«فاشرون كونستانتين» .. صفتها العمل والابتكار من دون توقف منذ من 250 عاما

فاشرون كونستانتين .. شابة عمرها أكثر من 250 عاما
فاشرون كونستانتين .. شابة عمرها أكثر من 250 عاما

هناك شركات ساعات عريقة، احتاجت في فترة من الفترات للتوقف والغياب، إما لاستعادة أنفاسها أو شحذ طاقتها أو إعادة ترتيب أوراقها، أو لظروف أخرى خارجة عن إرادتها. في المقابل نجد أن القليل جدا من الشركات لم تتوقف معاملها على الدوران لأي سبب من الأسباب، متحدية الأزمات المالية والحروب العالمية وغيرها. من هذه الشركات القليلة دار «فاشرون كونستانتين»، التي لا تزال تبدع وتربط الماضي بالحاضر، منذ أن تأسست في عام 1755 إلى اليوم.
باعتبارها الدار الأقدم في العالم في صنع الساعات، وبحكم معاصرتها حقبات متنوعة تشبعت بالكثير من التجارب التي تترجمها في تصاميم نموذجية تعكس روح العصر الذي ولدت فيه ومن تم تشكل قراءة ممتعة لتاريخ هذا الفن، كما تفتح الشهية لمعرفة المزيد عن هذه الدار، التي تعتبر الساعات بالنسبة لها فنا وعلما في الوقت ذاته. 
البداية كانت في عام 1755 عندما افتتح جان مارك فاشرون ورشة في وسط جنيف ووظف أول متدرب له. سرعان ما لفت الأنظار وانتشرت شهرته خارج الحدود. بعد أن وافته المنية، التحق فرانسوا كونستانتين، وهو رجل أعمال وبائع فذ، بورثة جان مارك فاشرون سنة 1819 ليكتب معهم فصلا جديدا في قصة الدار. 
ولا ينكر أحد أن الفضل في التعريف بـ«فاشرون كونستانتين» في أوروبا يعود إليه. فقد كان يسافر كثيرا لمقابلة زبائنه واستقطاب آخرين. أما على المستوى الهندسي والتقني، فإن البصمة التي تركها جورج أوغيست ليشو، وهو مهندس مخترع، عين في عام 1839 كمدير تقني، هي التي رسخت بذرة التطوير وإنتاج الآلات الأولى التي سمحت بإنجاز الإنتاج التسلسلي لأجزاء الحركة وبشكل خاص أداة عرفت بالبانتوغراف. 
فحتى ذلك الحين، لم يكن بالإمكان استبدال أي جزء بآخر، بسبب عدم انتظام الإنتاج اليدوي. عبر الدمج بين الآلة واليد البشرية، تمكنت «فاشرون كونستانتين» من تطوير الإنتاج بشكل ثوري، الأمر الذي أسهم في تسويق منتجاتها بسرعة أكبر.
توالت الأجيال ومرت القرون وظلت الدار على عهدها في التطوير وتقديم الجديد من دون أن تدير ظهرها للماضي الجميل. ففي القرن العشرين، زادت المنافسة في قطاع صناعة الساعات، مما حفز الدار على تحقيق المزيد من الإنجازات لتعزيز مكانتها.
على المستوى التقني ركزت على الجمع بين المهارة التقليدية والتجهيزات الحديثة لإنتاج ساعات في غاية التطور لإنتاج كل الحركات، بدءا من الأبسط – التي تحدد وظائف الساعة، الدقائق والثواني - إلى أكثرها تعقيدا، كتصاميم التقويم الدائم، الكرونوغراف، طور القمر أو الثواني القافزة والتوربيونات، وصولا إلى معيد الدقائق، الوظيفة الفائقة ذكاء، مما أكسبها دمغة الأصالة والجودة (Hallmark of Geneva) في عام 1909. وغني عن القول إنها كانت من بين قلة من الشركات التي عملت في إطار المعايير المطلوبة واستيفاء مقتضيات الجودة المفروضة التي ترمز إلى التميز في صنع الساعات.
