«الترهيب الإلكتروني» عبر الإنترنت .. كيف نتجنبه؟

خمسة إلى 20 في المائة من المراهقين يتعرضون لخطره
خمسة إلى 20 في المائة من المراهقين يتعرضون لخطره

شك أن الإنترنت أصبح من مفردات الحياة اليومية للكثير من البشر نظرا للفوائد العظيمة والخدمات المتعددة التي يقدمها، بدءا من التعلم والاتصالات ونهاية بالمتعة والتسلية.
 
ويأتي المراهقون والشباب بشكل خاص في طليعة المهتمين بالإنترنت. 
 
وبطبيعة الحال فإن هناك آلاف الدراسات على أهمية دور الإنترنت في الحياة الحديثة سواء سلبا أو إيجابا، ومن أحدث هذه الدراسات دراسة نشرت في مجلة صحة المراهق Journal of Adolescent Health أشارت إلى أن المراهقين الذين يستخدمون الإنترنت أو الهواتف الذكية يمكن أن يكونوا عرضة لما يطلق عليه الاستغلال أو «الترهيب» عبر الإنترنت Cyberbullying عن طريق إرسال رسائل نصية أو نشر أخبار أو مواقع معينة أو شائعات.
 
السلوك والترهيب
وعلى الرغم من أن المضايقات أو الترهيب للمراهقين قديم ومعروف وكان يمارس في الواقع بالعنف الجسدي من قبل المراهقين تجاه أقرانهم، فإن التطور الذي حدث هو استخدام التكنولوجيا الحديثة في ممارسة الابتزاز والاستغلال، خاصة أن خطر هذه المواقع يمكن أن يؤدي إلى محاولات الانتحار، ويكون خطر هذه المواقع أكبر على المراهق الذي يعاني من الاكتئاب أو إدمان المواد المخدرة.
 
وكانت الدراسة قد أشارت إلى أن العلاقة بين سلوك المراهق المضطرب والترهيب عبر الإنترنت أو الانغماس في الأنشطة الخطيرة عبر الإنترنت علاقة معقدة، وأوضحت أن هناك عددا كبيرا من المراهقين يمكن أن يكونوا ضحايا الإنترنت ويمارسوا أعمال الترهيب في نفس الوقت أو الدخول إلى المواقع الخطيرة (المواقع التي تشجع على الإباحية أو المواقع التي توضح أنواع المواد المخدرة المختلفة وطرق تناولها؛ بل إن هناك بعض المواقع تشجع على الانتحار وتشير إلى أسهل الطرق للتخلص من الحياة)؛ ولكن المراهقين الذين يعتبرون ضحايا هذه المواقع هم الأكثر عرضة لمخاطر الأمراض النفسية وإدمان المواد المخدرة بعد نحو 6 أشهر فقط من الدخول على هذه المواقع.
 
وأسوأ هذه المخاطر على الإطلاق محاولات الانتحار، خاصة حينما نعرف أن الانتحار يعد من أهم أسباب الوفاة بالنسبة للمراهقين وأن نحو من 5 إلى 8 في المائة من المراهقين يحاولون الانتحار كل عام.
 
إساءات وإهانات
أجريت الدراسة على 845 طالبا وطالبة (498 أنثى و337 ذكرا) تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاما، وكانت نسبة 45 في المائة من الطلاب أفادوا بأنهم تعرضوا للترهيب أو للإساءة عبر الإنترنت على الأقل مرة واحدة وأخذت هذه الإساءة طريقة واحدة فقط، وتمثلت تلك الإساءة في شكل رسائل نصية تهدد أو تتوعد المراهق أو تهينه بعبارات مسيئة. 
 
وأشار نحو 15 في المائة إلى أنهم تعرضوا للاستغلال عبر الشبكة بطريقتين مختلفتين وكان نحو 8 في المائة من الطلاب تعرضوا للاستغلال بأكثر من طريقة.
 
