هل كان الإعلان عن تضاعف أرباح دار فالنتينو في العام الماضي مفاجئا؟

أرباح فالنتينو تتضاعف والنجاحات لا تتوقف .. والتصاميم الكلاسيكية والتطريزات الغنية كانت سلاحها لغزو العالم
أرباح فالنتينو تتضاعف والنجاحات لا تتوقف .. والتصاميم الكلاسيكية والتطريزات الغنية كانت سلاحها لغزو العالم

هل كان الإعلان عن تضاعف أرباح دار فالنتينو في العام الماضي مفاجئا؟ بالعكس تماما، فقد كان متوقعا بالنظر إلى ما تتحفنا به في كل موسم. الخبر الذي نشرته الصحف أخيرا، أن الدار الرومانية الأصل سجلت ما لا يقل عن 65 مليون يورو، مقارنة بـ34 مليون يورو في العام الذي قبله، أي بزيادة تتراوح بين 35 و40 في المائة.
 
وصرح رئيسها التنفيذي ستيفانو ساسي لمجلة «ويمنز وير دايلي» بأن هذا النجاح دافع قوي على تحقيق المزيد من النجاحات، مشيرا إلى أن التركيز لن يكون اختراق أسواق جديدة هذا العام، بل التوسع في الأسواق التي توجد فيها الماركة أساسا.
 
ترجمة هذا القول أنهم ينوون افتتاح محلات كبيرة في نيويورك، روما وهونغ كونغ في عام 2014.
 
أما القول إن الخبر لم يكن مفاجئا، فيعود إلى الإبداعات الحالمة التي يقدمها الثنائي غراتزيا تشيوري (50 عاما) وبييرباولو بيكيولي (46 عاما)، وليس أدل على هذا من تشكيلتهما الأخيرة، خلال أسبوع باريس الأخير، لخريف 2014 وشتاء 2015، والتي أثبتا فيها مهارتهما الخاصة وحرفة الدار العالية، إلى حد جعل المؤسس فالنتينو غرافاني يبكي تأثرا، وهو ما لم يحصل حتى الآن من أي مصمم سلَّم المشعل لغيره واعترف بأنه خير سلف له. 
 
فالراحل إيف سان لوران، مثلا، انتقد توم فورد بشدة عندما كان هذا الأخير مصمما لماركة «إيف سان لوران»، ودار أونغارو تعثرت كثيرا ولم تجد مصمما قويا لحد الآن يمكن أن يعيد مجد الماضي ولاسم المؤسس بريقه.
 
وحتى لا نذهب بعيدا، فإن فالنتينو نفسه، وجد صعوبة أن يتقبل الأمر في البداية، ما جعل المصممة أليساندرا فاتشينيتي تخرج من الدار بعد موسمين فقط على أساس أنها لم تحترم أسلوبه وحاولت وضع بصماتها الخاصة على تشكيلتين يتيمتين أشرفت عليهما. 
 
لكن يبدو أن الزمن كفيل بتغيير الأمور والمشاعر على حد سواء، وها هو المصمم فالنتينو راضٍ عن الثنائي غراتزيا تشيوري وبييرباولو بيكيولي، اللذان منذ أن تسلما مقاليد داره في عام 2008، وهما لا يتوقفان على الإبداع من دون أن يديرا ظهريهما لإرثه، ما أكسبهما رضاه وفي الوقت ذاته إعجاب نجوم هوليوود، الذين لا تمر مناسبة مهمة من دون ظهورهم بتصاميمهما ذات القصات البسيطة والزخرفات الفنية. 
 
من هؤلاء نذكر براد بيت الذي ظهر في توكسيدو خلال حفل البافتا، إيمي أدامز وكايتي بيري وغيرهم. لكن نجاحهما لا يقتصر على هذا فقط، ولا على تشكيلاتهما التي لا تتوقف على الإبهار بتطريزاتها الدقيقة وفنيتها الهادئة حتى عندما تستوحي خطوطها من فن الباروك فحسب، بل أيضا على قدرتهما على تغيير وجهة دار فالنتينو. 
 
في وقت وجيز استطاعا حقنها بجرعة قوية من العصرية والحيوية، ومن دون أي تأثيرات جانبية.
 
بعبارة أخرى، نجحا في تحقيق المعادلة الصعبة التي تتمثل في جعل الماركة تضج بالشباب من دون أن تتملص من ماضيها أو تتنكر لإرثها، وهو ما يعد تحديا كبيرا يصعب على أي كان، تحقيقه.
 
