جولة داخل أشهر محطات مترو الأنفاق المسكونة بالأشباح في لندن

يعرف زوار لندن من سياح العالم شبكة مترو الأنفاق فيها جيدا، فهي أسهل وسيلة للتنقل بين أرجاء العاصمة البريطانية مترامية الأطراف. ولكن ما لا يعرفه العديد من هؤلاء الزوار أن بعض محطات شبكة المترو مسكونة بالأشباح، وفقا لما يقوله أهل لندن أنفسهم ويؤكده العاملون في الشبكة.
وهناك جولات سياحية متخصصة تعرض للسياح غرائب شبكة المترو التي تسمى في لندن «تيوب» أو «أندرغراوند». وتعود معظم مشاهدات الأشباح إلى أحداث دموية في تاريخ لندن أو تاريخ الشبكة العتيقة.
ويقال إن أكبر العقبات التي اعترضت بناء شبكة مترو الأنفاق في لندن قبيل افتتاح أول خط فيها في عام 1863، كان تجنب مواقع المدافن الجماعية لآلاف من ضحايا الطاعون الذي ضرب البلاد في عام 1665 وقضى على ما يقرب من نصف سكان لندن حينذاك. ولا توجد خرائط أو معرفة دقيقة بمواقع هذه المدافن الجماعية، ولا بد أن تكون أنفاق المترو قد اخترقت بعض هذه المدافن.
وهو ما حدث فعلا عند حفر خط «فيكتوريا» عند محطة «غرين بارك» عندما اقتحمت آلات الحفر إحدى أكبر هذه المقابر القديمة وأثارت الفزع بين عمال الحفر في عام 1960. وتوجد مقبرة جماعية أخرى عند نهاية خط «بيكرلو» عند محطة «إيليفانت آند كاسل»، وهو ركن من المحطة لا يقترب منه أحد حتى الآن.
وحتى في المناطق الراقية في لندن، بين محطتي «نايتسبردغ» و«ساوث كينزنغتون» اضطر العمال إلى الحفر دائريا حول إحدى هذه المقابر التي كانت مكدسة ببقايا من دفن فيها إلى درجة كان من الصعب اختراقها حفرا.
وبالإضافة إلى المقابر الجماعية شهدت شبكة أنفاق لندن بعض الحوادث المأساوية في تاريخها البالغ 150 عاما.. فهناك العديد من حالات الوفاة أثناء بناء الشبكة وأثناء صيانتها، وأيضا حوادث قتل عنيف سواء على أرصفة المحطات ومداخلها أو على خطوط المترو المكهربة.
هناك أيضا سجل حافل بحوادث الانتحار، وحوادث تصادم قطارات لها ضحايا كثيرون، وحرائق هائلة أودت بحياة المئات. كما تعرضت الشبكة إلى القصف المكثف أثناء الحرب العالمية الثانية راح فيها العديد من الضحايا، معظمهم من النساء والأطفال الذين كانوا يستخدمون بعض المحطات كمخابئ. ومؤخرا تعرضت الشبكة أيضا لحوادث إرهابية في عام 2005 من عدد من المتطرفين الانتحاريين.
من أشهر المحطات المقامة على مقابر جماعية من عصر الطاعون محطات «ليفربول ستريت» و«أولدغيت». كذلك تعرضت محطة «أولدغيت» إلى قصف مباشر أثناء الحرب العالمية الثانية وقتل فيها العشرات.
وقد يفسر ذلك بعض الأحداث الغريبة التي وقعت في هذه المحطة التاريخية التي افتتحت يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1876.. ففي منتصف القرن الماضي أخطأ كهربائي في إصلاح أحد كابلات الضغط العالي وتعرض لصدمة كهربائية قوتها 20 ألف فولت، وسط مجموعة من زملائه، وكانت هذه الشحنة كافية لقتله ولكنه لم يصب بسوء سوى فقدان الوعي لبعض الوقت وأقسم زملاؤه على أنهم شاهدوا سيدة بجسم شبه شفاف تضع يدها على رأسه قبيل الحادث مباشرة. وقال عمال آخرون إنهم سمعوا وقع أقدام في الأنفاق تقترب ثم تختفي.