وقد أوضح الباحثون أن مشكلة الاستغلال عبر الإنترنت في تزايد مستمر وأن التهديدات أو الإهانات عبر الرسائل النصية مشكلة كبيرة، فضلا عن الشائعات المختلفة والصور الملفقة خاصة أن هذه المواد ليس من السهل تجنبها أو مسحها في حالة وجودها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
 
وفي النهاية أوصت الدراسة بضرورة تكاتف الجهود لمحاولات التصدي إلى مثل هذه الأعمال التي ترقى إلى مستوى الجريمة وتتسبب في مشكلات نفسية عنيفة للمراهقين، وأشارت إلى أن المراهق حين تعرضه للاستغلال عبر الإنترنت يكون في أضعف حالاته النفسية وعرضة للاكتئاب والعكس صحيح أيضا، بمعنى أنه في حالة الاكتئاب يلجأ المراهق إلى الشبكة الإلكترونية وبالتالي يكون أكثر عرضة للتعرض للابتزاز خاصة أن المراهقين يتبادلون خبراتهم عبر الإنترنت ومنها الخبرات السيئة المتعلقة باستعمال الأدوية المخدرة أو الإدمان وحتى محاولات الانتحار.
 
وأضافت الدراسة أيضا أن الأطباء النفسيين تقع عليهم مسؤولية كبيرة في التعامل مع مثل هذه المستجدات الاجتماعية، وأن يشمل التقييم النفسي للمراهق التطرق إلى الحياة الاجتماعية عبر الإنترنت واهتمامات الأصدقاء.
 
وتأتي أهمية هذه الدراسة حين نعرف أن نحو 5 إلى 20 في المائة من المراهقين يتعرضون لخطر الترهيب وتختلف النسبة من بلد إلى آخر، خاصة أن الدراسات التي ربطت بين الترهيب عبر الإنترنت والانتحار قليلة ولا تعطي الموضوع حقه الكافي في الدراسة، خاصة أن هذا الترهيب يعد من أهم الأسباب التي توصل المراهق إلى التفكير في الانتحار.
 
وكانت دراسة حديثة أخرى بداية العام الحالي قد حللت البيانات المختلفة من 34 دراسة تناقش العلاقة بين الترهيب والتفكير في الانتحار و8 دراسات أخرى تناقش العلاقة بين الترهيب والمحاولات الفعلية للانتحار، وقام الباحثون بقصر دراستهم على الإساءة والتحقير والإهانة بين الأقران فقط، بمعنى أن الدراسة لم تتطرق إلى محاولات الإدمان أو الانحراف الجنسي أو غيرها، وكان عدد الشباب الذين شملتهم الدراسات 284375 شابا ووجدوا علاقة بين الترهيب والتفكير في الانتحار في 70102 من المشاركين.
 
ولم يكن هناك فروق بين الذكور والإناث أو المراهقين في بداية المراهقة أو في نهايتها، وهذا يفند الادعاء بأن الفتيات أكثر عرضة للتفكير في الانتحار في حالة تعرضهن للترهيب. 
 
وعلى الرغم من أن الدراسات السابقة أشارت إلى أن نسبة التفكير في الانتحار ثابتة حيال تعرض المراهق للترهيب عبر الإنترنت أو الترهيب التقليدي الفعلي؛ فإن هذه الدراسة أشارت إلى أن نسبة التفكير في الانتحار بسبب الترهيب الإلكتروني أعلى من الترهيب التقليدي.
 
وتعود خطورة الترهيب الإلكتروني إلى سرعة انتشاره وكبر حجم تأثيره على الكثير من الأفراد، فضلا عن أن الإساءات والإهانات تظل محفوظة دائما مما يمثل إهانة دائمة للمراهق الضحية، ولذلك شددت الدراسة على ضرورة حماية المراهق من هذه الأخطار وطالبت بتعاون مجتمعي لاحتواء هذه الظاهرة.