ظاهرة جنون الرقص!!

 تم تسجيل العديد من حوادث جنون الرقص وخلالها كان الرجال والنساء والأطفال يرقصون في الشوارع والميادين حتى ينهاروا ويفقدوا وعيهم أو يموتوا من شدة التعب والإرهاق
تم تسجيل العديد من حوادث جنون الرقص وخلالها كان الرجال والنساء والأطفال يرقصون في الشوارع والميادين حتى ينهاروا ويفقدوا وعيهم أو يموتوا من شدة التعب والإرهاق

جنون الرقص (هوس الرقص) هو ظاهرة اجتماعية ظهرت في أوروبا ما بين القرن 14 والقرن 18, وخلال تفشي تلك الظاهرة كان هناك جماعات من الناس قد يصل عددهم إلي الآلاف يرقصون بطريقة غريبة ودون حساب أو رقابة أو تحكم.
 
وقد تم تسجيل العديد من حوادث جنون الرقص وخلالها كان الرجال والنساء والأطفال يرقصون في الشوارع والميادين حتى ينهاروا ويفقدوا وعيهم أو يموتوا من شدة التعب والإرهاق.
 
أحد أكبر تلك الحوادث حدثت في ألمانيا في 24 يونيه 1374م؛ فقد ظل الناس يرقصون ويصرخون من الهلاوس التي يرونها، واستمروا في الرقص حتى بعد أن سقطوا علي الأرض عندما فقدوا القدرة علي الوقوف من شدة التعب، وظلوا يتلوون علي الأرض.
 
وقد تم تسجيل هذه الظاهرة في العديد من الكتابات المعاصرة.
 
وأثناء بداية انتشار تلك الظاهرة كانت تقام العديد من الطقوس الدينية لطرد الشياطين؛ حيث ظن الناس أنها السبب في تلك الظاهرة، ولا يوجد سبب واضح حتى الآن لذلك المرض، ولكن هناك بعض الحوادث -خاصة التي حدثت في ألمانيا- قد يكون أسبابها التسمم الأرغوني؛ وهو عفن يؤثر علي العقل وينمو علي حبوب
 
الجاودار، يؤدي إلي الهلوسة والهذيان وأطلق عليه في العصور الوسطي اسم "نار سانت أنتوني".
 
وأحد أشهر الحوادث الفاضحة هي طاعون الرقص عام 1518م، والتي حدثت في ستراسبورغ بفرنسا وأجزاء من الإمبراطورية الرومانية، ففي يوليو 1518م بدأت امرأة تدعي "فراو تروفيا" في الرقص بطريقة جامحة في الشوارع، وخلال أسبوعين انضم إليها 34 شخصاً أخرين، وخلال شهر وصل عددهم إلي 400 راقص، ومعظم أولئك الأشخاص ماتوا في النهاية نتيجة لأزمات قلبية وسكتات دماغية وإرهاق.
 
وقد أوضحت الوثائق التاريخية أن الناس في ستراسبوغ قد رقصوا كثيرا ولكن لا يوجد سبب واضح لاستمرارهم في الرقص حتى الموت.
 
وعلي الرغم من ذلك بعدما ساد الطاعون أكثر، رأي النبلاء في المدينة أن يستشيروا الأطباء المحليين والذين أرجعوا الأسباب إلي أشياء خارقة للطبيعة، وأعلنوا أن هذا الطاعون هو مرض طبيعي ناتج عن "الدماء الساخنة"، وبدلا من وصف النزيف بدقة وتوفير علاج للمساعدة، قامت السلطات بالتشجيع علي المزيد من الرقص لأنهم ظنوا أن الناس ستتعافي فقط إذا ظلوا يرقصون طوال الليل والنهار بلا توقف، ولزيادة تأثير العلاج قامت السلطات بدفع أموال كثيرة للموسيقيين لتوفير موسيقي للراقصين.
 
ويعتقد المؤرخ "جون والر" أن هذا المرض أو الوباء نتيجة لمرض نفسي جماعي "MPI) "mass psychogenic illness)
 
وهو مظهر من مظاهر الهستيريا الجماعية والتي غالبا ما يسبقها أقصي مستويات الضغط النفسي، وأشار "جون" إلي انتشار المجاعة في ذلك الوقت بسبب الشتاء القارص ثم حرارة الصيف المرتفعة والعواصف الرعدية التي أدت إلي تخريب
 
المحاصيل وانتشار الوفيات. أما أولئك الذين نجوا اضطروا إلي قتل حيواناتهم التي يملكونها والاقتراض والتسول في الشوارع، وبالإضافة لنقص الطعام انتشرت أمراض كالزهري والجدري والجذام فضلا عن "اليأس الروحي" على نطاق لم يعرف للأجيال, كل هذه الأحداث يعتقد "جون" أنها أثارت MPI .
 
أما التسمم الأرغوني.. فيري "جون" أن أعراض المرض هى الهذيان وفقدان الدم في الأطراف؛ مما يجعل حركة منسقة مثل الرقص صعبة جدا، وعلى هذا النحو يري "جون" أن من غير المرجح أن يكون ذلك سبب وباء الرقص.