أشهر المحطات الأخرى التي يقال إنها مسكونة بالأشباح.. وبعض الروايات التي يرويها أهل لندن عنها 
- محطة «أولدويتش»: وهي محطة افتتحت في عام 1907، ولكنها غير مستخدمة الآن. أثناء الحرب العالمية الثانية تم إغلاق المحطة واستخدامها كملاذ من الغارات الجوية، كما استخدمت أنفاقها لتخزين كنوز الآثار من المتحف البريطاني.
وافتتحت المحطة مرة أخرى بعد الحرب ولكنها أغلقت في عام 1994 لعدم وجود جدوى اقتصادية لتكاليف إصلاح وصيانة المصاعد فيها. وبنيت المحطة على مقر مسرح تاريخي، ويقال إن شبح إحدى الممثلات في هذا المسرح ما زال يسكن المحطة.. فعلى مر السنين شاهد العديد من العمال ومستخدمي المحطة هذا الشبح وهو يتجول في الأنفاق ولا يظهر إلا بعد منتصف الليل. مما يذكر أن هذه المحطة تستخدم الآن في الأفلام وبعض المناسبات الخاصة، ومن أشهر الأفلام التي صورت فيها: «سوبر مان 4»، و«ألعاب وطنية»، و«فينديتا».
- خط «بيكرلو»: العديد من الركاب في خط مترو أنفاق اسمه بيكرلو، قالوا إنهم شاهدوا انعكاسا على نوافذ القطار لشخص يجلس في المقعد المجاور لهم في القطار أثناء الرحلات الليلية على الرغم من أن القطار يكون شاغرا إلا من ركاب قليلين في مقاعد متباعدة.
- محطة «بنك»: وهي قريبة من بنك إنجلترا وتقع على الخط المركزي «سنترال لاين». في 11 يناير (كانون الثاني) 1941 سقطت قنبلة ألمانية على مدخل المحطة مباشرة، وقتلت نحو 50 شخصا بينما جرح نحو 70 آخرين.
وكان قطر الحفرة الناتجة عن القنبلة نحو 35 مترا، مما استدعى تركيب جسر مؤقت عليها للمرور الأرضي. ولكن الشبح الذي يسكن محطة «بنك» ليس لأي من هؤلاء الضحايا وإنما لشخصية تاريخية اسمها سارة ويتبريد.
وتعود أصول قصة سارة إلى عام 1811 حينما حوكم أخوها فيليب بتهمة التزوير وبعد محاكمة سريعة في محكمة جنايات «أولد بيلي» تم إعدامه شنقا. ويقال إن سارة أصيبت بمس من الجنون حزنا على أخيها لمدة 25 عاما، هي بقية حياتها، كانت تأتي إلى محطة «بنك» يوميا متشحة بالسواد، تبحث عن أخيها.
وفي أكثر من مناسبة شوهد شبح سارة بلباسها الأسود يتجول في محطة «بنك» كما سجل العديد من مستخدمي المحطة وجود روائح كريهة في المحطة وشعورهم بالكآبة أثناء وجودهم فيها.
- محطة «بيثنال غرين»: وهي من المحطات العميقة تحت الأرض وكانت تستخدم كملاذ من الغارات الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية، ولكنها تحولت في أول مارس (آذار) عام 1941 إلى موقع لأسوأ كارثة مدنية أثناء الحرب في لندن.. فعند سماع صفارات الإنذار تدافع سكان المنطقة إلى المحطة للاختباء فيها في ليلة ممطرة.
وبلغ من التدافع على سلالم المحطة المنزلقة أن بعض النسوة سقطن تحت الأقدام ثم تراكم التدافع مع مئات القادمين من الشارع إلى المحطة وسط صراخ وفزع مئات آخرين بالداخل. وبعد نهاية الغارة كانت حصيلة الضحايا 173 قتيلا من بينهم 84 امرأة و62 طفلا.
