معدلات الإصابة بفقر الدم لدى الأطفال .. لماذا تزال مرتفعة؟

يحدث نتيجة انخفاض عدد كريات الدم الحمراء أو الهيموغلوبين
يحدث نتيجة انخفاض عدد كريات الدم الحمراء أو الهيموغلوبين

على الرغم من الجهود العالمية المبذولة في التشخيص المبكر لمرض الأنيميا (فقر الدم) وعلاجه في العالم كله، فإن المفاجأة كانت حين أعلن أن معدلات الأنيميا ما زالت مرتفعة خاصة لدى الأطفال الصغار والنساء، وهما الفئتان الأكثر عرضة لمخاطر التعرض للأنيميا تبعا للتقرير الذي تتبع معدلات الأنيميا في الفترة من 1990 وحتى عام 2010.
 
وقد نشر التقرير في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي في «مجلة الجمعية الأميركية لأمراض الدم» the Journal of the American Society of Hematology.
 
وتكشف الدراسة الجديدة أن خطر التعرض للأنيميا في الأغلب يكون أكبر على المجتمعات الفقيرة والأقل على المستوى الاجتماعي، ولكن يمكن أن يؤثر أيضا على مواطني الدول الغنية، وهو الأمر الذي يشكل خطورة طبية عالمية.
 
وتبلغ نسبة الإصابة نحو 24 في المائة من السكان على مستوى العالم، وبالنسبة للأطفال تحت عمر الخامسة تصل النسبة إلى 47 في المائة على مستوى العالم، وفى الأطفال عموما تتراوح النسبة بين 20 و40 في المائة.
 
فقر الدم
والمعروف أن الأنيميا هي توصيف لعدة أعراض نتيجة لانخفاض إما عدد كريات الدم الحمراء أو كمية الهيموغلوبين الموجودة في كريات الدم (الهيموغلوبين هو بروتين مسؤول عن حمل الأكسجين إلى الرئة ومنها إلى جميع أجزاء الجسم) ونتيجة لهذا النقص ينتج العديد من المتاعب الصحية.
 
وتتعدد أسباب الأنيميا، فقد تكون نتيجة لضعف إنتاج كريات الدم الحمراء (التي تحتوي على جزيء الهيموغلوبين) أو زيادة الفقد والتكسير فيها. ونتيجة للمستويات المنخفضة للأكسجين، تكون هناك أعراض مثل الضعف العام وسرعة التعب وضعف التركيز والشحوب الذي يبدو ملحوظا على الشفاه وسطح الجلد، كما تكون هناك سرعة لضربات القلب، وهناك بعض الأعراض المرتبطة بالأسباب المؤدية لها مثل حالة الأنيميا الناتجة عن التكسير، فإن نسبة الصفراء تزيد في الدم. 
 
وبالنسبة للأطفال تعدّ الأنيميا خطرا قوميا يهدد صحة الأطفال لأنها يمكن أن تشمل ضعف القدرات الإدراكية ويمكن أن تؤثر على الحركة أيضا وتؤدي إلى التراجع الدراسي والنمو بشكل عام.
 
أنواع متعددة
المشكلة الحقيقية في تقييم عدد المصابين بالأنيميا عالميا والتي تؤدي إلى تقديرات خاطئة، هي فرضية أن الأنيميا يسببها فقط نقص الحديد، ولذلك يجري تجاهل العديد من أنواع الأنيميا الأخرى سواء الناتجة عن زيادة تكسير كريات الدم نتيجة للعديد من الأسباب سواء جينية مثل شكل كرية الدم نفسه، أو لعيوب في تركيب جزيء الهيموغلوبين، أو لأمراض مزمنة، أو نقص بعض المواد اللازمة لكرية الدم مثل حمض الفوليك وفيتامين «بي12»، وغيرها من الأسباب.
 
ولا يقتصر الأمر على التشخيص فحسب؛ بل أيضا يركز الأطباء في العلاج على رفع نسبة الحديد ظنا منهم أن الأنيميا ناتجة عن نقصه (من المعروف أن الأنيميا الناتجة عن نقص الحديد هي أشهر أنواع الأنيميا).
 
ويجب أن يوضع في الحسبان أنه في بعض البلدان تكون هناك العديد من الحالات التي لا يجري تشخيصها نتيجة لتردي الرعاية الصحية خاصة في البلدان النامية، وهو ما يعطي نسبا خاطئة عن الأعداد الحقيقية للمرضى. 
 
وتبلغ نسبة انتشار المرض في الطبقات الفقيرة التي تعاني من سوء التغذية وانخفاض الوزن تحت المستويات المطلوبة، من 50 إلى 70 في المائة من الأفراد المعرضين لذلك مثل الأطفال والأمهات اللاتي انتهين للتو من الولادة أو في مرحلة الرضاعة.
 
دراسة دقيقة
وبهدف زيادة دقة الدراسة، فقد جرى تجميع البيانات عن أكثر من 17 سببا يمكن أن تسبب الأنيميا وعوامل الخطورة، والحوادث التي يمكن أن تسبب النزف وغيرها، من 187 دولة حول العالم في الفترة من 1990 وحتى عام 2010.
 
وكان التقييم للأفراد الذين عانوا فعلا من المشكلات الصحية جراء الأنيميا وأيضا حساب مستويات الهيموغلوبين العالمية المناسبة لكل فئة عمرية واختلاف الجنس وظروف أخرى مثل الحمل.
 
وعلى الرغم من أن معدل الأنيميا على المستوى العام انخفض من 40 في المائة في سنة 1990 إلى 32 في المائة في سنة 2010، فإن المستوى لا يزال مرتفعا بالنسبة للأطفال أقل من عمر خمسة أعوام وهى مرحلة ما قبل دخول المدرسة. وهذه الفئة العمرية تعد أعلى نسبة أنيميا بين كل الأعمار فضلا عن كونها من أعنف الحالات وأشدها أيضا بالنسبة للأسر منخفضة ومتوسطة الدخل. 
 
وأيضا أشارت الدراسة إلى الفروق بين الجنسين، حيث عانت السيدات من الأنيميا أكثر من الرجال في المناطق الجغرافية المختلفة. كما أشارت الدراسة إلى التفاوت الضخم في عدد الإصابات بين دول العالم، فبينما انخفضت النسبة في شرق وجنوب آسيا، زادت النسبة في جنوب أفريقيا وفى الدول الفقيرة، بل وفى بعض الدول التي لا تعد نامية مثل البرازيل؛ إذ إن هناك واحدا من كل خمسة أطفال يعانى من الأنيميا.
 
وتأتى هذه النتائج لتؤكد أن النساء والأطفال ما زالوا في طليعة الفئات التي تتحمل عبء الأنيميا، وهو الأمر الذي يحتم أن يجري إعطاء الأولوية في التشخيص والعلاج لهذه المجموعات، خاصة في المناطق المعرضة للخطورة.
 
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن رفع مستويات الهيموغلوبين عند الأم الحامل وتفادي الولادة المبكرة من الأمور التي يمكن أن تساهم في خفض عدد الإصابات بالنسبة للأطفال والأمهات الحوامل.