فعندما أسس فالنتينو غارافاني داره في عام 1959، كان أهم عنصر فيها هو الإبهار الروماني الذي يعتمد على الفخامة من جهة، وعلى اللون الأحمر من جهة ثانية ليجذب زبونات من عينة إليزابيث تايلور، جاكلين كينيدي، صوفيا لورين ومادونا ومثيلاتهن.
 
ثم دخلها الثنائي غراتزيا تشيوري وبييرباولو بيكيولي، لتتغير الصورة من دون أن تتغير الروح، ولا سيما أن التغيير حصل بسلاسة وهدوء.
 
طبعا يعود جزء من هذا إلى أنهم عملا في الدار لسنوات طويلة قبل خروج المؤسس منها في عام 2007، الأمر الذي منحهما الثقة للقيام بهذه التغييرات من دون أن يثيرا حفيظته أو يؤثرا على صورة فالنتينو كدار تعتمد على الحرفية وتتكلم لغة الإبهار. 
 
كل ما في الأمر أن لغة الإبهار أصبحت عصرية وشابة أكثر، لأنهما يتقنانها ويتكلمانها جيدا مع بعض، بحكم أنهما عملا مع بعض لأكثر من 23 عاما تقريبا.
 
فقد سبق لهما العمل معا في دار فندي في بداية التسعينات، حين ولدت حقيبة الـ «باجيت» الشهيرة التي ما زالت تحقق الأرباح لفندي حتى الآن وتلهم بيوت أزياء أخرى بشكلها المميز.
 
في عام 1999، شعر المصمم فالنتينو بأن الأزياء، مهما كانت رائعة، لا يمكن الاعتماد عليها وحدها للتوسع، وخصوصا أنه شاهد كيف أن بيوت أزياء مثل جوتشي وبرادا وفندي بنت إمبراطوريات من وراء حقائب اليد والأحذية. لم يجد أفضل من تشيوري وبيكيولي ليوكل لهما هذه المهمة. 
 
في أحد اللقاءات الصحافية، اعترفا بأن التحدي كان كبيرا في البداية، إذ كيف يمكن لأي أحد ترجمة أزياء فخمة تحاكي الهوت كوتير إلى إكسسوارات؟ بعد تفكير كان الحل أمامهما أن يفكرا بطريقة مختلفة تماما عن المتوقع، وألا يركزا على تصاميم الأزياء فقط، بل أن يفكرا في صورة أوسع. ورغم أنهما لم ينجحا في تصميم حقيبة «تضرب» وتصبح نجمة الموسم طوال تسع سنوات، عملا فيها في هذا الجانب، فإن المصمم كان يؤمن بإمكانياتهما. 
 
والدليل أنه لم يتردد في التعبير عن استيائه من المصممة أليساندرا فاتشيناتي التي خلفته مباشرة، على أساس أنها غيرت كل شيء ولم تحترم إرثه وأسلوبه، مما نتج عنه الاستغناء عنها، وترقية الثنائي فيما عده المتابعون مجازفة. فقد كانا لذلك الحين شبه مجهولين، لأنهما عملا لسنوات طويلة في الظل. كادت تكهنات المتشائمين تصيب في البداية، حيث قدما موسمين باهتين لم يثيرا الإعجاب أو الثقة. 
 
ولحسن حظهما أن السيد فالنتينو لم يثر كما أن الشركة الأم المالكة للدار، منحتهما فرصة أطول لكي يتفتحا، وهو الأمر الذي حصل في تشكيلتهما الرابعة.
 
فقد فاجآ عالم الموضة بصياغتها أسلوبا خاصا بهما، هو مزيج من خطوط هادئة تميزها ياقة مستديرة وخصر عالٍ وتنورة طويلة، وأقمشة مترفة تغطيها تطريزات غنية لكن دقيقة ومتقنة. 
 
كانت هذه الوصفة موفقة، لأنها سرعان ما انتشرت انتشار النار في الهشيم، لا سيما بعد أن مزجا قطعا بسيطة مثل بنطلونات جينز مع «تي شيرتات» غالية أو قمصان من الدانتيل، في محاولة واضحة منهما لتزويج الأنوثة المحتشمة مع الترف. واللافت أن هذه الوصفة التي تتأرجح بين الحداثة والكلاسيكية، راقت أكثر للفتيات والشابات في كل أنحاء العالم، من نجمات هوليوود إلى ثريات موسكو، مرورا بأنيقات الشرق الأوسط. وهكذا بدأت الدار تحقق الأرباح بالتدريج، والآن تضاعفت بحجم لم يكن يتوقعه أحد.