التهاب المفاصل الرَثَيَانِي الروماتويدي .. مرض منهك ينتهي بالعجز والإعاقة

عقاقير بيولوجية تحيي الآمال في علاجه
عقاقير بيولوجية تحيي الآمال في علاجه

التهاب المفاصل الرَثَيَانِي أو الداء الرثياني أو الالتهاب المفصلي الروماتويدي وبالإنجليزية يسمى «Rheumatoid arthritis»، هو مرض مزمن، وفقا للدكتورة ناهد جانودي، استشارية الأمراض الباطنية والروماتيزم، وهو من الأمراض الانضدادية التي تؤدي بالجهاز المناعي لمهاجمة المفاصل، مسببا التهابات وتدميرا لها.
 
ومن الممكن أيضا أن يدمر جهاز المناعة أعضاء أخرى في الجسم مثل الرئتين والجلد. وفي بعض الحالات، يسبب المرض الإعاقة، مؤديا إلى فقدان القدرة على الحركة والإنتاجية.
 
حالات التهاب المفاصل في منطقة الخليج هي 3 لكل 10000 شخص من السكان سنويا. تحدث البداية تحت سن الـ15 وهي غير شائعة، ثم بعد ذلك ترتفع الحالات مع التقدم في العمر حتى سن الـ80. ومعدل الانتشار العالمي هو واحد في المائة مع تضرر النساء من 3 إلى 5 مرات أكثر من الرجال.
 
ويصيب التهاب المفاصل الروماتويدي في البداية المفاصل، كما يصيب أيضا بعض أعضاء الجسم الأخرى في الإنسان بنسبة 15 - 25 في المائة، وتعتمد الأعراض على أعضاء الجسم التي تعرضت لمضاعفات المرض.
 
الأسباب
السبب الرئيسي لالتهاب المفاصل - الناشئ عن الداء الرثياني- هو التهاب الغشاء الزلالي (السينوفي) المبطن للمفصل وأغشية الأربطة العضلية؛ حيث يصيب المفاصل ويحدث حرارة وألما وانتفاخا مع الحركة أو اللمس، وتصلب المفاصل، مما يعوقها عن الحركة. ومع الوقت، يصيب المرض عدة مفاصل في الجسم، فيصيب المفاصل الصغيرة (مفاصل راحة اليد، والقدم، والفقرات العنقية)، وكذلك المفاصل الكبيرة (الكتف والركبة). 
 
ويجب الأخذ في الاعتبار أن هذا المرض يختلف من شخص لآخر. ويؤدي التهاب الغشاء المفصلي إلى التصاق الأنسجة وتحديد حركة المفصل، ثم يبدأ المفصل في التآكل، مما يشوه المفصل ويفقده وظيفته.
 
ويظهر الداء الرثياني في المفصل المصاب في صورة التهاب، وانتفاخ، وحرارة، وألم وخشونة، خصوصا في الصباح الباكر عند الاستيقاظ، أو بعد القيام بأعمال مرهقة. وتعتبر الخشونة المتزايدة في المفاصل، في الصباح الباكر، التي تستمر لمدة ساعة تقريبا أو أكثر، هي أوضح مظاهر المرض. وتحريك المفصل بصورة لطيفة يساعد على تسكين الأعراض في المراحل الأولى من المرض. وتساعد هذه الأعراض في تمييز الداء الرثياني عن الالتهابات الأخرى التي تصيب المفاصل أو الالتهابات الناشئة عن تمزق الأربطة.
 
المضاعفات
يصيب مرض الروماتويد المفاصل بشكل متناسق على جانبي الجسم، على الرغم من أن ذلك ليس سمة مميزة للمرض، لأنه في مراحله الأولى يظهر بصورة غير متناسقة، مبتدئا في جانب واحد. ومن مضاعفاته، أنه يصيب الأعضاء الحيوية الرئيسية من الجسم، منها ما يلي:
- الجلد، حيث تظهر عليه نتوءات نسيجية صلبة تحت جلد اليدين.
 
