الجوارب الضاغطة .. هل تفيد في تجنب تكرار حدوث جلطات الأوردة العميقة؟

في غضون سنة أو سنتين تلي علاج جلطات الأوردة العميقة deep - vein thrombosis (DVT) – وهي الخثرات الدموية التي تتكون في الأرجل - تظهر لدى نصف المصابين بها مضاعفات خطيرة يطلق عليها اسم «متلازمة ما بعد الجلطة».
ما بعد الجلطة
«متلازمة ما بعد الجلطة» post - thrombotic syndrome (PTS)، حالة مزمنة تشمل ظهور آلام، وأوجاع، وتورمات، وحكة، واختفاء لون الجلد، وفي الحالات الشديدة منها تظهر تقرحات على الرجل المصابة.
ولا تعرف بوضوح تام أسباب حدوث هذه الحالة إلا أنها تحدث على الأكثر نتيجة الأضرار المتخلفة والالتهابات الناجمة عن الخثرة الدموية الأصلية. وربما تساهم السمنة وتقدم العمر والعلاج الذي لم يكن مناسبا، بمضادات تخثر الدم في زيادة خطر حدوثها. ولا يوجد علاج شاف لهذه المتلازمة، لذا فإن الوقاية منها تصبح مهمة بشكل خاص.
جوارب الضغط
وقد ظهر أن ارتداء جوارب الضغط المتدرج graduated compression stockings لمدة سنتين بعد العلاج من أول إصابة بجلطة الأوردة العميقة يلعب دوره في خفض خطر حدوث متلازمة ما بعد الجلطة بنسبة تصل إلى 50%. (تعني كلمة المتدرج أن الجوارب تكون ضاغطة جدا عند كاحلي القدمين ثم يخف الضغط بالتدريج صعودا نحو الركبة والفخذ).
إلا أن أكثر الدراسات موثوقية لم تختبر سوى الجوارب الضاغطة التي لا تصل إلا إلى الركبتين فقط، ولذا فإن هناك حالة من التشوش عند في وضع المنطلقات الصحيحة. وعلى سبيل المثال يعتقد الكثير من الأطباء أن الجوارب الضاغطة التي تصل إلى أعلى الفخذ توفر حماية أكبر مقارنة بالجوارب التي تصل إلى الركبة، خصوصا بعد الإصابة بخثرة دموية في منطقة تعلو الركبة.
وحديثا أظهرت تجارب أجريت في عدد من المراكز أن الجوارب التي تصل إلى أعلى الفخذ ليست أفضل في درئها لحدوث «متلازمة ما بعد الجلطة» من الجوارب التي تصل إلى الركبة، ولهذا فإنها على الأغلب ستزاح من حيز الاستخدام لأنها غير مريحة. وقد نشرت نتائج الدراسة في 16 ديسمبر (كانون الأول) 2011 في مجلة «Blood» (الدم).
نتائج وعواقب
- الدراسة: شملت الدراسة 267 مصابا عولجوا من أول حالة إصابة لهم بجلطة الأوردة العميقة في 8 مراكز طبية بين أكتوبر (تشرين الأول) 2005 وسبتمبر (أيلول) 2007. ووصف لجميعهم علاج كامل مضاد للتخثر. وقبل مغادرتهم المستشفى وزع المصابون عشوائيا ليرتدي قسم منهم جوارب ضاغطة إما من تلك التي تصل إلى الركبة أو التي تصل إلى أعلى الفخذ أثناء النهار لمدة سنتين.
ولم يكن الأطباء يعرفون أيا من المرضى يرتدي هذا النوع أو ذاك من الجوارب الضاغطة، وقد قاموا بإجراء فحوصات دورية عليهم للتعرف على أعراض متلازمة ما بعد الجلطة. وطلب من المشاركين اتباع أوقات ارتداء الجوارب ورصد أي آثار جانبية عند ارتدائها. وتمت متابعة المرضى لفترة وصلت إلى 3 سنوات.
- النتائج: «متلازمة ما بعد الجلطة» ظهرت بنفس النسبة لدى المجموعتين من المصابين (33% في مجموعة جوارب الفخذ و36% في مجموعة جوارب الركبة). وقد عانت نسبة أكبر في مجموعة جوارب الفخذ (41%) من الآثار الجانبية مقارنة بنسبة أقل (27%) في مجموعة جوارب الركبة.
وشملت الآثار الجانبية الاحمرار والحكة، ولذا فإن المشاركين تخلوا عن ارتداء الجوارب (22% و14% على التوالي). وقد ارتدى 67% من المصابين في مجموعة جوارب الفخذ، الجوارب لفترة 70% من الوقت فقط، مقارنة بنسبة 83% في مجموعة جوارب الركبة.
- محدودية وعواقب الدراسة: عولج المصابون في المستشفيات بعد إصابتهم لأول مرة بجلطة الأوردة العميقة التي حدثت فوق الركبة proximal DVT وقد تناولوا عقاقير مضادة للتخثر كانت مفصلة وفقا لاحتياجاتهم الفردية. ولذا فإن النتائج ربما لا تنطبق على المصابين الذين تعرضوا لإصابات في ظروف مختلفة أخرى.
وكذلك أيضا فإن التجارب أجريت على مدى سنتين، ولذا فإنه من غير المعروف إن كان ارتداء الجوارب مستقبلا سيقلل من حدوث «متلازمة ما بعد الجلطة».
ومع كل هذا فإن النتائج تشير بوضوح إلى أن ارتداء جوارب الضغط التي تصل إلى الركبة ينبغي أن تصبح الخيار الأول لدرء حدوث «متلازمة ما بعد الجلطة» لدى الأشخاص الذين أصيبوا بجلطة الأوردة العميقة التي حدثت في منطقة أعلى من الركبة. (أما للمصابين الذين ظهرت لديهم فعلا «متلازمة ما بعد الجلطة» فإنه يوصى ارتداء جوارب الضغط أثناء النهار مع رفع الرجل لتقليل التورم).