أما على المستوى الفني والجمالي، فكان لا بد من إضفاء قيمة فريدة للتميز عن غيرها من الماركات، وتم لها ذلك من خلال ابتكار ساعات تتمتع بخطوط في غاية الرقة من حيث السمك، وحركات لا يشوبها عيب بالإضافة إلى زخرفات تعتمد على فنون لها جمالية خاصة وتاريخ طويل، مثل الرسم على المينا واللك، وهي فنون حرصت أن تتعامل فيها مع شركات توازيها عراقة وخبرة مثل شركة «زوهيكو» اليابانية التي أنشئت مثلها قبل قرون من الزمن.
محطات مهمة
1755: في السابع عشر من سبتمبر (أيلول) عين جان مارك فاشرون، وهو شاب يافع من جنيف وأستاذ في صنع الساعات، أول متدرب لتلقينه أصول المهنة راسيا أحد أهم مبادئ الدار وهو تمرير المعرفة لكل صناعها، لتضمن التميز والاستمرارية 1819: بحلول نهاية حروب نابليون، انضم فرانسوا كونستانتين إلى الشركة ليخرجها من محليتها. بحكم أسفاره الكثيرة، ساعد على تعريف أسواق أوروبا برمتها بإبداعات وفنون الدار.
1839: تعيين عبقري في الميكانيكيات لإدارة الإنتاج هو جورج اوغيست ليشو (GeorgesAugust Leschot) الذي طور عملية إنتاج الساعات بشكل ثوري من خلال تطوير الآلات الأولى لتصنيع الأجزاء القابلة للتبديل، مما منح الشركة تقدما مهما في مهنة تتحول تدريجيا باتجاه الصناعة اليدوية الرفيعة على المستوى التقني في صنع الساعات الراقية.
1880: وقع اختيارها على فيرديناند فيرجيه 1851 - 1928 (Ferdinand Verger) لتمثيلها في فرنسا ما بين عامي 1880 و1919. بعدها خلفه أبناؤه حتى عام 1939، وهو تعاون نجم عنه منافسة غير عادية على المستويين الإبداعي والفني.
1889: تقدم مجموعة ساعاتها النسائية الأولى في المعرض العالمي في باريس.
1912: تطرح أول ساعة يدوية مصممة بشكل «برميلي» (Tonneau).
1931: سجلت رقما قياسيا عالميا جديدا في ساعات الجيب مع الحركة الآلية بقياس 17 خطا وقطر يوازي 12 - 5 وسمك يقل عن الملليمتر الواحد 0.9 ملم على وجه التحديد. في سنة 1992، عادت لتطوير هذا المجال من خلال ساعتها اليدوية المزودة بمعيد الدقائق الأرفع حتى تاريخه؛ حيث بلغ قياسه 3.28 ملليمتر ما أكسب الدار رقما قياسيا جديدا 1934: تبتكر إحدى أكثر ساعات الجيب تعقيدا ومبيعا في عصرها، بناء على طلب خاص من الملك فاروق في مصر. وقد ضمت الحركة حينذاك 834 جزءا، شملت 55 حجرا، واستغرق تصميمها خمس سنوات كاملة.
1952: تقدم ساعة تتميز بشكل مربع ومقوس ندر تصميمه باسم «Cioccolatone» لأنها تذكر الناس بقطعة الشوكولا. في عام 2002، أعيد طرح هذه الساعة بترجمة جديدة تحت اسم Toledo 1952 احتفالا بالذكرى السنوية الخمسين لها.
1955: تبتكر أرفع حركة ساعية في العالم على الإطلاق في ذلك الوقت؛ حيث لم يتعد سمك (معيار 1003) الذي ينبض داخل الحركة 1.64 ملليمتر، أي ما يوازي سمك قطعة نقد صغيرة هي 20 سم السويسرية.
- في نفس العام، وخلال قمة جنيف التي ضمت رؤساء «الدول الأربعة»، ابتكرت «فاشرون كونستانتين» سبع ساعات تم تقديمها للرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور، رئيس الوزراء الروسي نيكولاي بولغانين ووزير الخارجية فياشيسلاف مولوتوف ورئيس الوزراء البريطاني سير أنتوني إيدن ووزير الخارجية هارولد ماك ميلان، بالإضافة إلى رئيس الوزراء الفرنسي أدغار فور ووزير الخارجية أنطوان بيناي.
