استطلاعات رأي: النساء الأميركيات ذو البشرة السوداء .. بدينات وسعيدات بأجسادهن

66% منهن يتمتعن بمستوى عال من الاعتزاز بالذات
66% منهن يتمتعن بمستوى عال من الاعتزاز بالذات

في ظلمة ما قبل الفجر، تكون أبواب صالة الجمنازيوم موصدة، وتبدأ النساء السوداوات في الحركة. تنبعث أصوات أغنية ويتني هيوستون «أنا كل امرأة» وأغنية أديل «رولينغ إن ذي ديب» من السماعات، بينما تلتقط نحو ثلاثين امرأة، معظمهن ممتلئات وأجسامهن ذات استدارات وانثناءات، أحبال القفز في نادي اللياقة «إل إيه» في كابيتول هايتس. ويضاعفن سرعتهن في القفز بالحبل مع قيام المدربة ميشيل غيبسون بالعد التنازلي أمام الفصل.
«أربعة، ثلاثة، اثنين، واحد»، تصرخ وهي تقفز بالحبل. وتزيد من سرعة قفزها بالحبل شيئا فشيئا إلى أن يلامس الحبل وحذاؤها الأرض. ويبدو صدرها الضخم مختنقا داخل سترتها الضيقة اللامعة. 
«افتخري بنفسك»، تصيح امرأة من الخلف، بينما تضحك غيبسون. يسيل العرق حتى حزام سروالها الأسود الملتصق بأردافها الممتلئة. «حاربي من أجل مظهرك المثير!»، هكذا وجهت تعليماتها للمجموعة. 
(لا تمارس أي امرأة في معسكر التدريب التمارين الرياضية من أجل أن تصبح نحيفة. بل يرفضن فكرة أنهن يجب أن يصبحن نحيلات أو حتى أن هذا المعيار جذاب أو واقعي أو صحي. وينطبق هذا بالأخص على غيبسون (41 عاما) التي تعمل مدربة لياقة منذ 12 عاما، مع أنك ربما لا تدرك ذلك عندما تنظر إليها. 
ككثيرات من النساء السوداوات، تصف غيبسون تكوينها الجسماني، الممثل في طول يتراوح ما بين 4 إلى 5 أقدام وحجم يزيد على 14 بأنه «عريض»، وتعتبر نفسها امرأة تتمتع بمقومات الأنوثة الطاغية، بصرف النظر عن رأي الثقافة السائدة في هذا الشأن. 
تعتبر غيبسون واحدة من أكثر السيدات بدانة في صالة الجمنازيوم، لكنها مفتونة بجسدها. وهذا رأي يتزامن بشكل مثالي مع استطلاع رأي أجرته مؤخرا صحيفة «واشنطن بوست» ومؤسسة «كيزر فاميلي» التي ركزت على النساء الأميركيات من أصل أفريقي.
وخلص الاستطلاع إلى أنه على الرغم من أن النساء السوداوات أكثر بدانة من نظيراتهن البيضاوات، إلا أنهن يتمتعن بمستويات أعلى من الاعتزاز بالذات.
ومع أن 41 في المائة من النساء البيضاوات متوسطات الوزن أو النحيفات يسجلن مستوى عاليا من الاعتزاز بالذات، فإن تلك النسبة كانت 66 في المائة بين النساء السوداوات اللائي يعتبرن، وفقا للمعايير الحكومية، صاحبات وزن زائد أو بدينات. 
وهذا ليس بجديد بالنسبة لغيبسون أو النساء الأخريات في معسكرها التدريبي الصباحي، فقد نشأن على الاستماع إلى أغنيات مثل «منزل من الطوب» لفريق «كومدورز» وسماع أقاربهن يغنين بمزايا التمتع بـ «سيقان ممتلئة» وجمال السيدات صاحبات الأجسام الممتلئة. 
وهن يرين أن فكرة ضرورة أن تلتزم جميع النساء بمقاييس جمال تفرض عليهن التمتع بجسد نحيل تنطوي على قدر كبير من الاستبداد. والنساء السوداوات لديهن أدوات ووسائل لمقاومة الاستبداد، خاصة من ثقافة سائدة صورتهن على مر التاريخ بشكل سلبي، أو تجاهلتهن في الأساس. 
وبعد تحررهن من تركيز وسائل الإعلام المؤثرة، صاغت أجيال من النساء السوداوات تعريفاتهن الخاصة لمفهوم الجمال بدعم أساسي من الأدب والموسيقى، وبمساعدة أصدقائهن. 
وفي هذه الصالة الكائنة في كابيتول هايتس، وفي عدد ضخم من الأماكن الأخرى، جعلت تلك الفكرة النساء السوداوات أكثر سعادة بأجسادهن من البيضاوات بصور عدة. ومن بعض النواحي، وضعتهن على طريق اكتساب مستويات أعلى من البدانة. 
تعتبر غيبسون، التي نشأت في مقاطعة برينس جورج وتعمل بنظام الدوام الكامل كمتعاقدة مع المعاهد الوطنية للصحة، مدربة شخصية وتدرس في 10 فصول «أيروبكس» أسبوعيا. 
