الصوت العالي في تربية الأطفال وآثاره النفسية والجسدية

لا شك أن الأصوات العالية لها تأثيرات سلبية كثيرة على الأطفال. وماذا لو كان هذا الصوت هو صوت الأم، والأم هي مصدر الأمن والأمان للطفل؟ وهذا أمر مزعج لأنه يعرض الطفل لخطر نوبات التوتر والقلق ويسبب له حالة من الارتباك لا تنتهي أبدًا.


هذا كل ما لدينا الآن، لأن هناك سلبيات لحديث الأمهات بصوت عالٍ خلال مرحلة التربية، وهذا ما يجب أن تعرفه كل أم قبل الصراخ على أطفالها، ما هي هذه السلبيات؟ كيف تتجنب الأمهات الصراخ على أطفالهن أثناء تربيتهم؟

لماذا يرتفع صوت الأم في تربية أطفالها؟

يقع على عاتق الأم واجبات عديدة ومسؤوليات ضخمة وأعباء ثقيلة تشعرها بالإرهاق والغضب، وتزيد من انفعالاتها، ولذلك يبدأ صوت الأم في الارتفاع في حال صدور أفعال غير لائقة من الأطفال، أو في حال التصرف بعكس توجيهاتها التي طالما كررتها أمام أطفالها، ولذلك تبدأ الأم في الصراخ على أطفالها غير واعية للآثار طويلة المدى التي من الممكن أن تحول دون تمتع أطفالها بنفسية سوية وصحية.

ماذا يحدث عند صراخ الأم في تربية أطفالها؟

قد يستجيب الأطفال في البداية عند صراخ الأم عليهم بدافع الخوف، ولكنهم سينسون ذلك مع تكرار حدوث ذلك، لأنهم سيبحثون عن طرق تمكنهم من عدم سماع صراخ الأم، خصوصًا وأن هذا الصراخ يربكهم ويبث الخوف في قلوبهم ويجعلهم يصابون بالتوتر، وهنا تكمن الخطورة إذ أنه ومع استمرار صراخ الأم في وجه أطفالها قد يحدث ما لا يحمد عقباه وهو ما سيتم تناوله في مساوئ الصوت العالي للأم في تربية الأطفال.

مساوئ الصوت العالي للأم في تربية الأطفال

يؤكد خبراء علم النفس التربوي على أمور غاية في الأهمية ألا وهي أن الوظيفة الأولى كأم أو أب هي تحقيق سلامة الأطفال يليها بعد ذلك مباشرة كيفية إدارة العواطف خلال مرحلة التربية التي تعد أحد أخطر المراحل التي تضع العلاقة بين الأم وأطفالها في مواجهة ساخنة نوعًا ما أي أنها غالبًا ما تكون محاطة بكثير من التوترات مثل الصوات العالي للأم وصراخها على أطفالها، وخوف الأطفال منها بدلًا من فهم ما يجب عليهم فعله إلى غير ذلك من الأمور التي قد تفسد العلاقة بين الأم وأطفالها، وهنا تكمن الخطورة. وتفاديًا لحدوث ذلك، ولفوائد هدوء الأم في تربية أطفالها نذكر في ما يلي مساوئ الصوت العالي للأم في تربية الأطفال في محاولة لتذكير الأم بأن الهدف من التربية تحقيق سلامة الأطفال وتنشئتهم نشأة سليمة وسوية نفسيًا.

وتتمثل مساوئ الصوت العالي للأم في تربية الأطفال في ما يلي:

تفاقم المشاكل السلوكية عند الأطفال

أظهرت الأبحاث العلمية التي طرحت في هذا الصدد أن الصوت العالي للأم يخلق المزيد من المشكلات على المدى الطويل، لأن صراخها على أطفالها يجعل سلوكهم أسوأ، وهو ما يجب أن تنتبه إليه الأم لكي لا يحدث ذلك أبدًا.

التأثير سلبًا على طريقة تطور الدماغ

بحسب الخبراء المختصين يمكن للصوت العالي للأم وصراخها على أطفالها أن  يغير الطريقة التي تنمو بها دماغهم. وذلك لأن البشر يعالجون المعلومات والأحداث السلبية بشكل أسرع وأكثر شمولاً، وتعد هذه من أخطر مساوئ الصوت العالي للأم في تربية أطفالها ويجب الانتباه إلى عواقبها جيدًا.

وبحسب الدراسات المعلنة أكدت إحدى الدراسات التي طرحت في مساوئ الصوت العالي للأم إلى أنه بمقارنة فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ للأطفال الذين تعرضوا لصراخ أمهاتهم وآبائهم أو أي إساءة في مرحلة الطفولة مع فحوصات أولئك الذين ليس لديهم تاريخ من سوء المعاملة تبين وجود اختلافًا ملحوظًا في أجزاء الدماغ المسؤولة عن معالجة الأصوات واللغة.