- الرئتان، مسببا مرض الرئة الروماتويدي، ويكون من أعراضه: التهاب الغشاء الرئوي، وتجمع السوائل في الغشاء الرئوي، والتهاب الأوعية الدموية داخل الرئة.. وغيرها. وتشير الدراسات إلى أن ربع المصابين بالروماتويد يصابون بمرض الرئة الروماتويدي.
 
- القلب والأوعية الدموية، فالأشخاص المصابون بالروماتويد أكثر عرضة للإصابة بتصلب الشرايين وزيادة خطر الجلطات القلبية والسكتات الدماغية. ومعظم مرضى الروماتويد لا يشعرون بالألم نفسه الذي يشعر به الأشخاص العاديون عند حدوث جلطة قلبية.
 
- من المضاعفات الأخرى التي يمكن حدوثها أيضا التهاب غشاء القلب الخارجي أو الداخلي، وضعف البطين الأيسر، والتهاب الصمامات، والتليف. ولتقليل مضاعفات الروماتويد على القلب، من الضروري التحكم بالالتهابات الناتجة عن الروماتويد عن طريق الأدوية، وممارسة الرياضة، وعلاج أي أمراض أخرى قد تزيد من مضاعفات أمراض القلب كزيادة ضغط الدم وزيادة الدهون.
 
- العين، التي تصاب بالالتهابات والجفاف.
 
- الكبد، حيث ترتفع إنزيمات الكبد.
 
- الدم، حيث تظهر على المريض أعراض فقر الدم.
 
- الجهاز العصبي، كاعتلال الأعصاب الطرفية، مما يؤدي مبدئيا إلى آلام في الأطراف ومن ثم فقد الإحساس فيها. وغالبا ما يشكو المريض أيضا من متلازمة النفق الرسغي، وتظهر عليه أعراض الإعياء، وارتفاع حرارة الجسم، وتصلب المفاصل خصوصا في الصباح، وفقدان الشهية، وانخفاض الوزن.
 
هشاشة العظام
التشخيص
يتم تشخيص المرض بواسطة عمل تحاليل دم مخبرية مثل تحليل العامل الرثياني (Rheumatoid Factor، RF) وبالأشعة المقطعية. ويتم التشخيص والمعالجة الطويلة للمرض بواسطة اختصاصي طب الأمراض الروماتيزمية وأمراض المفاصل، وهما المختصان في علاج أمراض المفاصل والأنسجة المحيطة بها. ويتم التشخيص كالآتي:
 
- الأشعة السينية X-rays، عادة ما تجرى على اليدين والأقدام لمن يعاني من آلام بمفاصل متعددة في الجسم. يمكن ألا يكون هناك أي تغير بالمفاصل بالمراحل الأولى من المرض، ولكن مع تقدم المرض يمكن ملاحظة تآكل وخلع جزئي بالعظام.
 
- التصوير بالرنين المغناطيسي MRI والموجات فوق الصوتية ultrasound وهما يستخدمان في متابعة تطور المرض.
 
- فحوصات الدم: يجب البدء بعمل تحليل العامل الرثياني (RF) مبدئيا عند الاشتباه بالروماتويد أثناء إجراء الفحص السريري. وإذا كان التحليل سلبيا، فهذا لا يعني بالضرورة عدم وجود المرض؛ فـ15 في المائة من مرضى الروماتويد يكون لديهم فحص الـ«RF» سلبيا. غالبا ً ما يكون الـ«RF» سلبيا في السنة الأولى من المرض، ومن ثم يبدأ بالظهور في السنوات اللاحقة. قد يكون الـ«RF» موجودا في أمراض أخرى مثل «متلازمة شوغرن»، والتهاب الكبد «C»، والالتهابات المزمنة، ويظهر أيضا في 10 في المائة من الأشخاص الأصحاء. لهذا لا يعتبر تحليلا خاصا للروماتويد فقط.
 