1972: عرض الساعة النسائية «1972» التي نالت جائزة «Diplôme du Prestige de France» في باريس. وكانت هذه المرة الأولى التي تقدم فيها جائزة تقديرا لصناعة ساعة.
1979: ولادة ساعة «كاليستا» Kallista، التي كانت ثمرة ما لا يقل عن 8700 ساعة من العمل اليدوي. فقد نحتت مباشرة من سبيكة الذهب ثم رصعت بـ130 قيراطا من ألماس بتقطيع زمرد.
1992: إطلاق «فاشرون كونستانتين» حركتي 1755 (المزودة بوظيفة معيد الدقائق Minute Repeater) و1760 (المزودة بوظيفة التوربيون).
1994: قررت «فاشرون كونستانتين» إحياء الذكرى السنوية الـ400 لوفاة ميركاتور Mercator 1512 - 1594 واضع أولى الخرائط الجغرافية المسطحة للكرة الأرضية بطرح مجموعة ساعات تتميز بموانىء مزخرفة تصور الخرائط الأصلية، بالإضافة إلى زوج من العقارب مصممة بشكل البوصلة البحرية 1996: تطرح مجموعة «Overseas» انسجاما مع متطلبات نمط الحياة العصرية، وهي امتداد لساعة رياضية قدمتها في عام 1933 لتلبية مطالب محبي السفر.
2004: رافقت تدشين الشركة الجديدة في Plan - Les - Ouates بتقديم مجموعة الأعمال الفنية «تكريما للمكتشفين العظماء» Métiers d’Art Tribute to the Great Explorers التي خلدت فن الزخرفة بتقنية الطلاء بالمينا.
2005: تحتفل بالذكرى السنوية على مرور 250 عاما على تأسيسها وتقدم في هذه المناسبة مجموعة فريدة من الساعات تعتبر من أكثر الساعات اليدوية تعقيدا في العالم بيعت في سبع ساعات فقط.
2007 : ولادة مجموعة الأعمال الفنية «الأقنعة» تكريما لفن النقش والحفر، وتتألف من 12 معلما مصغرا لتزيين الموانىء مستوحاة من أقنعة أصلية عرضت في متحف بارييه ميوللر Barbier - Mueller Musuem في جنيف.
2009: احتفالا بأصالتها ومعاصرتها طرحت مجموعة Historique وطراز American 1921 المستوحى من الساعة اليدوية المزودة بتاج مجنب عند مؤشر واحد لزبائنها الأميركيين في حقبة العشرينات المزدهرة.
واحتفالا بالذكرى السنوية الثلاثين لساعة Kallista، كشفت النقاب عن تقنية جديدة مصادق عليها في تقطيع ألماس (GIA) الأولى من نوعها يوم ذاك عرفت بـ«تقطيع اللهب» «Flame Cut» أضفت تأثيرا رائعا على المجموعة.
2010: منذ ذلك الحين إلى اليوم لم تتوقف «فاشرون كونستانتين» عن إحياء تراثها وتطويره من خلال ساعات عالية التقنية وتعقيدات مبتكرة شملت معادلة الوقت، التوربيون، معيد الدقائق، التقويم الدائم، الكرونوغراف وهلم جرا، مثل مجموعة «باتريموني» Patrimony وغيرها إلى جانب تقنيات النقش والزخرفة باللك وغيرها من التقنيات المماثلة التي تجسدت في مجموعة «ميتييه داغ لا سامبوليك دي لاك» « «Métiers d’Art – La Symbolique des Laques». وكل المؤشرات تؤكد أن المستقبل زاهر بالنسبة لها ولمحبي الساعات المميزة.
- توظف «فاشرون كونستانتين» أكثر من 500 موظف حول العالم، من بينهم أكثر من 400 يحملون لقب أساتذة في صنع الساعات إلى جانب صانعي ساعات مهرة ومهندسين ومصممين وحرفيين يدويين وإداريين في سويسرا.