءة. وفي الانتخابات التي تلت عانى حزبها من هزيمة مدوية فصارت زعيمة للمعارضة في البرلمان. وفي منصبها هذا أدت بها محاولاتها إطاحة الحكومة الى نفيها عام 1992 الى كراتشي ومنعها من دخول العاصمة إسلام اباد.

بوتو بعد فوزها بمنصب رئيس اتحاد اكسفورد في نوفمبر 1976في أكتوبر (تشرين الأول) 1993، وفي أعقاب استقالة غلام إسحق خان ورئيس الوزراء نواز شريف (بعد اتهامه بالفساد هو أيضا)، انتخبت بوتو رئيسة للوزراء مجددا، على انها واجهت حملة بأن حكومتها لا تقل فسادا عن سابقتها، إضافة الى التذمر العميق إزاء عجزها عن كبح جماح العنف الطائفي في كراتشي وغيرها.

وعندما قتل أخوها وخصمها السياسي مرتضى بوتو في معركة مع قوات الأمن في سبتمبر (ايلول) 1996، اتهمها الكثير من الناس ـ بمن فيهم والدتها ـ بأنها هي التي أمرت بقتله، كما اتهموا زوجها آصف بالتورط في الجريمة. ومع تدهور حالة البلاد الاقتصادية والاتهامات بفساد الدولة حتى النخاع وتنامي المظاهرات الغاضبة المعادية للإدارة، حل الرئيس فاروق أحمد ليغاري حكومتها مجددا في نوفمبر 1996.

وفي الانتخابات التي تلت في فبراير (شباط) 1997، مني حزب بوتو بخسارة فادحة (حصل على مجرد حفنة من المقاعد) أمام «عصبة باكستان الإسلامية» بزعامة نواز شريف. ومع ذلك أيدت بوتو في ابريل (نيسان) 1997 تعديلات شريف الدستورية التي تحرم الرئيس من الحق في حل الحكومات.

في يونيو 1998 وجهت مجموعة من المحامين السويسريين الاتهام لبوتو وزوجها بغسل الأموال في مصارف سويسرية. وفي ابريل 1999 أدانتها محكمة في روالبندي بتهمة الفساد وحكمت عليها غيابيا بالسجن خمسة أعوام ومنعتها من ممارسة العمل العام. فنفت نفسها الى لندن ودفعت ببراءتها من هناك. وفي ابريل 2001 نقضت المحكمة الباكستانية العليا الحكم الصادر في روالبندي، وأمرت بإعادة المحاكمة (لم تحضرها وحكم عليها بالسجن ثلاث سنوات لذلك).

من الثابت انه في عهدها قويت شوكة طالبان في أفغانستان المجاورة بدعم مالي ولوجستي مباشر من حكومتها. وعندما تولت الحركة الأصولية الحكم في كابل، كانت باكستان إحدى ثلاث دول فقط اعترفت بها. وظلت الحكومات التي تعاقبت على باكستان من بعدها تدعم طالبان حتى هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة.

عام 2002 استحدث الرئيس الجنرال برويز مشرف تعديلات جديدة على الدستور، تمنع رؤساء الوزارات من البقاء في المنصب لأكثر من ولايتين. وهذا الأمر يمنع بوتو من العودة للحكم مدى الحياة، إلا إذا ألغيت تلك التعديلات. وثمة اعتقاد وسط المراقبين أن دافع مشرف هو خوفه من ان يفقد سلطته في حال عودة الديمقراطية الى البلاد.

عاشت بوتو قبل انتقالها الى العاصمة البريطانية والى بلادها في 18 أكتوبر الماضي في دبي منذ عام 1998 حيث كانت ترعى أبناءها الثلاثة ووالدتها، التي كانت تعاني من مرض الزهايمر. وكانت تتوجه من هناك الى مختلف أنحاء العالم لتلقي المحاضرات وللالتقاء بأنصارها السياسيين. وقد التقت وأبناؤها بزوجها وأبيهم في ديسمبر 2004 بعد فراق دام خمس سنوات. يذكر انها كانت قد نشرت عام 1988 كتابها «ابنة المصير» بالانجليزية عن سيرة حياتها.

في أوائل العام الحالي، أعلنت بوتو نيتها العودة الى باكستان لخوض انتخابات البلاد في مطالع العام الجديد، وهو ما فعلته رغم تصريح الرئيس مشرف في مايو الماضي، بأنه لن يسمح بذلك. وقد أثارت عودتها تكهنات قوية (لم تنفها) بأنها توصلت الى صفقة لتقاسم السلطة مع مشرف بحيث يتولى هو الرئاسة بينما تتولى هي رئاسة الوزراء. يذكر انها تعرضت لمحاولة اغتيال سابقة بعيد عودتها الى باكستان في 18 أكتوبر، إذ استهدف موكبها بقنبلتين انتحاريتين، ووجه أصبع الاتهام الى الإسلاميين من أتباع «القاعدة» وطالبان.

تزوجت بوتو العام 1987 من آصف علي زرداري وهي أم لثلاثة أولاد.