الأطفال .. ومرض التهاب المفاصل الروماتيزمي

العلماء يدققون في أسباب مرض التهاب المفاصل الروماتيزمي
العلماء يدققون في أسباب مرض التهاب المفاصل الروماتيزمي

يعتبر مرض الروماتيود (Juvenile rheumatoid arthritis) من أشهر الأمراض الروماتيزمية المزمنة التي تصيب الأطفال، وكلمة (روماتيزمية) تعني التهاب المفاصل والعضلات.
السبب الحقيقي المسبب للمرض غير معروف؛ ولكن نظرية أن المرض في الأغلب مرض مناعي مزمن هي النظرية الأكثر انتشارا. ويمكن أن تلعب العوامل الجينية دورا في الإصابة، ولذلك أحيانا يتم تسمية المرض بالتهاب المفاصل غير المعروف السبب juvenile idiopathic arthritis)) أو اختصارا (JIA)، الذي تؤثر أعراضه على كثير من أجهزة الجسم ويختلف عن مرض الروماتيود الذي يصيب الكبار.
أعراض المرض
ويجب أن نعرف أنه ليس كل التهاب للمفاصل (arthritis) يعتبر روماتيود، ومن المعروف أن كلمة (التهاب المفاصل) تعني التهابا وتورما في الأنسجة المحيطة بالمفصل داخليا (intraarticular swelling) وعند الكشف الإكلينيكي يمكن ملاحظة ذلك التورم، وفى الأغلب يصيب الأطفال قبل عمر 16 عاما.
وبداية يجب أن تمر 6 أسابيع على التهاب المفاصل قبل أن يتم تشخيصها بمرض الروماتيود، وتبدأ الأعراض بشكل مفاجئ ويحدث تورم للمفصل، وأيضا يحدث عرض مميز وهو تيبس المفصل خاصة في الصباح (morning stiffness) ويحدث نقص في مدى حركة المفصل بالنسبة للأطفال (بمعنى ألا يستطيع الطفل فتح ذراعه بشكل كامل)، وفى الأغلب يواجه هؤلاء الأطفال مشكلات في حركة المفصل تمنعهم من الانتظام في الدراسة ويكون هناك سجل بالغياب المتكرر من المدرسة، وأيضا لا يمكنهم الانخراط في أي نشاط بدني بالدراسة.
ويمكن حدوث الأعراض لمفصل واحد أو لعدة مفاصل في الجسم وهي عدة أنواع ويمكن في أحيان نادرة، حدوث نوع من أنواع الطفح مع التهاب المفاصل؛ ولكن هذا الطفح في الأغلب لا يسبب الحكة. ويمكن أن يصيب الالتهاب المفاصل الكبيرة في الجسم مثل، مفصل الفخذ أو المفاصل الصغيرة مثل، مفصل الفك أو مفاصل الأصابع في اليدين.
أنواع متعددة ويوجد عدة أنواع من المرض منها:
- ظهور المرض بشكل يؤثر على جميع أجزاء الجسم (Systemic JIA) ويبدو الطفل مريضا وشاحبا، ويمكن أن يحدث ارتفاع في درجة الحرارة ويمكن حدوث تضخم للطحال والكبد، وأيضا حدوث التهاب في الغدد اللمفاوية، خاصة الغدد الموجود في منطقه الإبط، وكذلك حدوث ارتشاح في الغشاء البلوري المحيط بالرئة، وفى حالة حدوث عرض ألم في الصدر أو ضيق في التنفس، يكون علامة لالتهاب الغشاء البلوري، وأيضا يمكن في أحيان نادرة حدوث التهاب في الغشاء المحيط بالقلب، وأيضا يمكن حدوث ارتشاح في الغشاء المحيط بالقلب.
- ظهور المرض في عدد محدود من المفاصل (Oligoarthritis) ويحدث إذا أصاب الالتهاب 4 مفاصل أو أقل، وأحيانا مفصلا واحدا. وفى الأغلب يحدث في المفاصل الكبيرة مثل، الركبة والكاحل أو العضد ويتميز هذا النوع بوجود التهاب في القزحية في نحو 20 في المائة من الأطفال، ومن المهم جدا متابعته مع طبيب الرمد.
- ظهور المرض في عدد كبير من المفاصل (Polyarticular arthritis) ويصيب 5 مفاصل أو أكثر في أول 6 شهور من بداية المرض، ويؤثر في المفاصل الكبيرة في الجسم، وكذلك المفاصل الصغيرة مثل، مفاصل أصابع اليد وفى النوع الذي يكون فيه عامل الروماتيود إيجابي (RF – positive) يحمل خطورة كبيرة للمفصل، ويمكن أن يؤدي إلى تلف المفصل وفقدانه لوظيفته بشكل نهائي.
