تلوث المباني بالفيروسات .. قد يكون خطيراً

يتهاون كثيرون في تقدير مدى أهمية غسل اليدين بعد لمس الأجسام الغريبة، وأنها مصدر أساسي وسهل في نقل عدوى الأمراض بينهم. وهذا بلا شك سلوك خاطئ أدى إلى ارتفاع نسبة انتشار الأمراض المعدية بين الناس، وخصوصا الفيروسية منها.
 
لقد كان هذا السلوك السلبي وارتفاع نسبة انتشار الأمراض مصدر إلهام لمجموعة من الأطباء والباحثين لإجراء دراسة ميدانية لتحديد مدى سرعة انتشار العدوى الفيروسية ومدى فاعلية استخدام المطهرات في القضاء عليها خلال ممارساتنا اليومية.
 
قام الباحثون باستخدام نوع من ملتهمات أو آكلات البكتيريا bacteriophage اسمها MS - 2 كبديل لـ «النوروفيروس البشري» (وهو الفيروس المسبب الرئيسي لالتهابات المعدة والأمعاء اللاجرثومية)، وذلك لتشابههما في الشكل والحجم والمقاومة للمطهرات.
 
وضعت هذه المجموعة من الفيروسات التجريبية على أسطح يتم مسكها، عادة، باليد وتم اختيار (مقبض الباب)، وتم ذلك في الصباح الباكر من أحد أيام العمل وفي أحد المباني التي تحتوي على مكاتب، وفي قاعة للمؤتمرات، وفي أحد مرافق الرعاية الصحية. 
 
وبعد ذلك، قام فريق البحث بأخذ عينات من الأماكن والأسطح والأدوات التي يتوقع أن تكون تلوثت بتلك الفيروسات التجريبية، مثل مفاتيح الإنارة، ومقابض الأبواب، والمكاتب، والأسطح، وأزرار المصاعد، وأزرار الدفع لفتح الأبواب، ومقابض أواني القهوة، ومقابض مغاسل الأيدي، ومقابض الهواتف، وأجهزة الكومبيوتر وملحقاتها. وكان ذلك على فترات زمنية مختلفة تراوحت من ساعتين إلى 8 ساعات.
 
قدم نتائج الدراسة رئيس فريق البحث د. تشارلز جيربا Dr. Charles Gerba وزملاؤه من جامعة أريزونا، توكسون، في المؤتمر العلمي للعلاج الكيميائي والعوامل المضادة للجراثيم الذي عقد في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي 2014 بمدينة واشنطن العاصمة، حيث ثبت أن مجرد تلوث مقبض باب واحد من عمارة سكنية أو فندق، إلخ، بحفنة صغيرة من الفيروسات التجريبية يمكنه أن يتسبب في انتشار تلك الفيروسات في جميع أنحاء ذلك المبنى وفي وقت قياسي (في غضون ساعتين إلى 4 ساعات).
 
لقد كانت النتيجة حدوث التلوث لنحو 40 – 60 في المائة من العينات التي أخذت من الأماكن المشتبه في تلوثها بذلك النوع من الفيروسات التجريبية في غضون ساعتين إلى 4 ساعات بالفعل. 
 
ومما حرص فريق البحث على معرفته وتقييمه، أيضا، في هذه الدراسة هو معرفة مدى فاعلية وتأثير استخدام المطهرات في مسح تلك الأماكن التي ثبت تلوثها.
 
وقد أظهرت نتائج الدراسة فاعلية المطهرات جنبا إلى جنب مع النظافة وغسل اليدين في حدوث انخفاض كبير في انتشار العدوى بـ«نوروفيروس» والإنفلونزا بنسبة وصلت من 80 في المائة إلى 99 في المائة.
 
هذه الدراسة تؤكد ضرورة تعديل السلوك العام في المجتمعات بالنسبة للمحافظة على النظافة العامة وغسل اليدين باستمرار كلما حصلت ملامسة أشياء غريبة في الطريق العام أو الأماكن العامة، وإذا تعذر غسل اليدين وجب عدم لمس الفم أو العينين أو فتحتي الأنف بهما حتى يتم غسلهما بالماء والصابون جيدا.