تشكيلته «بيربيري» لربيع وصيف 2015 .. تعانق لندن وتتغنى بها على الملأ

تشكيلة مستوحاة من فن الرحلات وقصص نجاح بريطانية
تشكيلة مستوحاة من فن الرحلات وقصص نجاح بريطانية

يبدو أن الطقس العليل تحالف مع كريستوفر بايلي، المصمم الفني والرئيس التنفيذي لدار بيربيري، يوم الثلاثاء الماضي لكي يشكلا لوحة غنية بالألوان.
 
فأشعة الشمس الذهبية اخترقت السقف الزجاجي للقاعة الواسعة التي نصبها في حديقة هايد بارك لتتحول إلى مسرح مناسب لتشكيلته لربيع وصيف 2015.
 
تشكيلة أطلق عليها عنوان «Book Covers & Bruce Chatwin»، كتحية للكاتب والرحالة بروس تشاتوين الذي كان يدون كل أفكاره وملاحظاته في مفكرات ليحولها فيما بعد إلى قصص وروايات عن أسفاره.
 
أقل ما يمكن أن يقال عن هذه التشكيلة إنها كانت نسمة منعشة بألوانها وتصاميمها بعد صدمات تسبب فيها بعض المصممين الراغبين في تأنيث الرجولة بأي شكل.
 
صحيح أن أمثال كريستوفر شانون، وجي دبليو أندرسون، وريتشارد نيكول، وأمثالهم، لهم أتباع ومعجبون، إلا أن الواقع الذي تترجمه أرقام المبيعات والصور التي تتصدر صفحات المجلات تقول إن دار بيربيري بوصلة مهمة فيما يتعلق بالموضة الرجالية تحديدا. 
 
أكبر دليل على هذا أن تشكيلته لهذا الصيف 2014، أثرت على الكثير من الأذواق وغيرتها لجمال ألوانها ودقة خطوطها وتفاصيلها. هذه التشكيلة، الموجهة لصيف 2015، تعد امتدادا لها إلى حد كبير، لأن ما قام به كريستوفر بايلي، أنه تقمص دور رسام حريص على بصمته المميزة، لكنه لا يرى مانعا من تجريب درجات جديدة من الألوان مثل الأصفر الزعفراني، البرتقالي المحروق، الأحمر البرتقالي والنحاسي والوردي الأرجواني، الأزرق الغامق، الأزرق النيلي والأخضر الزيتوني، بيد أن المثير في كل عروض بيربيري الأخيرة هوس المصمم بالفنانين والأدباء، بدءا من جماعة بلومزبوري الأدبية إلى ديفيد هوكني، وهذه المرة لم يخف إعجابه بالكاتب البريطاني بروس تشاتوين. 
 
ربما لأن هذا الأخير قصة نجاح مثيرة بحد ذاتها، فقد بدأ حياته العملية كبواب في سوذبيز للمزادات، قبل أن يصبح خبيرا في الفن الانطباعي ومديرا لسوذبيز. بعدها التحق بجامعة إدنبره لعامين ليصبح مستشارا فنيا ومعماريا في مجلة «ذي صانداي تايمز»، لكنه اكتسب شهرته من رحلاته الكثيرة التي دونها في كتب وروايات مثل «باتاغونيا» و«بلاك هيل». 
 
قصة هذا الكاتب والرحالة ألهمت كريستوفر بايلي وكانت وراء الكم الهائل من الحقائب على شكل أغلفة كتب ستجد صدى تجاريا كبيرا إلى جانب كل قطعة اقترحها من بداية العرض إلى آخره.
 
فمنذ اللحظة التي ظهر فيها المغني البريطاني بنجامين كليمونتين (25 عاما) على المنصة أمام بيانو ضخم وصدح بصوته مغنيا أغنيته «كورنيستون» عرفنا أننا أمام طبق دسم، ولم يخب ظننا. فقد توالت التصاميم على شكل بدلات رشيقة ومفصلة على الجسم، وأخرى على شكل جاكيتات من الجلد أو الجينز، إضافة إلى إكسسوارات، تمثلت في إيشاربات طويلة وحقائب يد ضخمة وأحذية رياضية مطبوعة بريشة رسام. فالرجل الذي استلهم منه كريستوفر بايلي، ويتوجه له أيضا، يحب الترحال والمغامرة، لكنه مثقف وقارئ نهم، لا يتخلى عن أناقته ولا عن كتبه. 
 
ولأن السفر يحتاج إلى عدة قطع منفصلة، ركز المصمم على وصفته الناجحة، ألا وهي تعدد الطبقات، رغم أن الموسم الذي تتوجه إليه التشكيلة هو الصيف.
 
وإذا كان الصيف المقبل حارا مثلما كان عليه يوم العرض بداخل القاعة بسبب انعكاس أشعة الشمس على السقف الزجاجي، فإن الكثير من الحضور ممن اكتووا بهذه الحرارة تمنوا لو يجود عليهم أحد العارضين بقبعته الوارفة، حتى هذه رغم بساطة تصميمها الذي يستحضر صورة رسام بوهيمي من حقبة ماضية جاءت بألوان شهية وعصرية.
 
تخرج من العرض وأنت تعرف أن الكثير من الأفكار والقطع التي اقترحها بايلي ستؤثر على ساحة الموضة، بدءا من جاكيت الدينم إلى البدلات الملونة والبنطلونات القصيرة نوعا ما، من دون أن ننسى الأحذية الرياضية المطبوعة بشتى النقشات والحقائب الضخمة. تخرج أيضا وأنت فاهم لماذا يحظى هذا المصمم، الذي أصبح أول رئيس تنفيذي إلى جانب مهمته الفنية في دار لا يمتلكها ولم يرثها أبا عن جد، بتقدير وسائل الإعلام والأسواق العالمية، فضلا عن مراكز المال. 
 
لكن الأهم من كل هذا أنك تخرج وأنت لا تزال تردد أغنية بنجامين كليمونتين «لندن تناديك» وكأنه يقول للعالم إن العاصمة البريطانية قد حققت الحلم ووصلت إلى مرحلة لا يمكن زحزحتها عنها مهما حاولت عواصم أخرى ذلك.