رحيل الكاتبة روث براور جابفالا .. الضلع الثالث في شراكة سينمائية جمعت أديانا ثلاثة

روث براور جابفالا، كاتبة السيناريو التي فازت بالأوسكار مرتين، توفيت في نيويورك عن خمس وثمانين سنة. شهرتها لم تكن في كونها فازت بجائزة أكاديمية العلوم والفنون في هوليوود فقط، بل أساسا في أنها كانت واحدا من الأضلاع الثلاثة التي جمعت بين المنتج إسماعيل مرشنت والمخرج جيمس إيفوري. 
الأول توفي عن 68 سنة في الخامس والعشرين من مايو (أيار) سنة 2005، والثاني لا يزال حيا يحمل على كاهله سنواته الـ 84 التي حقق خلالها 34 فيلما. إلى جانب أن الثلاثي حقق في ما حقق «غرفة ذات منظر» و«البوسطونيون» و«هواردز إند» و«باقي اليوم» من بين أخرى عدة، عرف أنه جمع بين ثلاثة أديان: إسماعيل مرشنت كان مسلما، جيمس إيفوري مسيحيا، وروث براور ولدت يهودية في برلين سنة 1927.
والداها كانا بولنديين هاجرا إلى ألمانيا، لكن مع تمادي الخطر النازي قررا الهرب بعائلتهما إلى بريطانيا سنة 1939. في الخمسينات تعرفت على رجل هندي وتزوجته ثم انتقلت لتعيش معه في نيودلهي. هناك بدأت بكتابة الروايات والقصص القصيرة.
الفضل في تحولها إلى الكتابة السينمائية يعود إلى إسماعيل مرشنت الذي كان لا يزال يافعا في عام 1961 عندما اتصل بها وسألها إذا ما كانت ترضى كتابة سيناريو عن رواية وضعتها بعنوان «مالك المنزل». آنذاك كان إسماعيل يبحث عن مشروع لأول أعماله، وهو التقى، في الهند، بأميركي يبحث عن فرصة تحقيق فيلمه الروائي الأول أيضا (كان مرشنت حقق بضعة أفلام تسجيلية).
في عام 1963 تم إنجاز الفيلم الذي ربط بين الثلاثة في شراكة لم يهزمها سوى الموت، وكان ذلك الفيلم الأول في سلسلة من الأفلام بلغت 23 فيلما ألفت هذا التعاضد وكانت نتيجة له في الوقت ذاته. من بين هذه الأفلام «منظر بغرفة» الذي نالت عنه روث أوسكار أفضل سيناريو سنة 1987، بعد ذلك بست سنوات تسلمت جائزتها الثانية عن «هواردز إند».
بعض أفلامها كان عن روايات كلاسيكية لكتاب آخرين، كما الحال حين اقتبست رواية الكاتب الياباني كازاو إيشيغورو «بقايا اليوم» (1993) الذي قام ببطولته أنطوني هوبكنز وإيما تومسون وجيمس فوكس.
أما «البوسطونيون» (1984) فاقتبسته عن رواية هنري جيمس ولعب بطولته كل من كريستوفر ريف وفانيسا ردغراف. وهي نقلت رواية إ. إم. فورستر الصعبة «غرفة مع منظر» (1985) الذي ظهر يه كل من ماغي سميث، وهيلينا بونام كارتر، ودنهولم إليوت، وجودي دنش، ودانيال داي لويس.
من بين الأفلام التي كتبتها خصيصا للسينما «حرارة وغبار» (1983) و«جفرسون في باريس» (1995). في كل الحالات عمدت روث إلى شخصيات مكثفة وانجذبت إلى تلك التي لديها نظرة غير متفائلة للحياة أو منغلقة على ذاتها وتلك التي ترتدي نظارات داكنة تعبيرا عن خلوها من التوقعات، بل إن كتاباتها في السنوات الأخيرة أصبحت أكثر دكنة.
في الثمانينات والتسعينات كان هذا الثلاثي من بين أهم صانعي الأفلام أوروبيا وأميركيا. أعماله الكلاسيكية كانت مطلوبة من هوليوود كما من سواها، لكن هوليوود لم تستطع إغراء أي منهم صنع أفلامهم على طريقتها، بل حافظ إسماعيل وصاحبيه على ذلك المستوى الأدبي والفني العالي والمميز.
بعد سنوات قليلة من بداية عملها للسينما أدركت أنها لم تعد تريد الحياة في الهند. في عام 1975 تركتها إلى نيويورك حيث ماتت فيها. خلال حياتها وفي كتاباتها قلما ذكرت شيئا عن حياتها المبكرة، كما لو أنها قررت أن حياتها بدأت بانعتاقها من الطقوس الهندية إلا أنها لم تعد ترغب فيها معلنة أنها «أوروبية الثقافة وإنجليزية التعليم وميل بائس لتحليل نفسي»، وذلك كما ذكرت في التمهيد لواحدة من رواياتها التي لم تنتقل إلى السينما، وهي «كيف أصبحت أما مقدسة».
آخر فيلم لها على الشاشة كان «مدينة وجهتك الأخيرة» الذي أخرجه جيمس إيفوري (وهو آخر فيلم له حتى الآن ولو أنه يتحدث أحيانا عن رغبته تقديم «رتشارد الثالث» في مشروع قريب) سنة 2009. بذلك التعاون بينهما تابعا العمل كضلعين من المثلث الناجح. الآن بات إيفوري الضلع الأخير.