نزهة رومانسية على طول نهر السين بفرنسا

 نزهة رومانسية على طول نهر السين بفرنسا
نزهة رومانسية على طول نهر السين بفرنسا

يصنف نهر السين ضمن مواقع التراث العالمي من قبل اليونسكو، حيث تمت إعادة جزء كبير من الأرصفة للمشاة في باريس، على ضفاف نهر السين، هناك محور للمشاة يسمح في آن وحد بتقييم النشاط الجاري على طول الواجهة البحرية والانبهار بالمباني التاريخية الجميلة على طول النهر.
 
أغنية راقصة شبه إجبارية تشاهدها بعين جديدة.. برج إيفل في باريس والجسور الرائعة، لا كزنسيارجوري، نوتردام، متحف اللوفر، وحدائق التويلري،... إلخ.
 
نهر السين المتعرج في قلب باريس، كما لو كان عناقا ناعما، لمسات التعرجات علي طول الأرصفة الحجرية البيضاء التي تتداخل أسفل أعمدة أنيقة في العديد من الجسور والتي تتواصل بالنهر، حيث يعج بجدران المراكب الرأسية هنا وهناك بعدد لا يحصى، ويتماس مع عدد مهيب من المباني التي تعود لمئات السنين، ويجثم ببطء للسماح بانزلاق الزوارق الصغيرة، كل شرارة من مياهها تسعد المتنزهين فوق النهر ليتأملوا به.
 
قصة حب على الواجهة المائية:
بالتأكيد هناك عدد لا حصر له من الطرق لاكتشافها بباريس، ومع ذلك، هناك طريق لافت للنظر بشكل خاص، إنه يتبع العمود الفقري النهري لهذه المدينة التاريخية الجميلة، إنه المحور النهري الذي تجمعت من حوله المدينة وتشكلت منذ 2000 سنة، إنه نهر السين.
 
يقسم نهر السين المدينة إلى قسمين منفصلين طوليا، حيث كانت مستنقعات فيما مضي. نتوءات الفيضانات تذكرنا بذلك بشكل جيد.. وقد استعادت الفيضانات نشاطها في 1658 ، 1808 ، 1740 و 1910 لفترة قصيرة، وتم سحب الأراضي.
 
ضفاف النهر كانت في الماضي مناطق لأنشطة مكثفة من قبل العديد من موانيها، والآن قد أخليت الأماكن للطرق لتخفيف حركة المرور في المدن. اليوم، يصنف نهر السين ضمن مواقع التراث العالمي من قبل اليونسكو، حيث تمت إعادة جزء كبير من الأرصفة للمشاة. وبالتالي، من خلال نزهة رومانسية على طول المياه على طول ضفاف النهر، يمكن للجميع اكتشاف عجائب باريس بطريقة غير عادية، بعيدا عن صخب وضجيج الشوارع.
 
فستان الدانتيل الخفيف من الحديد:
في غرب المدينة يمكننا أن ننصح بالقيام بنزهة جميلة، فقط عند سفح برج إيفل.. عندما أراد هذا الحيوان أن يشرب، غرس قدميه على طول نهر السين بارتفاعه الذي يصل إلي 324 م .
 
وقد بني برج إيفل للعرض العالمي لعام 1889 في ذكرى 100 سنة علي اندلاع الثورة الفرنسية. بعد أن أصبح لا غنى عنه في العديد من الخدمات الدائمة، نجا برج إيفل من التدمير ونقل نهائيا إلى حافة المياه. هوائياته ترسل وتستقبل اتصالات رسائل عديدة بداية من تأتأة موجات الراديو إلى عصر البث الرقمي الحديث جدا.
 
أيضا كانت هذه السيدة العظيمة قادرة على نسيان مقاساتها الضخمة من خلال فستانها الدانتيل الخفيف من الحديد المطاوع. من خلف برج إيفل تمتد حقول مارس، حيث كانت هذه الرقعة من الأرض سابقا مخصصة للتدريب العسكري في المدرسة العسكرية، وكانت تلاصقها المباني الرائعة التي بنيت تحت حكم  لويس الخامس عشر.
 
كما تحولت إلي حلبة، في بعض الأحيان، بدلا من المعارض والتظاهرات، والآن أصبحت حقول مارس حديقة للتنزه مغطاة بالأعشاب الخضراء الطويلة وتحدها صفوف من الأشجار.
 
بينما يواجه البرج، جسر "يينا" ذا المنظور الفريد الذي يمتد إلى الجانب الآخر من النهر، والذي يتقاطع مع حديقة تروكاديرو وينتهي مع البنية الهندسية مع قصر شايو. بني جسر "يينا" في ذكرى المعركة التي فاز بها نابليون عام 1805 في بروسيا، وتضم على كل الزوايا الأربعة تماثيل المحاربين: الرومان، الإغريق، العرب واليونان. 
 