وفي عام 1981 أغلق ناظر المحطة أبوابها وجلس في مكتبه لإنهاء بعض الأوراق في نهاية الدوام، فسمع أصوات صراخ وعويل من أطفال ونساء في المحطة أخذت تتزايد حتى أصيب الرجل بالفزع وهرول إلى خارج المحطة. ورفض الموظف بعد ذلك العودة إلى وظيفته في المحطة وطلب نقله إلى محطة أخرى
- محطة «المتحف»: وهي محطة مغلقة منذ عام 1933 وتقع بجوار المتحف البريطاني. وهي مسكونة بشبح مصري قديم كان يتجول بين أرصفتها ليلا ويثير الذعر بين ركاب المحطة. ويقال إنه يماثل إحدى الموميات المصرية القديمة المحفوظة في المتحف القريب. وعرضت صحيفة يومية بريطانية جائزة مالية لمن يقضي ليله بمفرده على رصيف محطة «المتحف» المسكونة، ولكن أحدا لم يقبل المغامرة.
- محطة «كوفنت غاردن»: وهي تعاني من شبح ممثل اسمه ويليام تيريس كان يمثل أدوار البطولة في مسرح «أديلفي» القريب، ولكنه في ليلة 16 ديسمبر (كانون الأول) 1897 أصيب بطعنة سكين من مختل عقليا على مدخل المحطة.
وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بين ذراعي زوجته قال لها «سوف أعود!» وشاهد أحد عمال المحطة شبح هذا الممثل في عام 1955 وتعرف عليه من صورة التقطت له في ذروة نجاحه على المسرح. وهو يظهر أيضا في أرجاء المسرح القريب، واسمه مسرح «لايسيوم».
وكان آخر ظهور له في المحطة في عام 1972، ولكن العديد من المشاهدات الأخرى جرت أيضا قبل هذا التاريخ وبعضها كان لأصوات وخطوات داخل المحطة، بينما كانت مغلقة للجمهور بعد منتصف الليل.
- محطة «هايد بارك كورنر»: في نوفمبر عام 1978 سجل ناظر المحطة بعض الأحداث الغريبة التي وقعت له ولزميل له بعد انتهاء الدوام. فبعد إغلاق المحطة وسحب تعشيق الكهرباء من المصاعد ذهب الموظف وزميله إلى مكتب المحطة.
وبعد برهة سمعا صوت المصعد يتحرك صعودا وهبوطا. وذهب الاثنان معا للتأكد من عزل الكهرباء عن المصعد ولكن حركة المصعد استمرت لفترة بعد ذلك. ثم خيم على مكتب المحطة صقيع بارد إلى درجة أن الموظف، واسمه باري أوكلي، شاهد بخار أنفاسه وهو يعد بعض الشاي كما شعر بأن هناك من يراقبه.
وعندما استدار لسؤال زميله عما يشعر وجده في حالة يرثى لها من الامتقاع وشرود الذهن وهو يقول «هل شاهدت الوجه؟!»، ثم أخبره أنه أثناء تحضير أوكلي للشاي شاهد زميله رأسا بلا جسم يطفو في الغرفة وينظر إليهما بحدة. بعد هذه الأحداث لم يعد الرجل إلى عمله بعد ذلك.
وهناك العديد من الروايات الأخرى عن أشباح مترو أنفاق لندن، منها ما ترصده كاميرات المراقبة الليلية ولا تراه العين المجردة، ومنها أشباح تركب القطارات ثم تختفي داخلها، وأخرى لعمال قتلوا على خطوط المترو وعادوا كأشباح ظهروا بالقرب من زملائهم أثناء العمل في الأنفاق.
في حالات أخرى ظهرت خيالات أشباح في صور فوتوغرافية ولم يكن لها وجود أثناء التقاط الصور. وفي معظم الأحوال يكون توثيق هذه المشاهد أكثر من مرة وعلى فترات تاريخية بعيدة. ولكنها مع ذلك ما زالت حالات نادرة يختار البعض ألا يصدقها.
ويحمل مترو أنفاق لندن نحو مليار مسافر سنويا وهو يمتد بشبكة طولها 250 ميلا تغطي 11 خطا و286 محطة. وهو من أقدم وأضخم شبكات الأنفاق في العالم. والأغلبية الساحقة من المسافرين بمترو الأنفاق يكملون رحلاتهم بلا متاعب، ولا أشباح.