الكاروهات المربعة .. تتربع على عرش خزانة الرجل هذا الموسم

بعد أن فككها المصممون من مبالغاتها وإيحاءاتها القديمة
بعد أن فككها المصممون من مبالغاتها وإيحاءاتها القديمة

سواء تقبلتها بسهولة أو ما زلت متخوفا منها، أو بالأحرى من إيحاءاتها المغرقة في الكلاسيكية والروح الإنجليزية، فإن الكاروهات، أي النقشات المربعة، تفرض نفسها في ساحة الموضة الرجالية هذا الموسم.
فما إن طالعتنا في عروض «جوتشي» و«برادا» بميلانو، و«بول سميث» بباريس، وطبعا في عروض «هاكيت»، و«جيفس آند هوكس»، و«جيمس لونغ»، وغيرهم بلندن، حتى انتشرت انتشار النار في الهشيم في الأسواق.
والفضل يعود إلى أنها جاءت في بدلات رسمية وغير رسمية على حد سواء بأسلوب أنيق، من الصعب مقاومة إغرائه سواء تعلق الأمر بالرجل المستعد لمعانقة الجديد أو المتحفظ. وإلى عهد قريب، كان سبب هذه المقاومة أن هذه النقشات ارتبطت بأقمشة سميكة وتصاميم مغرقة في الرسمية. لكن شتان بينها في الأمس وبينها اليوم، حيث اكتسبت خفة بفضل تطور التكنولوجيا وتقنيات غزل الصوف خصوصا.
بيد أن الفضل الأكبر لانتشارها يعود إلى استعمال مصممين من أمثال توم فورد وبول سميث وكارولينا هيريرا وغيرهم لها في تصاميم جد حيوية تخاطب الشباب. فنظرة سريعة لما قدموه في أسابيع الموضة الرجالية لخريف وشتاء 2013، أو زيارة خاطفة إلى «سافيل رو»، أهم شارع تفصيل في بريطانيا، ستؤكد أن القصة تغيرت تماما.
ورغم أن سعر بدلة من «جوتشي» قد يصل إلى 1.605 جنيهات إسترلينية، ومن «برادا» إلى 1.715 جنيها إسترلينيا، فإن هذه الأسعار لن تخفف من حجم الإقبال عليها من الشباب قبل الكبار.
فهي أسعار تبررها التصاميم الرشيقة ونوعية الصوف الخفيف والمترف التي استعملت فيها، الأمر الذي ساعد على إخراجها من تجمدها في عصر مضى، ارتبطت فيه بصورة «جنتلمان» إنجليزي كبير في السن ومتشبث بالتقاليد الرسمية، وإدخالها عالم الشباب. 
وليس ببعيد أن يسوقها بول سميث حتى للشاب الياباني، الذي يعشق في العادة الصرعات والتصاميم الحداثية والمستقبلية. في عرضه بباريس، قدمها في كنزات بأشكال غرافيكية، كما في بدلات بألوان حيادية مثل الرمادي والأحمر القاني، إلى جانب معاطف مزدوجة يصل سعرها إلى 1.445 جنيها إسترلينيا. لكن هذه الموجة أخذت في بريطانيا بعدا أجمل وأقوى على يد مصممين كانوا منتظرين هذه الإشارة للغرف من إرثهم الغني واستعراض قدراتهم فيه.
دار «هاكيت»، مثلا، استعملت قماش التارتان في ياقات تزين سترات المساء والسهرة، وأيضا في بدلات مكونة من ثلاث قطع، يبدأ سعرها من 1000 جنيه إسترليني. صحيح أنها قد تبدو رسمية للوهلة الأولى، لكنها على العكس تماما، بالإضافة إلى أخرى مكونة من قطعتين تبدأ من 475 جنيها إسترلينيا. 
ريتشارد جيمس أيضا قدم توليفة من البدلات يقدر سعرها بنحو 1.050 جنيها إسترلينيا، والمعاطف الصوفية بأكتاف ناعمة وخصور محددة مما أضفى عليها صبغة أوروبية أكثر انطلاقا.
وربما تكون دار «دانهيل» أكثر من تمسكت بالرسمية في بدلات مكونة من ثلاث قطع بدرجات كحلية ورمادية غامقة، لكنها تستحق الـ1.850 جنيها إسترلينيا لأنها تليق بالمناسبات المهمة.
في «سافيل رو»، حيث يقع محل «جيفس آند هوكس» نجح مصممها الأميركي الأصل جايسون باسماجيان أن يخفف من غلو هذه النقشات وأي شيء يمكن أن يشي بجرأتها، بأن جعل التارتان والتويد على حد سواء يبدوان خفيفين على العين، من حيث الوزن وحجم هذه النقشات وطريقة غزلها وحياكتها.
وحتى بدلاته الرسمية المكونة من ثلاث قطع (تقدر بنحو 945 جنيها إسترلينيا) تبدو رشيقة تلعب على التقاليد القديمة بحرفية، بما فيها تلك التي استوحاها من الأقمشة الخاصة برحلات الصيد.
لكن الإنجليز ليسوا الوحيدين الذين أتقنوا هذه الموضة بحكم طول باعهم فيها، فالأميركيون أيضا استحلوها وتفننوا فيها، بحكم حبهم للثقافة البريطانية من جهة، وإجلالهم للطبقات الأرستقراطية التي ارتبطت بها هذه الموضة حتى عهد قريب من جهة ثانية. رالف لوران، استوحى منها الكثير في خطه «بيربل»، لكن بسعر 3.495 جنيها إسترلينيا، وهو نفس المبلغ الذي يمكن أن تفصل به بدلة على المقاس في «سافيل رو». 
نفس الشيء يمكن أن يقال على توم فورد وبدلاته التي تقدر بنفس الثمن تقريبا. كارولينا هيريرا، أيضا لعبت على مفهوم الـ«جنتلمان» الإنجليزي بطرحها بدلات من ثلاث قطع أو قطعتين مصنوعة من أقمشة اسكوتلندية وإنجليزية حقنتها بجرعة عصرية تجعلها تليق برجل يريد التميز أيا كانت بيئته وطموحاتها، ما دام التميز هدفه.