زيادة إحتمالات الإصابة بالإكتئاب

أكدت بعض الدراسات التي طرحت حول الآثار طويلة الأمد للصراخ على الأطفال والصوت العالي للأم في تربيتهم أنه يوجد إرتفاعًا طفيفًا في أعراض الاكتئاب، وذلك من خلال ملاحظتهم، وذلك بسبب ما يتعرضون إليه من أمور تدخل ضمن ما يعرف بالإساءة العاطفية، ولذلك ربطت بعض الدراسات الأخرى بين الإساءة العاطفية في تربية الأطفال وبين إصابتهم بالاكتئاب ونوبات القلق التي تسيطر عليهم.

التسبب في مشاكل صحية بدنية

ومن مساوئ الصوت العالي للأم عند توجيه أطفالها زيادة إحتمالات تعرض الطفل لمشاكل صحية خطيرة عند البلوغ، وذلك بسبب شعورهم بالتوتر الذي يؤثر على المدى الطويل على الصحة البدنية للأطفال.

الشعور بالألم المزمن

وجدت دراسة حديثة وجود صلة بين تعرض الأطفال للإساءة اللفظية وغيرها من أنواع الإساءة مع الصوت العالي للأم في التربية، والشعور بالألم، حيث أكدت معاناة الأطفال في سن البلوغ بآلام التهاب المفاصل والصداع السيئ ومشاكل الظهر والرقبة وآلام مزمنة أخرى.

كيف تتجنبين مساوئ الصوت العالي مع أطفالك؟

يجب أن تهدأ الأم وتفكر جيدًا في كل السلبيات التي تلحق بأطفالها جراء صوتها العالي وصراخها عليهم وغير ذلك من أنواع الإساءة العاطفية التي ترتب على الصوت العالي كخطوة أولى لحل المشاكل واعتماد بروتوكول مناسب للتغلب عليها، مع تمام الإدراك بأن الصوت بشكل عالي في تربية الأطفال يحمل مساوئ على الصعيدين النفسي والعاطفي والجسدي، وأن الهدوء يجعل الأطفال يشعرون بالأمان والإطمئنان، وأن احتواء الأم لأطفالها هو أنبل ما يمكن أن تقدمه لهم خلال مراحل التربية، لأنه شتان بين التربية بالحب والتربية بالإساءة، كما أن نتاج كل منهما يختلف تمام الإختلاف عن الآخر.

وللتغلب على مساوئ الصوت العالي في التربية يجب على الأم تطبيق النصائح التالية:

- يجب على الأم ضبط انفعالاتها ومنح نفسها فرصة لإعادة التقييم والتنفس بعمق، لأن ذلك يمنحها الهدوء ويزيد من قدرتها على ضبط النفس وتجنب الصوت العالي والصراخ، كما أنه سيعلم الأطفال كيفية وضع الحدود وإدارة المشاعر القوية بطريقة صحية.

- يجب على الأم التعبير عن المشاعر دون إفراط وتعليم الأطفال التمييز بينها مثل مشاعر الفرح والحزن والغيرة والإحباط وغيرها، مع تعليمهم كيفية تجنب الغضب وإدارته بشكل سليم بالبدء بنفسها باعتبارها قدوة لأطفالها، إضافة إلى تشجيعها لأطفالها التعبير عن مشاعرهم معها لما لذلك من فوائد كبيرة في تكوين علاقة صحية بينها وبين أطفالها.

- يجب علاج السلوك غير اللائق للطفل بهدوء وبحزم في نفس الوقت، فمن الطبيعي أن يقع الأطفال في الخطأ، وعلى الأم أن تقوم بالتوجيه دون أي انفعال أو صوت عالٍ، مع اخبارهم بأنه لا مجال للتساهل في بعض السلوكيات، ومنحهم الفرصة لضبط النفس وتعديل سلوكهم.

- يمنع على الأم اتباع أسلوب التهديد لما له من آثار سلبية عميقة المدى على نفسية الطفل، ولأن هذا الأسلوب يخلق مشاعر غضب واستياء في نفوس الأطفال وهو ما أشار إليه باربرا كلوروسو مؤلف كتاب "الأطفال يستحوق ذلك"

وختامًأ وبدلًا من اتباع أسلوب التهديد والعقاب، ولحماية الأطفال من التعرض لآثاره السلبية التي يأتي على رأسها قتل شعورهم بالأمان، يجب أن تكون العواقب مساوية لسلوك الطفل ويجب التعامل معه بهدوء ليعي جيدًا ماهية الخطأ الذي ارتكبه مع تعليمه كيفية ضبط النفس، وتحفيزه على السلوكيات الجيدة.