أهذا هو الزواج؟

تتصور الكثير من الفتيات المقبلات على الزواج أو الراغبات فيه خطأً أن بلوغ منتهى الراحة والإمساك بخيوط السعادة والهناء يبدأ بمجرد تجهيز عش الزوجية بكل محتوياته وإقامة حفل زفاف عالى المستوى تكون كل منهن فيه فى أبهى صورة وأحسن منظر حيث ارتداء فستان ليلة العمر ولبس المشغولات الذهبية التى أهداها إليها الزوج وهو مكره ومضغوط ماديًا فى الغالب الأعم!، وما يلى ذلك من بدء مراسم ليلة البناء ومن ثَم شهر العسل لقضاء أفضل الأوقات وأسعد الساعات التى تظل محفورة بداخل كل زوجين بجميع تفاصيلها إلى أبد الدهر.
وهذا هو الوهم بعينه والسطحية بذاتها،، فليس بالفستان والشبكة وشهر العسل يكون الزواج مريحًا وسعيدًا، فلو كان الأمر كذلك لما سمعنا سنويًا عن آلاف البيوت المخروبة بعد الطلاق الذى صار فى زماننا هذا أسرع قرار يتخذه ويرغب فى حدوثه الكثيرون.
 يتبع ذلك القرار تشرد الأبناء والتفكك الأسرى وامتلاء المحاكم وساحات القضاء بقضايا الطلاق والخلع والرؤية، نظرًا لتقصير الكثير من الأزواج والزوجات فى أداء واجباتهم ومسئولياتهم إضافة إلى حالة التصادم والتنافر التى تسيطر على الحياة الزوجية لدى الكثيرين والتى ينجم عنها تناحرًا وتشاجرًا مستمرًا لأتفه الأمور أو ربما لأسباب خطيرة تستحق ذلك.
تعتبر من اهم الاسباب  اختلاف الطباع والأمزجة وتباين البيئات والأسلوب والمنهج الذى تربى عليه كل منهم، حيث يصر العديد منهم على التعامل بنفس الطريقة التى كانوا يتعاملون بها مع أسرهم قبل الزواج رافضين مبدأ التغيير ومجاراة الواقع الجديد الذى فرضته الظروف عليهم، ومتشبِثين باتباع سياسة العِند والاستفزاز وبالتالى سرعة قطع رباط الزواج المقدس لسوء إدارة الحياة الزوجية من جانب أحد الطرفين أو كليهما!.
وترجع نظرة هؤلاء الفتيات القاصرة ووعيهم المحدود بطبيعة الزواج وأهدافه الحقيقية التى شُرِع من أجلها إلى عدة عوامل من أهمها:
-بُعد أولياء الأمور خاصة الأمهات عن بناتهن وتقصيرهن فى مصادقتهن وفتح باب الحوار للنقاش معهن فى كثير من الأمور الخطيرة والحساسة التى يعد جهلها وعدم معرفة أبعادها وتفاصيلها كارثة غير محمودة العواقب لأهميتها وخطورتها، هذا البُعد والتقصير الذى يعود إلى انشغال هؤلاء الأمهات إما بأعمالهن التى تجعلهم خارج المنزل لساعات طوال، أو لجهلهن أصلا بكيفية تربية بناتهن تربية سليمة ومصادقتهن منذ الصغر لضآلة ثقافتهن ومحدودية وعيهن بأساليب وطرق التربية، إضافة إلى سطحية تفكيرهن التى تجعلهن لا يعيرن اهتمامًا إلا بقشور الأمور!، والدليل على ذلك أننا نرى أمهات كثيرات لا هم لهم بعد بلوغ بناتهن سن المراهقة إلا الاهتمام بمظهرهن الخارجى للفت الانتباه وجذب الخطاب، وما أن يأتى تعيس الحظ ليخطب ست الحسن والجمال فتجد كل أم من هؤلاء تقضى معظم وقتها متجولة فى الأسواق والمتاجر والمحال المختلفة لشراء متطلبات الزواج دون أن تستقطع وقتًا للحديث مع ابنتها فيما هو أهم وأعمق وهو كيفية بناء بيت سعيد!. 
-عدم تناول مناهج التعليم سواء فى المدارس أو الجامعات كثير من الأمور الحيوية خاصة المتعلقة بكيفية تكوين أسرة وما ينبغى أن يكون عليه كل من الزوجين من تحمل للمسؤولية والصبر على المعاناة ومحاولة تخطى الصعاب والعقبات للحفاظ على الكيان الأسري، ولهذا أقترح إضافة مادة جديدة تسمى "الأسرة" تبدأ دراستها بدايةً من الصف الثالث الإعدادى وحتى نهاية سنوات الجامعة، على أن توضع مناهجهها وتؤسَس وتؤلَف كتبُها المختلفة بواسطة كبار علماء الدين وخبراء التربية وعلم النفس والاجتماع، ربما تساهم هذه المادة فى إنقاذ المجتمع من تفشى ظاهرة الطلاق والتفكك الأسرى بنسبة لا بأس بها. 
- اهتمام وسائل الإعلام خاصة المرئية طول الوقت بتناول الأمور السياسية أو تقديم الفن الهابط الهدام دون الاهتمام بتقديم المواد التربوية البناءة سواء فى صورة برامج أو أعمال فنية محترمة، إلى جانب تقصيرها فى توعية الشباب ذكورًا كانوا أو إناثًا بما يجب أن يفعله كل زوج وكل زوجة حتى ينعما بحياة سعيدة مشكلاتها قليلة يمكن حلها بأيسر الطرق، ما يجعلنى أطالب القائمين على الإعلام فى مصر أن يراجعوا أنفسهم ويتقوا الله فيما يعرضون ليل نهار ويحاولون المساهمة فى تعمير البيوت لا خرابها عن طريق تثقيف الناس تربويًا، وفتح باب المناقشة فى أمور المرأة والطفل والحياة الزوجية باستفاضة حتى تعم الفائدة وتظهر مع مرور الوقت إيجابيات ذلك على المجتمع كله.
-وأخيراً لا يسعنى إلا أن أقول: لن يكون الزواج أبدًا راحة ما دامت العشوائية والسطحية لنا عنوانا، والعمق وتحمل المسؤولية والتحلى بفضائل الأخلاق أمورًا بعيدة كل البعد عن معظم شباب وبنات اليوم!