«أنا امرأة ممتلئة تدير حلقات حول كيفية التمتع بمواصفات الشخص المثالي، وأعلم ذلك»، تقول غيبسون. وتضيف: «أعتقد أنه سلاحي السري». 
لقد كانت غيبسون، التي تقول إن وزنها يزيد على 150 رطلا ولكنه لا يتجاوز 200 رطل، صاحبة وزن زائد معظم فترات حياتها. وتطلب الأمر منها وقتا للتكيف مع تلك الحقيقة. 
«في المرحلة الثانوية، بدأت أدرك أني مختلفة»، قالت غيبسون، التي كانت كابتن فرقة تشجيع المباريات الرياضية في مدرسة سوت لاند الثانوية. وأضافت: «كان أفراد فريقي بدينين، وكنت بدينة ولدي مؤخرة كبيرة.
ليس هذا فحسب، فقد كنت صاحبة بشرة سمراء وشعر قصير. كان هذا حينما تعين علي أن أنظر في المرآة، وأقول: (إنما أنني سأتكيف مع الأمر أو سأسعى للتخلص منه. بيد أني دائما ما كنت أتكيف معه)». 
لقد أخبرها الأطباء أنها بحاجة لإنقاص وزنها، بمقدار 30 أو 40 رطلا. رأت أنها ستكون في شكل أفضل لو خسرت 15 رطلا. جربت برامج لإنقاص الوزن، مثل «جيني كريغ» و«نوتريسيستم» في السنوات الماضية، لكنها تقول: «أدركت أنني يجب أن أتمتع بقدر من الحرية في تناول الطعام». 
بدلا من التركيز على إنقاص الوزن، تركز على التمتع باللياقة والصحة والاستمتاع بذلك: «هذا هو تكويني الجيني، وقد تقبلته». وعلى الرغم من أنها لم تتزوج مطلقا، فإنها تؤكد أنها لم تفتقد مطلقا لأصدقاء رجال من السود والبيض.
قالت غيبسون: «لطالما قال الرجال لي: أنت لست بدينة. وخارج فصول التدريب، أبدو وكأني فتاة صغيرة». إنها تخصص وقتا لوضع مستحضرات التجميل، وأحيانا ما ترتدي أهدابا وتبقي شعرها القصير مهندما وترتدي سروالا من الجينز وحذاء ذا رقبة عالية وكنزة ذات ياقة ضيقة، وتحافظ على لياقتها البدنية. 
وبحسب استطلاع «بوست كايزر»، الذي يقدم نظرة أكثر تعمقا في حياة النساء السوداوات خلال عقود، فإن 28 في المائة من النساء السوداوات يقلن إن التمتع بجاذبية جسدية أمر «غاية في الأهمية» مقارنة بنسبة 11 في المائة من النساء البيضاوات.
وكانت نسب الآراء المؤيدة لفكرة أن الجاذبية تشكل «قدرا من الأهمية» أكبر بين النساء البيضاوات منها بين النساء السوداوات. وبالنسبة للسيدات الأميركيات من أصل أفريقي، عادة ما تتحدد تلك الرغبة بطرق لا تدركها الثقافة السائدة. 
تدرس إيماني بيري، الأستاذة بجامعة برينستون، بفصول متعددة الاختصاصات في مجال الدراسات الأميركية الأفريقية، وتشير إلى أن النساء السوداوات لديهن مفاهيم عن الجمال «ليست مرتبطة بالصورة التي يبدو عليها جسدك بسبب جيناتك».
وتضم الملبس وتسريحة الشعر وطريقة تقديمك لنفسك، إلى جانب «كيف تستجمع شتات نفسك، وهو الأمر الذي أعتقد أنه عادة ما يشير إلى حقيقة أن لدينا مفهوما أوسع نطاقا وأعمق للجمال». 
وتتمثل مهمة غيبسون في إقناع النساء بتقبل أوزانهن، مع السعي من أجل التمتع بلياقة بدنية. وهي تحث النساء على فكرة قبول الصورة التي هن عليها، لكنها تقول إن متخصصي اللياقة عادة ما يبدون امتعاضهم من ثقتها. 
«لو لم أكن بهذه الدرجة من البدانة، امرأة متوسطة الوزن تقوم بالشيء نفسه الذي أقوم به، أعتقد أنهم كانوا سيتقبلونني». تقول غيبسون إن قاعدتها هي «كن نفسك».
وتستطرد قائلة: «كن سعيدا بنفسك. لا يمكنني مطلقا أن أفتن بامرأة رشيقة. أقول: إنك جذابة. لكن لا تعتقدي ولو لدقيقة واحدة أنني ليس لدي الشعور ذاته تجاه نفسي». 
إنه موقف له جذور متعمقة، تتذكر بيري مناداة أقربائها لها بالناضجة المحظوظة، قائلين لها: «لأنك لست بدينة، ولكن لديك سيقان ممتلئة».  «تاريخيا، دائما ما كانت أبحاث (تقدير الذات)، التي تجري على الفتيات والسيدات السوداوات هي الأعلى نسبة بين جميع المجموعات»، تقول بيري.
