تغير الفصول .. مرآة تقلبات مزاجك ونفسيتك

الخبراء ينصحون بفهمها للتأقلم معها، والمرأة أكثر استعدادا من الرجل للإصابة بالاكتئاب الموسمي الناتج عن تغير الفصول
الخبراء ينصحون بفهمها للتأقلم معها، والمرأة أكثر استعدادا من الرجل للإصابة بالاكتئاب الموسمي الناتج عن تغير الفصول

رغم الحساسية التي يعانيها معظم الناس بسبب تغيرات الفصول الأربعة، فإن المرأة تبدو الكائن الأكثر تأثرا بالتقلبات، يصفو مزاجها وإيقاعها النفسي مع مقدم فصل معين، أو يتعكر ويعتلّ إيقاعها مع مقدم آخر، وما يؤثر على واحدة لا يؤثر على أخرى بنفس الوتيرة أو الشكل.


فلكل فصل جماله الخاص، ومفارقاته التي تتفاوت مظاهرها الطبيعية والنفسية على مدار الكرة الأرضية حيث تتعاقب الفصول، وتختلف ما بين نصف الكرة الشمالي ونصفها الجنوبي، فثمة شتاء هنا، وفي الوقت نفسه، ثمة صيف هناك.الدكتورة منى أبو طيرة، أستاذ علم نفس بكلية الآداب جامعة عين شمس تؤكد أن المرأة أكثر استعدادا من الرجل للإصابة بالاكتئاب الموسمي الناتج عن تغير الفصول، ويأتي هذا الاستعداد من التغيرات الهرمونية التي تصيبها بسبب الدورة الشهرية وما يصاحبها من نقص هرمون الأستروجين. وتشير منى إلى دراسات حديثة أثبتت صحة هذا الأمر، مع اختلافه من فصل إلى آخر.

وبحسب أبو طيرة فإن الأعراض الموسمية تظهر في تغير طريقة حياتها مثل: اضطراب نظام النوم (الأرق) متأثرا بتغير مادة الميلاتونين المنظمة لدورة النوم واليقظة، فضلا عن تذبذب الحالة الانفعالية، مما يدفعها أحيانا إلى الغضب والثورة لأقل الأسباب، وكذلك يبدو تفكيرها مشوشا غير منظم، ينعكس في أخذ قرارات غير منطقية في بعض الأوقات.

وتتابع أبو طيرة: «هذه الأعراض تظهر في بداية تغير الفصل، وتصيب في الأغلب الشخصية الاكتئابية الهوسية، وقد يحتاج الأمر إلى التدخل الطبي للمساعدة العلاجية بالعقاقير الطبية، في مواجهة الضغوط التي تتعرض لها في أثناء تغير الفصول.

لكن نسبة كبيرة من السيدات لا يعين ما يحدث لهن ويتعاملن مع الموقف بجهل قد يؤدي إلى تدهور الحالة إلى ما هو أبعد من أعراض موسمية».

وتنصح أبو طيرة بمتابعة الأمر وبث الوعي بتأثير الظواهر الكونية في تكويننا النفسي، لأن للجغرافيا تأثيرا واضحا في حياتنا اليومية.

وتشير إلى أنه رغم جماليات الشتاء وما يوحيه من هدوء، بالمقارنة بحرارة الصيف، فإن هناك من يرى العكس، مثل مروة سعد -28 سنة، محامية - التي تعلن عن مخاصمتها لفصل الشتاء وترى أنه كئيب وموحش.

 وعلى حد قولها: «يحد من حريتي وانطلاقي، نهاره قصير، ينتهي سريعا فيعكر صفو حالتي المزاجية».

أما شيماء عمارة - 30 سنة، مرشدة سياحية - فلها رأي مخالف، لأنها - كما تقول - تحب «فصل الشتاء وبرودته، أحب الأمطار ولسعة رذاذها، ثم إن الشتاء ضيف خفيف الخطى، بخاصة في مصر حيث لا يستمر طويلا».