- تحليل «ACPAs» أو «anti-CCP» الذي تم تطويره لتشخيص الروماتويد لأن تحليل الـ«RF» ليس تحليلا نوعيا أو خاصا بالمرض. وغالبا ما يكون تحليل «anti-CCP» موجبا في 67 في المائة من مرضى الروماتويد، ولكن نادرا ما يكون موجبا في غير مرضى الروماتويد، لذلك فأي مريض موجب للـ«anti-CCP» يعتبر مريضا بالروماتويد. هناك أيضا بعض التحاليل التي عادة ما تجرى لبعض الأمراض التي تسبب أعراضا مشابهة للروماتويد مثل الذئبة الحمراء.
 
يتشارك ويتشابه مرض الروماتويد بأعراضه مع أمراض مختلفة أخرى، مثل النقرس، والالتهاب العظمي المفصلي، والذئبة الحمراء، والتهاب المفاصل عند مرضى الصدفية.. وغيرها من الأمراض.
 
العلاج
يتوقع أن الأشهر القليلة المقبلة ستشهد ثورة علمية في مجال علاج التهاب المفاصل الروماتويدي؛ حيث سيتوفر في سوق الدواء في الخليج ولأول مرة أحد الأدوية البيولوجية في شكل حبوب يتم تناولها عن طريق الفم.
 
وحتى الآن، لا يوجد علاج شاف لمرض الروماتويد، لكن الأدوية تقلل من حدة الأعراض وتبطئ من تقدم المرض، والهدف من إعطاء الأدوية هو تقليل حدة الأعراض مثل الألم والانتفاخ، ومنع تشوهات العظام، والمحافظة على نشاط الشخص اليومي من أن يتأثر بالمرض، وأخيرا منع انتشار المرض إلى باقي أعضاء الجسم.
 
وينصح باستخدام نوعين من الأدوية حدا أدنى في علاج الروماتويد كالمسكنات، بالإضافة إلى الأدوية المضادة للروماتويد، وتكون على النحو التالي:
- عقاقير (ديمارد) DMARDs المعدلة لطبيعة المرض، فقد وجد أن لها فاعلية كبيرة، خاصة إذا أعطيت في بداية المرض بشكل فوري وبجرعات عالية، فيجب أن تعطى في المراحل الأولى للمرض حتى تقلل من تقدم المرض بشكل كبير وتقلل من المضاعفات.
 
- عقار ميثوتركسيت Methotrexate، هو من أفضل الأدوية، وعادة ما يستخدم في البداية. ونظرا لأنه يزيد من إنزيمات الكبد ويسبب تشوهات بالجنين، فعليه تنصح النساء المتزوجات بأخذ حبوب منع الحمل خلال فترة المعالجة بهذا الدواء.
 
- العناصر الحيوية أو الأدوية البيولوجية، وهي تعتبر ثورة في علاج الروماتويد، وهي متوفرة حاليا في المملكة باختلاف أنواعها، وتكون علي شكل حقن وريدية وحقن تحت الجلد، وسيتم توفر الحبوب منها بالمملكة خلال الأشهر المقبلة.
 
- مضادات الالتهاب والمسكنات، وهذه تقلل من الألم والتصلب، لكنها لا تؤثر على تقدم المرض، لذلك فهي لا تعتبر من أدوية الخط الأول في العلاج، وتستخدم بحذر مع مرضى الجهاز الهضمي والقلب والكلى.
 
- الكورتيزون، يمكن استخدامه أثناء زيادة أعراض المرض بشكل مؤقت، لكن لا ينصح باستخدامه لمدة طويلة خوفا من أن يتسبب في هشاشة العظام وزيادة فرصة التعرض لالتهابات جرثومية.
 
- طرق علاجية أخرى، كالجراحة التي تجرى لتغيير المفصل المصاب.