وتضيف: «إنها دلالة قوية بحق على صمودنا بالنظر إلى الصور السائدة عن النساء السوداوات في الثقافة الأميركية، التي عادة ما كانت مهينة وغير جذابة أو أكثر تركيزا على الجانب الجنسي وأقل أنثوية». 
«لقد كانت ألثيا كاف، وهي خبيرة تكنولوجية طبية من لارغو، تواظب على حضور معسكر تدريبي صباحي لعدة سنوات. وتتمشى بعد انتهاء الحصة مع النساء اللائي أصبحن جزءا من مجتمع اللياقة البدنية خاصتها. إنها طويلة، وتكشف بلوزتها الزرقاء من دون أكمام عن كتفيها الداكنتين». 
اكتسبت كاف وزنا زائدا، لكنها فقدت أكثر من 64 رطلا منذ أكثر من عقدين. «أردت أن أتمتع بصحة جيدة»، تقول كاف، التي يتراوح طولها ما بين 5 إلى 6 أقدام ويبلغ وزنها 165 رطلا. 
وفي الاستطلاع الذي أجرته «بوست كايزر»، تقول 90 في المائة من النساء السوداوات إن التمتع بنمط حياة صحي يشكل أهمية كبرى لهن تفوق أهمية الدين والحياة المهنية والزواج وغيرها من الأولويات الأخرى، غير أن ثلثي من استطلعت آراؤهن ذكرن أنهن يتناولن الأطعمة في مطاعم الوجبات السريعة مرة واحدة أسبوعيا على الأقل، كما ذكرت نسبة تفوق النصف أنهن يقمن بإعداد وجبات الغداء والعشاء في المنزل بشكل متكرر. 
وبالنسبة إلى كاف، لا يتطلب التمتع بصحة جيدة بالضرورة النحافة: «هذا ما نشأت على إدراكه. لم يكن ذلك في تكويني. الأمر يتعلق بمحاولة التوحد مع شخص آخر». 
وحتى عندما روج مشاهير أمثال الملكة لطيفة وجنيفر هودسون لفكرة فقدان الوزن في المجلات والإعلانات التجارية، احتفظن بأجسامهن ذات الانثناءات والاستدارات. وبين النساء السوداوات اللائي يرغبن في إنقاص أوزانهن، فإن امتلاك أحجام نموذجية عادة ما لا يمثل الهدف. 
على مدار 10 سنوات، عمل جوزيف نيل مع أفراد من جميع الأعراق في واشنطن كمدرب بنظام الدوام الكامل واختصاصي تغذية معتمد. وعادة ما كانت النساء السوداوات يأتين إليه بمؤشر كتلة جسم (قياس نسبة الوزن إلى الطول) قدره 29، أما بالنسبة للنساء البيضاوات، عادة ما كان يقدر بـ22 أو 23، على حد قوله. ويعتبر أي مؤشر كتلة جسم أكبر من 25 تعبيرا عن وزن زائد. 
ويرجع ارتفاع مؤشر كتلة الجسم بين النساء الأميركيات من أصل أفريقي إلى متطلبات العمل، التي يقول إنها تؤدي إلى أساليب حياة معتمدة على تناول الوجبات السريعة وقلة ممارسة التمارين الرياضة ونقص خيارات الغذاء الصحي في المناطق التي يعتبر معظم سكانها من السود، مثل مقاطعة برينس جورج. 
ومن بين عملاء نيل، تعتبر النساء البيضاوات «على درجة من الوعي الذاتي بالأرقام. وهن يقلن إنهن يرغبن في أن تكون أوزانهن 110 أو 115 أو 120». أما النساء السوداوات، اللائي دائما ما يقلن إنهن يرغبن في الاحتفاظ باستدارة أجسادهن «فيعطونني أحجام 6 و8 و10 و12». 
يقول: «النساء البيضاوات لا يأتين للمدرب قائلات إنهن يرغبن في أن يتمتعن بحجم 12. كل امرأة بيضاء ترغب في ممارسة التمرينات الرياضية تكون راغبة في أن تتمتع بجسد أقل حجما من دون انثناءات أو استدارات أو أرداف أو مؤخرة، فقط جسد متناسق». 
في عام 2008، اشتركت هيثر هاوزنبلاس، أستاذة فسيولوجيا التدريب بجامعة فلوريدا، في دراسة حول الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في تشكيل الصورة الجسدية بين السيدات البيضاوات والسوداوات.
وعرض على المجموعتين نموذج مثالي لامرأة بيضاء طويلة ونحيلة، وتمت مقارنة حالتهن المزاجية قبل عرض النموذج وبعده. انتابت النساء البيضاوات مشاعر سلبية تجاه أنفسهن بعد النظر إلى نموذج الجسم المثالي؛ فيما لم تتأثر النساء السوداوات بأي صورة.