"الزورق الحافلة":
مرورا بالدرج الكبير الموجود أسفل الجسر، نهبط على الرصيف المغطي بالأحواض حيث ترسو " الحافلة الزورق" على الرصيف في انتظار الركاب في محطات مختلفة على طول النهر. وقد طور الباريسون وسائل النقل الأخرى مثل الحافلات البحرية.
 
وعلى الرغم من أنها أكثر تكلفة، إلا أنها أكثر متعة من الانتقال بالمترو، حيث الهواء الغير صحي يخنق المستخدمين ببطء.
 
تنساب حركة المرور الكثيفة فوق نهر السين حيث تتابع المراكب التي تحمل المواد والمعادن بشكل مستمر، وتندس بينها موجات لا نهاية لها من " القوارب الذباب " الشهيرة التي تقل السياح المنبهرين بجمال العاصمة. هناك أيضا البارجة الفاخرة للكروز المجهزة للاستقبال (حفلات عشاء العمل، حفلات الزفاف، والاستقبالات الخاصة).
 
"إريك "متر دوتيل علي "لو باريس": 
إريك النادل فندقي يعمل بانتظام على « Le Paris »، وهي سفينة سياحية فاخرة، الطابق الأرضي مغطي بالخشب المصقول الفاتح والمطلي جيدا، مفارش المائدة من القماش الفلملون تغطي الطاولات التي تحمل فوق رأسها كميات من كؤوس الكريستال التي تحتوي علي أشهي العصائر، الركاب الذين يقيمون عشاء العمل سوف يستمعون فيما يبدو بهذه الرحلة النهرية.
 
يقول إريك "أنا لست غير مبال بإطار العمل.. عندما تكون الخدمة ليست كثيفة جدا، أستمتع بجمال المناظر الطبيعية التي تتكشف أمام أعيننا ".
 
صحيح أنه طوال الرحلة على نهر السين، تتوالي مجموعات استثنائية في كلا الجانبين من ضفاف النهر.  ويضيف إريك "أعز ذكرياتي تكون عند الوصول المهيب للقارب في منتصف الليل عند سفح برج إيفل في يوم العيد الوطني 14 يوليو، لقد كنا في تزامن تام مع بداية الألعاب النارية التي أُشعلت أمامنا.. لم نستطع أن نحلم بمكان أفضل منه". 
 
أناقة الشارع الأميري: 
بعد نزهة قصيرة في ظلال الأشجار الكستنائية التي تحيط بالشاطئ، بحثا عن إطار لصورة مثالية يتم التقاطها في الالتواءات المبهرة، لم يكن الهدف أقل سموا من جسر ألكسندر الثالث، والذي يعد واحدا من أجمل جسور باريس بل والأكبر.
 
بني الجسر في أواخر القرن 18 تكريما لإمبراطور روسيا، فإنه يرمز إلى التحالف الفرنسي الروسي، ويعد تحفة معمارية تتمتع بالزخرفة الفاخرة (32 شمعدانات موزعة بالتساوي على جانبيه تعطيه أناقة الشارع الأميري).
 
في حين هناك أربعة أعمدة ضخمة تفصل بينها عشرة أمتار، تعلوها تماثيل بيجاسوس الذهبية وتعطيها بريق البوابة الملكية عند قاعدة كل منها أربعة تماثيل رمزية تمثل أربعة عصور لفرنسا، عصر شارلمان، وعصر النهضة، وفرنسا لويس الرابع عشر وفرنسا المعاصرة.
 
وعلي مقربة شديدة من هذا الجسر يمكنك زيارة فندق قصر الإنفاليد الذي بناه هنري الرابع لقدامى المحاربين المعوقين، في القصر الكبير والصغير الذي يواجه على الجانب الآخر من النهر، لقد بني القصر للمعرض العالمي لعام 1900.
 
ثورة عام 1789 الدموية:
على طول رصيف أورساي الشهير، يمكنك أن تنبهر أمام الواجهة الخفية لفندق وزارة الشئون الخارجية الذي يعود تاريخه إلى عهد الإمبراطورية الثانية (1855)، وبجواره يقع قصر بوربون الذي لا يقل عنه شهرة حيث يضم البهو 12 عمودا على مقعد مرتفع ذى ثلاثين درجة.. إنها الجمعية الوطنية ومقر رئاسة مجلس النواب، وهي تواجه جسر الكونكورد الذي يؤدي إلى الميدان الذي يحمل نفس الاسم.
 