- التهاب المفاصل مع مرض الصدفية (Psoriatic Arthritis) وفى هذا النوع لا يعاني الطفل من أعراض عنيفة أو مؤلمة؛ حيث يعتبر نوعا متوسط الخطورة ويتزامن مع إصابة الطفل بمرض جلدي (الصدفية).
- التهاب المفاصل مع التهاب الأوتار والأربطة المتصلة بالمفصل (Enthesitis Related Arthritis) وفى الأغلب يصيب الأطفال من الذكور في عمر 6 سنوات أو أكثر، ويصيب مفاصل الأطراف السفلية، خاصة في منطقة الأوتار (التحام نهاية العضلة بالعظام) وأيضا يتميز هذا النوع بوجود التهاب القزحية، وفى الأغلب يسبب أعراضا تستوجب ضرورة العرض على طبيب الرمد.
- التهاب مفاصل لا يتميز بوجود أي من الأعراض الموجودة في الأنواع السابقة بشكل مميز، ولذلك يسمى بغير المحدد (Undifferentiated Arthritis).
التشخيص
التشخيص يعتمد الطبيب على أخذ التاريخ المرضي بدقة من عائلة الطفل، وكذلك الكشف الإكلينيكي الدقيق للطفل وفحص كل مفصل على حدة، ويجب أن يكون الالتهاب في مفصل واحدا على الأقل لمدة تزيد على 6 أسابيع في طفل تحت عمر 16 عاما.
وليس هناك تحاليل محددة للمرض بشكل قاطع؛ ولكن يمكن إجراء اختبار لقياس عامل الروماتيود (rheumatoid factor assay) ليحدد نوع الإصابة، وفى الأغلب يمكن أن يطلب الطبيب بعض الفحوصات لاستبعاد تشخيص آخر مثل إجراء صورة كاملة للدم لاستبعاد مرض اللوكيميا (مرض سرطان الدم) والذي يمكن أن يسبب الآلام في العظام، وكذلك يتم إجراء تحاليل لقياس مدى كفاءة الكبد والكلى، خاصة قبل تناول العلاج الذي يمكن أن يؤثر بالسلب على وظائف الكلى، ويتم أيضا عمل اختبارات مناعية وأيضا إجراء لاختبار سرعة الترسيب، وفى حالة التهاب المفصل الواحد يتم إجراء أشعه إكس على المفصل لرصد التغيرات التي تحدث جراء الالتهاب، وكذلك يتم عمل أشعة رنين مغناطيسي ويتم إجراء فحوصات أخرى تبعا لـتأثير المرض مثل، أشعة على الرئة والغشاء البلوري أو أشعة تلفزيونية على القلب.
العلاج 
يهدف علاج مريض الروماتيود إلى الحفاظ على المفصل من التلف الكلي والضرر، وكذلك أن يظل المفصل محتفظا بوظيفته وأيضا تقليل الألم، ولأن المرض مزمن تكون هناك فترات يشتد فيها الألم.
ولذلك يجب الأخذ في الاعتبار أن يكون العلاج بجرعات مناسبة لتفادي مخاطر الأعراض الجانبية من الأدوية مع محاولة تباعد الفترات التي يشتد فيها الألم والحفاظ على الطفل في حالة جيدة نسبيا أطول فترة ممكنة تقترب من أن تكون دائمة.
ويحتاج الطفل إلى علاج طبيعي لتقليل الألم والحفاظ على حركة المفصل ووقايته من التيبس ولتقوية العضلات، وذلك بجانب العلاج الكيميائي والذي يكون عبارة عن مسكنات للألم، وفى الأغلب تستعمل العقاقير من نوع المضادة للالتهاب من غير الكورتيزونونات (NSAIDs) وهي تعالج الالتهاب وتخفف الألم؛ ولكن في بعض الأحيان يمكن إعطاء عقار الكورتيزون عن طريق الفم أو عن طريق الحقن في المفصل في بعض الأحيان.
ويتم علاج بقية أعراض المرض على حسب حدوثها مثل التهاب القزحية، ويمكن وضع مراهم تحتوي على الكورتيزون لتفادي حدوث مرض الجلوكوما في العين (المياه الزرقاء)، يمكن أيضا إعطاء العقارات المضادة للتفاعل المناعي لتحسين الحالة، وكذلك يمكن اللجوء إلى العلاج الجراحي للحفاظ على المفصل من التلف، ويجب أن يمارس الطفل الرياضة بشكل منتظم لتقوية العضلات، ويفضل أن يمارس رياضات مثل المشي أو السباحة وذلك تحت إشراف طبي، وكذلك يجب أن يكون محاطا بالتحفيز النفسي والاجتماعي، ويمكن الحكم على الشفاء من خلال علامات معينة مثل اختفاء الألم. من المفصل، وكذلك اختلاف التيبس الموجود صباحا وعدم الشعور بالتعب، وكذلك تحسن الالتهاب من خلال الأشعات.