هل تساعد النساء العربيات أزواجهن ماليا لمواجهة أعباء الحياة

في مطلع كل شهر تواجه بعض النساء العاملات مشكلة تشغل تفكيرها بقية الشهر، حين تتجه الأنظار نحو راتبها وكأنه ليس من حقها وحدها، وتصبح الزوجة العاملة بالنسبة لزوجها كالدجاجة التي تبيض ذهبا.


قبل بداية كل شهر يبيت هذا الزوج النية لالتهام راتب زوجته دون النظر إلى احتياجاتها ومتطلباتها، ويعيش عدد من الزوجات على حافة الانهيار نتيجة طمع أزواجهن براتبهن، في الوقت الذي يترك بعض الأزواج زوجاتهم سعيا وراء جني راتب زوجة عاملة جديدة تكد وتشقى طيلة الشهر.

في السطور القادمة نسلط الضوء على هذه القضية ونقف على بعض الآراء من خلال نماذج مختلفة، ونتعرف على كيفية تعاطي المجتمع مع راتب الزوجة ونحاول الإجابة على سؤال هام: هل يمكن حل مشكلة راتب الزوجة في يم من الأيام؟

تقول مهى الفالح : " أرى أن راتب الزوجة من حقها شرعا، لكن يجب أن يكون هناك أيضا جزء لبيتها واحتياجاته الضرورية" وانطلاقا من تجربتها الشخصية تشير إلى أنها تفضل أن تساهم براتبها لصالح بيتها واحتياجات أولادها شرط أن تكون هذه المساهمة نابعة من داخلها وليست مفروضة عليها من قبل زوجها . مضيفة: " الأمر يرجع بالنهاية إلى الاتفاق القائم بين الزوجين منذ بداية الزواج حول هذا الراتب.. فالتفاهم هو الحل الأمثل لهذه المشكلة من وجهة نظري، لكن لدى بعض الأزواج وجهة نظر أخرى حيث يجبرون زوجاتهم على وضع راتبهن في حسابهم البنكي الخاص وهو أمر غير منطقي ولا يجوز" .

أما نورة الشهوين ( مدرسة ) فتقول أن راتب الزوجة من حقها الخاص ولا يستطيع أحد أن يأخذه منها بالإكراه والضغط، وتضيف : " في حقيقة الأمر على الزوج أن يتكفل بنفقة أولاده، فهذا ما يقره الشرع مقابل عشرته لزوجته.. والغائب عن بال الكثير من الأزواج أن ما ينفقه الزوج على أهل بيته هو صدقة يثاب عليها وسيكون أجره كبير عند الله سبحانه تعالى .."، وتتابع: أنا لا أنكر أنه على الزوجة أن تنفق على زوجها وأولادها ولكن إن احتاج الأمر، ويجب أن يتم ذلك في إطار من التفاهم والشفافية دون تعسف أو قوة ".

ومن جهتها تقول العنود ( موظفة ) : بعض الأزواج يسيطرون على راتب زوجاتهم بطريقة تثير الاشمئزاز، حيث أن الزوجة أحيانا تصرف على حاجاتها الكمالية وزينتها لأنها بواقع الحال سيدة عاملة يتطلب عملها ظهورها بشكل لائق وأنيق، وعلى الزوج أن يتفهم ذلك وينفق على بيته وأولاده ويدبر المصاريف الأساسية من مدارس ورحلات ومطاعم وسفر وعليها هي أن تساهم معه في ذلك بقدر المستطاع لتعينه وتشاركه أعباء الحياة " .

في نفس الإطار ترى شريفة المقرن ( سيدة أعمال ) أن راتب الزوجة موضوع شائك للغاية يحتاج منا وقفة جادة وبالأخص من الزوجة نفسها، وحول تجربتها الشخصية في هذا المضمار تقول : " إن راتب الزوجة لها ولبيتها في المرتبة الأولى، ويختلف ذلك من بيت إلى آخر، فإذا كان دخل الزوج ضعيف لا بأس أن تساهم الزوجة وتصرف راتبها على حاجيات البيت أو تعطيها لزوجها كما تحب، فهي صاحبة الشأن في ذلك.. وبالنسبة لي فدخل زوجي كبير وهو ميسور الحال والحمد لله، ولم يطلب مني يوما أن أنفق على البيت ولكني في بعض الأحيان أنفق برغبة شخصية مني على بعض احتياجات البيت واحتياجات أولادي ولا أخفى سرا إني أجد في ذلك سعادة شخصية بالغة حيث أضع ثمرة مجهوداتي وعنائي طيلة الشهر بين يدي زوجي وأولادي .

وعلى جانب آخر تقول حصة الظافر ( ممرضة ): " إن الحياة الزوجية لا يجب أن تتوقف عند راتب الزوجة، فأساس السعادة بين الزوجين يتوقف على التعاون والتفاهم بينهما وليس هنالك قاعدة ثابتة للإنفاق على البيت، فالحرية هنا مطلقة..القادر ماديا يتحمل مسؤولية الصرف ولا مشكلة في ذلك .." وتضيف : " ولكننا ، ومع الأسف الشديد ، نرى بيوتا تهدمت بسبب النظرة المادية البحتة لراتب الزوجة وهي بالحقيقة نابعة من الطمع إلى حد كبير " .

أما سارة ( مدرسة ) فتقول : " من الأمور المثيرة للجدل والاستغراب أن بعض الشباب يضعون عند إقدامهم على الزوج شرط أساسيا وهو أن تكون الزوجة عاملة.. ما هذا الشرط الغريب عن ثقافتنا الشرقية وشهامتنا العربية ؟ أين كرامة الرجل ؟ " ولكن تعود وترفض التعميم فتقول : " هذا نظرة بعض الرجال الذين تملكهم الطمع والأنانية، فما زال هنا كثير من أصحاب الدخل الضعيف الذين يأبون أن تصرف زوجاتهم عليهم ويرفضون مساعدتهم وإن كان ذلك عن طيب خاطر ورضا تام ، فعزة النفس تمنعهم من استغلال تعب زوجاتهم ".

ربما يفضل بعض الشباب الزواج من امرأة عاملة لها دخل ثابت وكبير، ويتجاهل هؤلاء الشكل والمضمون للعروس ما دامت ستصبح هي الدجاجة المطيعة التي تبيض له ذهبا، ليكون الزواج هنا زواج مصلحة سرعان ما ينخره الخلل والضعف لأنه بني على أساس هش.

هل راتب الزوجة من حق زوجها وبيتها ؟ أم من حقها وحدها ؟ سؤال سيبقى البعض يبحث عن إجابة له وإن كانت الإجابة معروفة وجلية، فالأصل أن يكون للزوجة الشابة كامل الحرية في الإنفاق، وان قررت المساعدة في مصاريف منزل الزوجية فذلك بالاتفاق مع زوجها، كما أن لها حرية عدم الإنفاق، وإن كان عليها هنا أن تتحمل عواقب هذا القرار..