وتوافقها سمر فهمي - 20 سنة، طالبة - الرأي، لأن «ملابس الشتاء أكثر أناقة من أزياء باقي الفصول» حسب قولها.

أما ياسمين يوسف - 25 سنة - فتكمن مشكلتها في أكثر من فصل، فهي تشعر بضيق شديد من حر الصيف الذي يصيبها بنوبات إغماء متكررة، وتتعاطى على استحياء مع فصل الخريف، حيث يثير تساقط أوراق الشجر الخوف والريبة في نفسها.

ومع ياسمين تتفق رانيا فوزي - 34 سنة - التي تشعر بحالة من الضيق والملل مع بداية فصل الصيف ولا تعرف كيف تتأقلم معه، وكانت ترجع هذه المشاعر السلبية إلى أسباب أخرى في حياتها كمشكلات الأسرة والمدارس، إلا أنه وقع في يدها كتاب عن ظاهرة تقلب الفصول، فشرحت لزوجها ما يحدث لها من تغيرات بعد أن كانت تعتقد أن أسبابها لا ترجع إلى ضغوط الحياة اليومية.

تقول: «بدأ زوجي يهتم بي في هذه الفترة ويدعمني بشكل قوي، بشكل ساعدني على التعايش معها بشكل إيجابي».

أمر لا تحظى به مها محمود - 40 سنة - التي تشكو عدم تفهم زوجها لما يحدث لها. ورغم أنها حاولت أن تشرح له ما تعاني منه من أعراض خانقة مع مقدم الصيف، فإنه قلل من المشكلة على أساس أنها «كلام فارغ».

الدكتورة نهلة ناجي أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، تعلق على هذه الحالات بضرورة أن تلقى الدعم النفسي من المحيطين، سواء تعلق الأمر بالأشخاص الطبيعيين أو المصابين بالاكتئاب، الذين قد يصل بهم الأمر إلى حد الرغبة في الانتحار.

وتلفت إلى أنه يجب على السيدات إدراك تأثير تغير الفصول على حالاتهن المزاجية والنفسية، وعلى الأخص مدى تأثيرها على علاقاتهن الزوجية والأسرية، الأمر الذي يدفع البعض منهن إلى إهمال مظهرهن والميل إلى العزلة عن أفراد الأسرة، رافضات الخروج والظهور في المناسبات العامة والاختلاط الاجتماعي مع المعارف والأقارب.

ولمواجهة هذه النوبات أو الأعراض الموسمية تنصح بدعم الآخرين سواء الأقارب أو الأصدقاء، وكذلك بالقيام بنشاطات اجتماعية لطيفة تقلل من حدة تأثير هذه الأعراض.

ومن جانبها تقدم الدكتورة إيمان كامل استشارية الصحة وتغذية الأسرة والطفل بالمركز القومي للبحوث بمصر بعض النصائح لتجنب هذه الأعراض، منها:

- تناول مادة تريبتوفان Tryptophan الموجودة في الشوفان واللوز والموز وشرائح الديك الرومي. وتقول إنه يُفَضَّل تناولها في وجبة العشاء للحصول على نوم هادئ، مؤكدة أن هذه المادة مسؤولة عن تعديل المزاج العام وتوفير النوم الهادئ إلى جانب مادة سيروتونين serotonin، أو مركَّب الشعور بالصحة والقوة والنشاط والتخلص من الاكتئاب.

- الابتعاد عن الأكلات الدسمة والدهون والأكلات الحريفة والمخللات.

- تجنُّب الإفراط في تناول النشويات والسكريات والمنبهات كالقهوة والكولا، والابتعاد عن الأطعمة المصنعة والمحفوظة.

- يفضل الاعتماد على وجبات صغيرة خلال اليوم على فترات متقاربة، كأن تُقسم الوجبات الثلاث اليومية إلى ست وجبات صغيرة، لشغل وقت الفراغ، وصرف الذهن عن التفكير في بعض التأثيرات السلبية الناجمة عن تتغير الفصول.