همسات:

- حتى البدلة المكونة من ثلاث قطع، السترة والبنطلون والصديري، يمكن التخفيف من مظهرها الرسمي، بالاستعاضة عن القميص بكنزة من الصوف.
- إذا كانت النية الحصول على بدلة شبابية وعصرية، فمن الضروري أن تكون بتصميم بسيط وبصف أزرار واحد، أي الاستغناء عن أي تفاصيل إضافية لأن هذه النقشات تكفي.
- النقشات البارزة، بأحجام كبيرة، خصوصا في قماش التارتان الاسكوتلندي، لا تناسب الكل، وقد لا تروق للرجل العربي أو تناسب بيئته، لكنها إذا اقتصرت في بعض التفاصيل الصغيرة مثل الياقة، فإنها تصبح معقولة أكثر. ومع ذلك تبقى الخفيفة والهادئة والتي تدخل في غزل قماش التويد الخيار المضمون.
- يمكن ارتداء هذه البدلات حتى في أماكن العمل للفت الانتباه بشكل إيجابي طالما هي ليست من التارتان ومبالغا فيها. كما يمكن ارتداء كل قطعة من البدلة وحدها لمظهر مختلف ومتجدد. وربما تكون السترة هي الأكثر استعمالا، إذ يمكن تنسيقها مع بنطلون جينز أو مع بنطلون عادي من الصوف، بألوان مختلفة، في مناسبات كثيرة.
- أشكال هذه المربعات وأحجامها مسألة ذوق شخصي، لكن إذا كانت النية لفت الانتباه، فإن كبيرة الحجم هي المطلوبة، وإن كانت تحتاج إلى ثقة عالية ورشاقة جسم. أما إذا كانت النية مواكبة الموضة بشكل أقرب إلى التحفظ، فإن المربعات الرقيقة والهادئة التي تتداخل فيها الألوان ذات الدرجات القريبة هي المطلوبة.
- لأنها في أذهان البعض لا تزال ترتبط بزمن ولى، أي أنها قد تكون «دقة قديمة»، فإن القصات والتصاميم تلعب دورا مهما في منحها الحيوية، لهذا يجب أن يكون التصميم مفصلا على الجسم ومنطقة الخصر، بأكتاف ناعمة وياقات عصرية، لأن هذا ما سيفرق الـ«ريترو» عن الأنيق والعصري.
موضة تحتاج إلى بعض الثقة كما تضفي على صاحبها الكثير من الثقة، وهذا هو المطلوب في الأزياء الرجالية حاليا، لهذا فإذا كنت تمتلك الجرأة وتتمتع بحس فني في تنسيق الألوان والمتناقضات، يمكن أن تكون حتى إكسسوارات منقوشة بها. أما إذا كنت مبتدئا أو غير واثق من هذه الموجة، فاكتف بجوارب من الصوف أو كنزة أو قميص أو ربطة عنق فقط.

ثلاث نقشات .. ثلاث إطلالات

عندما نتحدث عن النقوشات الاسكوتلندية والمربعات، فإن التارتان هو أول ما يتبادر إلى الذهن، في حين أن هذه النقشات تشمل ثلاثة أشكال مختلفة حسب طريقة غزل النسيج وكيفية تداخلها مع بعض.
الأول يعرف بـ «ويندو باين» windowpane ويتميز بخطوط أفقية وأخرى عمودية تتلاقى لتكون مربعات واضحة ومميزة، وهي التي طرحها المصمم توم فورد في الموسم الماضي وحققت نجاحا لا يستهان به بين شريحة الشباب تحديدا.
الثاني «نقشات غلين» glen plaid، وهو نسيج مغزول ومحاك بإحكام مع بعض ليأتي على شكل مربعات مكسورة من الجوانب، وربما يكون هذا الأكثر هدوءا، خصوصا إذا تم ارتداؤه مع قميص أو كنزة بلون واحد وربطة عنق من الصوف لعدم لفت الانتباه. 
وهذا يعني أن هذه النقشات تناسب الذي تعود على الألوان الهادئة والأحادية. الثالث هو «برينس أوف وايلز» Prince of Wales، وهو مزيج من الأول والثاني، وربما هو الأشهر لارتباطه بالطبقات المالكة والأرستقراطية في بريطانيا، علما أن طريقة تداخل مربعاته وخطوطه مع بعضها تجعله أكثر جرأة ولفتا للنظر، لهذا يفضل تنسيقه مع قميص بلون واحد لخلق بعض التوازن.