أطباق سعودية قديمة تغيرت مع العصر

شكل القمح الغذاء الرئيسي لمعظم سكان الجزيرة العربية قديما وحديثا، وحرص المزارعون في مختلف أنحاء السعودية على زراعته والاكثار منه.


وحافظ سكان وسط الجزيرة العربية على أنواع من الأكلات الشعبية تعمل من القمح بنوعيه الرئيسين: الصما، واللقيمي. ويستخدم الصما أو ما يعرف بالقمح الطري أو اللين في عمل ثلاث وجبات شعبية شهيرة في المنطقة الوسطى هي: «القرصان» و«المرقوق» و«المطازيز»، أما النوع الثاني وهو القمح الصلب (اللقيمي) فيستخدم لعمل أنواع من المأكولات أهمها وأشهرها «الجريش»، كما يعمل من القمح أكلات شعبية تستخدم غالبا في فصل الشتاء وهي المحلى، والحنيني.

ودخلت الكبسة كأكلة شعبية مفضلة لدى السعوديين وعموم دول الخليج العربي رغم أن مادتها الاساسية «الأرز»، وهي مستوردة من الخارج.

ولاعطاء هذه الوجبة صفة شعبية أعادت المنازل والمطاعم طبقاً شعبياً قديماً والمعروف باسم «المثلوثة» والمكون من طبقة الجريش والقرصان ثم الأرز مع قطع من اللحم أو الدجاج.

وعودة الى الأكلات الشهيرة في المنطقة الوسطى والمستخرجة من القمح الطري أو اللين المعروف باسم الصما، يأتي «القرصان» على قائمة هذه الأكلات ويتم اعداده بتحضير عجينة الدقيق من القمح المطحون ووضعه في اناء واضافة الملح والماء اليه وعجنه باليد جيداً الى أن تصبح العجينة ناعمة وخفيفة ثم تغطى وتترك جانبا لمدة لا تقل على نصف ساعة، وبعدها تخبز العجينة على صاج كبير أو ما يعرف باسم المقرصة بوضع الصاج على نار قوية، ثم تغرف العجينة أو تخبز على شكل قرص كبير ورفيع جدا ووضعه على الصاج (المقرصة) وتمرير اليد عليه بسرعة ويترك حتى ينضج، ثم يقلب القرص على وجهه الثاني حتى ينضج وتتكرر العملية حتى الانتهاء من كمية العجين.

وتبدأ عملية اعداد وجبة القرصان بتحضير اللحم والخضراوات والبهارات والبصل والطاطم أو الصلصة والسمن، حيث يقطع اللحم الى مكعبات مع البصل ويوضعا مع اضافة قليل من السمن في وعاء (قدر) حتى يصل اللحم الى مرحلة النضج او يشرب ماءه ثم تضاف اليه البهارات والليمون الاسود والصلصة ويحرك المزيج لمدة عشر دقائق، وبعدها يغمر المزيج بالماء ويغطى القدر ويترك على نار هادئة لمدة تقرب من الساعة حتى ينضج اللحم بعدها تضاف اليه الخضراوات المقطعة والمكونة عادة من الباذنجان والكوسة والقرع وتترك لمدة تصل الى نصف ساعة حتى تنضج الخضراوات، بعدها توضع الأقراص بعد تكسيرها الى قطع متوسطة الحجم في طبق التقديم ويكون واسعا وعميقا ويصب عليها مرق الخضراوات واللحم ويغطى لبضع دقائق ثم تقدم لطالبيها ساخنة.

أما المرقوق فهي وجبة حافظت على شهرتها القديمة الى اليوم ويتم اعدادها من الطحين (القمح)، خصوصا نوع الصما، وذلك بتحضير طحين البر واضافة الملح والماء اليه وعجنه حتى يصبح الخليط عجينة ناعمة ومتماسكة وتركها لمدة دقائق، في حين يتم طبخ اللحم الى مرحلة نصف استواء ثم اضافة الخضراوات اليه بعدها يتم البدء في فرد العجينة الى ان تكون رقيقة جدا ووضعها في القدر مع مراعاة أن تستوي كل واحدة قبل اضافة الأخرى إليها لكي لا تلتصق بعضها ببعض ثم تترك على نار هادئة الى أن يستوي المرقوق.

أما «المطازيز» أو ما يسمى في بعض المناطق بـ«القبابيط» فيحضر من دقيق البر بوضعه في اناء واضافة الملح والماء اليه وعجنه الى ان يصبح الخليط عجينة متماسكة وناعمة ثم يغطى بقطعة قماش رطبة وتترك العجينة لترتاح، وفيها يتم طبخ اللحم والخضراوات أو الفقع (الكمأة) حتى تنضج، ثم تقطع العجينة الى قطع صغيرة بحجم البيضة وتفرد بواسطة اليد لتصبح دائرية، وترمى في القدر المملوء بخليط من الخضراوات واللحم أو الفقع مع مراعاة الا يكون المرق كثيرا، ثم تقدم والبعض يفضل أن يكون مع المطازيز مرق والمسمى (بلول) والبعض يفضل الطبق ناشفاً.

أما «الجريش» فيصنع من القمح الصلب المعروف شعبياً بـ(اللقيمي)، ويتم ذلك باضافة القمح المجروش لا المطحون الى مرقة اللحم والبهارات وتركه على نار هادئة لمدة طويلة حتى يصبح مثل الهريسة واضافة البصل المقطع والبهارات بعد حمسها اليه وتقديمه ساخناً والبعض يفضل اضافة الزبد فوقه أو السمن البري.

ومن منتجات القمح القديمة ولا تزال موجودة الى الآن وجبتا الحنيني والمحلى وهما طبقان عرفتهما المنازل في وسط الجزيرة العربية ليتم اعدادهما من البر بإضافة العسل والتمر اليهما مع الفلفل الحار. والوجبات المذكورة لها قيمة غذائية عالية وحظيت في السنوات الأخيرة برواد ومحبين لها رغم منافسة الوجبات السريعة التي انتشرت في معظم المدن، ورغم صعوبة اعدادها.

واختصرت المطاعم وبعض المنازل الوجبات الشعبية في طبق واحد المعروف باسم (المثلوثة) والمكون من طبقة أولى من الجريش، ثم القرصان فالأرز مع وضع قطع من اللحم أو الدجاج فوقها.

واستعانت بعض الفنادق أخيرا بمنازل سعودية لاعداد وجبات شعبية لصالحها، حيث تعاقدت مع نساء سعوديات على عمل وجبات حسب الطلب لزبائن معينين، حيث يحضر مندوبو الفنادق أوانيهم الى معدي الوجبات لوضعها فيها وتقديمها لزبائن الفندق مقابل مبالغ مجزية.