في وسط المدينة، إذا كانت ساحة الكونكورد يمكنها الكلام، فسوف تروي الكثير عن تاريخ باريس، في تلك الأيام عندما كانت لا تزال تسمى بميدان لويس الخامس عشر الذي شهد الثورة الدموية عام 1789 حيث نفذت أحكام الإعدام باستخدام المقصلة.
 
وتنتصب المسلة التي انفصلت عن توأمتها التي لا تزال قابعة في بلدها الأصلي في الأقصر بمصر، وسط هذا الميدان باعتبارها محور الدوران حيث تدور من حولها دوامة لا نهاية لها من السيارات والدراجات والحافلات والمشاة، لا أحد يلتفت إلى العمر الكبير لهذا العمود المكون من قطعة واحدة من الحجر والذي يرجع تاريخه إلي 30 قرن من الزمان، ويعد حاليا عميدا لمدينة باريس.
  
متحف اللوفر، أكبر متحف في العالم:
دائما علي النهر تمتد حدائق التويلري، وهي واحدة من أرقى وأكبر الحدائق في العاصمة، وحول حوض كبير ثماني الأضلاع حيث يجلس الفرنسيون بهدوء علي الكراسي ينغمسون في أحلامهم في حين أن آخرين يغرقون في القراءة بينهم.
 
علي امتداد التويلري، تلتقي مباني متحف اللوفر الضخمة في وئام كامل حيث يتراكم التفوق لموقعه السابق بوصفه القصر الملكي في فرنسا إلى أكبر متحف في العالم حاليا، ومتحف اللوفر يبدو مشوبا مع شخصية نرجسية، فإنه لم يتوقف عن أن يعجب بانعكاس صورته في المرآة الطويلة التي تشكلها المياه الطبيعية لنهر السين.
 
بائع كتب الإمبراطور: 
يقول ميشيل بفخر: "أنا صاحب مكتبة الإمبراطور"، يقيم ميشيل على رصيف Malaquais، إذ يعتبر جزءاً من مجموعة باعة الكتب التقليديين الذين يقيمون على طول ضفاف النهر.
 
يمارس الرجل هذا العمل الأصلي منذ أكثر من 13 عاما لينافس المكتبات الكبرى في "بولفار سان ميشيل" ولكن أيضا لشغفه الخاص، وقد تخصص في الكتب ذات الصلة بنابليون، إذ يمتلك ما يقرب من 8000  قطعة، إلى درجة أنه أصبح مرجع باريس في هذا الموضوع، وقد تخصص آخرون من أمثاله في الفن والطهي.
 
عند غروب الشمس، تضاء باريس ومبانيها المعمارية بآلاف الأضواء، في قصر الفنون في باريس يتساءل الناس عن مهمة البناء الحجري الرائع، الذي يواجههم في كونتي دي كاي.
 
اثنان من الأجنحة في نصف دائرة تحيط بمصلى تعلوه قبة بنيت على مستويين وتعلوها الأضواء حيث يكون التماثل مثالياً.
 
هنا في معهد فرنسا أو برلمان العلماء، وأيضا مركز كبير للثقافة الفرنسية لأنه يجلب خمس أكاديميات معا: الأكاديمية الفرنسية، أكاديمية النقوش والآداب، أكاديمية العلوم، أكاديمية الفنون الجميلة وأكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسات.
 
الحياة مترفة على ضفاف نهر السين:
كما تزين المجوهرات خاتما، تجمل جزر مدينة سانت لويس نهر السين بشكل خلاب. كانت "إيل دو لا سيتي" هي ثمرة التزاوج، حيث يرجع تاريخها إلي 2000 سنة، وهي قرية صغيرة. بعد انتصار الفرنسيين على الرومان، أصبحت المدينة هي الاسم النهائي لشعبها: Parisii.
 
بل كانت هي أيضا بداية المباني المسيحية العظيمة وكاتدرائية نوتردام، آخر رمز كبير من المدينة. على المربع، تقام الألعاب البهلوانية للتزلج على الجليد لتثير أشكالا من الألعاب الخطرة.
 
عند سفح الكاتدرائية، علي الرصيف، يشرع مجموعة من الموسيقيين في حفل موسيقي مرتجل، وسرعان ما تحتشد الجماهير عند حافة الماء وعلى خطى درج لتستمتع بالمعرض المجاني. علي مسافة غير بعيدة، تقبع المراكب التي تحولت إلي كازينوهات مثبتة في المراسي.
 
هناك يسود جو شاعري جدا، حيث يجلس على طول الرصيف مجموعة من الأصدقاء نظموا نزهة ودية حيث تتدلي أقدامهم فوق الماء، بينما يغني أحدهم علي نغمات جيتاره وبعض إيقاعات من الأغاني الفرنسية.. وبدون شك، العيش هنيء في باريس على طول نهر السين.