هل تكشف «سمكة كولاكنث» أسرار تطور الحيوانات البرمائية .. والبشر؟

سمكة كولاكنث تتطور جيناتها ببطء لأنها لم تحتج يومًا التغيير
سمكة كولاكنث تتطور جيناتها ببطء لأنها لم تحتج يومًا التغيير

اكتشف العلماء أولًا أن سمكة كولاكنث لم تنقرض، وثانيًا أنها لم تتغير منذ 300 مليون سنة إلا قليلًا، وثالثًا أن في جينومها تكمن أسرار تطور الحيوانات البرمائية، وحتى تطور البشر.
 
طول سمكة كولاكنث خمسة أقدام، وزعانفها شبيهة بالأطراف، ويمكنها أن تقدم لمحة عن تطور المخلوقات البحرية إلى حيوانات برية. فالتحليل الأول للجينوم الخاص بها يبيّن أنها تتطور أبطأ من غيرها من الحيوانات، لكنه يساعد العلماء على فهم تفاصيل تكيف الأسماك مع بيئتها على الأرض.
 
ظل هذا النوع الفريد من الأسماك من دون تغيير تقريبًا لأكثر من 300 مليون سنة، وهو يتيح للعلماء كشف أسرار التطور بعدما تمكنوا من فك الجينوم الخاص بها للمرة الأولى.
 
بطيئة التطور
 تعيش أسماك كولاكنث في الكهوف البحرية في الأعماق، وقد اعتقد العلماء أنها انقرضت منذ زمن طويل، إلى أن تم اكتشاف إحداها قبالة الساحل الأفريقي في العام 1938. وتبيّن أن هذه الأسماك ما زالت تشبه إلى حد كبير الهياكل العظمية المتحجرة لأسلافها منذ 300 مليون عامًا.
 
يؤكد جينوم سمكة كولاكنث ما كان الكثير من الباحثين يشتبهون به منذ فترة طويلة، أي إن جينات كولاكنث أبطأ تطورًامن الكائنات الحية الأخرى.
 
وقالت جيسيكا ألفولدي، عالمة أبحاث في معهد برود أسنتيتوت، ومؤلفة مشاركة في دراسة جينوم كولاكنث: "وجدنا أن الجينات عمومًا لدى الكولاكنث تطورت بسرعة أبطأ بكثير من الأسماك الأخرى والفقاريات التي قمنا بدراستها".
 
وأشارت إلى أن الأبحاث الأولى التي أجريت على جينات هذه السمكة تكفي لتأكيد النظرية، التي تقول إن سمك كولاكنث تطور ببطء، لأنه ببساطة لم يكن بحاجة إلى أن يتغير، أو أن يعدل من تكوينه. وهكذا، لم تتغير أسماك كولاكنث، التي تعيش في أعماق المحيطات قبالة ساحل شرق أفريقيا وسواحل أندونيسيا، إلا قليلًا.
 
أحفورة حية
 قال كيرستين يندبلاد توه، المدير العلمي لدراسة الفقاريات وجينوم علم الأحياء في برود أسنتيتوت: "كثيرًا ما نتكلم عن سبل تغير الأنواع على مر الزمن، لكن هناك عددًا قليلًا من الكائنات الحية على الأرض التي لم تتغير، وهذه الأسماك واحدة منها".
 
فبنية كولاكنث جعلتها مناسبة للعيش في البيئة المتطرفة التي لا تتغير، أي في أعماق البحار، ولهذا لم تضطر إلى التطور. ونظرًا إلى تشابهها مع الأحفوريات التي يرجع تاريخها إلى ملايين السنين الماضية، سميت سمكة كولاكنث باسم الأحفوريات الحية، وهو مصطلح وضعه تشارلز داروين.
 
لكن بعض العلماء يخالفون داروين في هذا المصطلح، ويقولون إن سمكة كولاكنث ليست مجرد أحافير عادت فجأة إلى الحياة، بل هي نوع من المخلوقات، التي نجت وتناسلت، وتغيرت قليلًا في المظهر على مدى ملايين السنين.
 
وعلقت ألفولدي: "هذه السمكة كائن حي، لا تعيش في فقاعة الزمن، بل تعيش في عالمنا، ورائع أن نعرف أن جيناتها تتطور ببطء أكثر من جيناتنا".
 
أم البرمائيات
 أتاحت دراسة جينوم أسماك كولاكنث للعلماء الإجابة عن أسئلة الأخرى، طال النقاش حولها، مثل: لماذا تملك ميزات مشابهة لتلك التي ظهرت بشكل غريب فقط في الحيوانات التي تسكن على الأرض، كالزعانف الشبيهة بأطراف الحيوانات البرية رباعية الأرجل؟.
 
يرجّح العلماء أن تكون كولاكنث واحدة من أنواع الأسماك ذات الزعانف الشبيهة بالأطراف هي التي أنتجت أول المخلوقات البرمائية، التي تدبّ على أربعة أرجل، وخرجت من الماء إلى الأرض.
 
لكن حتى الآن، لم يستطع العلماء معرفة أية فصيلة من الأسماك كانت المسؤولة عن مثل هذا التطور. إنها مجرد بداية للعديد من التحليلات، التي يمكن أن تطلعنا عليها أسماك كولاكنث عن ظهور الفقاريات البرية، بما في ذلك البشر.