اضطراب المرض الافتعالي مشكلة نفسية بحاجة إلى تفسير

تعتبر مشكلة "اضطراب المرض الافتعالي" هي حالات مرضية يقوم خلالها الشخص بطريقة مفتعلة وواعية بالتصرف وكأنه يعاني من المرض الجسدي أو العقلي، خاصة وهو في حالة صحية ولا يعاني من أي مرض في الحقيقة، وكذلك يظهر عندما يدعي الشخص أن من يرعاه هو المريض حتى لو لم يكن كذلك.
 
ويقوم هذا الشخص بافتعال أعراض مبالغ فيها لمرض معين وبطرق متعددة، حيث يكذب في أعراض المرض المزيفة وحتى قد يؤذي نفسه لإثبات تلك الأعراض ( كأن يقوم بتلويث عينة البول) ليثبت أنه أو أن الشخص الذي تحت رعايته مريض.
 
يتصرف من يعانون من اضطراب المرض المفتعل بهذه الطريقة لأن لديهم حاجة داخلية لأن يراهم الآخرون وهم في حالة مرض أو إصابة، بدون تحقيق أي فائدة واضحة من ذلك، مثل الكسب المالي، كما أنهم على استعداد لتعريض أنفسهم في بعض الأحيان للمخاطر أو الاختيارات التي بها مغامرة وحتى العمليات لكي يكسب تعاطف أو اهتمام من نوع خاص يعطى لمن هم مرضى حقيقيين أو لديهم شخص عزيز مريض، وتعتبر اضطرابات المرض المفتعل من الأمراض العقلية لأنها مرتبطة بصعوبات انفعالية أو عاطفية شديدة.
 
يعاني هؤلاء الأشخاص من اضطرابات عقلية أخرى أيضا، اضطرابات الشخصية على وجه التحديد، ويتسم هؤلاء الأشخاص بأن لهم أنماطاً طويلة الأمد في التفكير والعمل والتي تختلف وتخرج عن الحد الطبيعي للمجتمع، وللأسف يعاني هؤلاء الناس بصفة عامة من ضعف في مهارات التعايش ومشكلات في تكوين علاقات صحية.
 
ويتشابه هذا المرض مع مجموعة أخرى من المشكلات العقلية وتسمى "اضطرابات جسدية"، تتضمن وجود أعراض لا تعود إلى أمراض جسدية أو عقلية حقيقية، لكن الاختلاف الوحيد بين الاضطرابات الجسدية واضطرابات افتعال المرض أن الشخص في الأولى لا يزيف الأعراض المرضية أو أن يضلل الآخرين بخصوص ما لديه من أعراض مرضية عن قصد.
 
أنواع اضطرابات المرض المفتعل:
هناك 4 أنواع رئيسية من هذه المشكلة النفسية وتشمل ما يلي:
 
1- اضطراب المرض المفتعل بأعراض أغلبها نفسي:
كما يتضمنه الوصف، يقوم الذي يعاني من هذا الاضطراب بتقليد سلوك مطابق تماما لمرض عقلي مثل انفصام الشخصية، حيث يظهرون في حالة من الخلط والتشويش كأن يتفوهون بمعلومات سخيفة أو تقارير بها هلوسة وتجربة أشياء استشعارية ليس لها وجود مثل التظاهر بسماع أصوات معينة، أو"متلازمة جانسر" والتي يطلق عليها أحيانا "ذهان السجون" وهي اضطراب افتعالي تتم ملاحظته أولا لدى المساجين، ويقوم الناس في هذا المرض بسلوكيات غريبة لا تستغرق وقتاً طويلاً وتتشابه مع ما يفعله المصابون بالأمراض العقلية الخطيرة.
 
2- اضطرابات المرض المتفعلة وأغلبها أعراض جسدية:
يدعى المصابون بهذا الاضطراب أن لديهم أعراض مرتبطة بمرض جسدي، مثل أعراض ألم الصدر واضطرابات المعدة أو الحمى، ويشار إلى هذا الاضطراب أحيانا بأنه "متلازمة منخهاوزن" وتمت تسميتها على اسم بالبارون منخهاوزن وهو ضابط ألماني من القرن الثامن عشر اشتهر بتجميل قصص وخبرات حياته.
 
3- اضطراب المرض الافتعالي بأعراض نفسية وجسدية معا:
يتظاهر من يعاني من هذا الاضطراب بأعراض مرضية لأمراض نفسية وجسدية.
 
4- اضطراب افتعال المرض يختلف عن أي شيء مما سبق:
يشتمل هذا النوع من الاضطراب على اضطراب يسمى "متلازمة مانشهاوزن بالوكالة" ويعرض الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب أو يفتعلون أعراض مرض يعاني منها شخص آخر تحت رعايتهم، وتظهر غالبا لدى الأمهات (ويمكن أن تظهر لدى الآباء) الذين يؤذون أطفالهم عن قصد للفت الانتباه لهم.
 
ماهي أعراض اضطراب المرض المفتعل؟
تشمل علامات التحذير لمشكلة المرض المفتعل ما يلي:
- تاريخ طبي تمثيلي متناقض.
 
- أعراض غير واضحة لا يمكن السيطرة عليها وتصبح أكثر شدة أو تتغير بمجرد بدء العلاج.
 
- انتكاسات متوقعة تلي تحسن الحالة.
 
- معرفة واسعة في مجال المستشفيات والمصطلحات الطبية بالإضافة لأوصاف كتب الأمراض.
 
- وجود العديد من الندوب الجراحية.
 
- ظهور أعراض جديدة أو إضافية تلي الاختبارات السلبية.
 
- ظهور الأعراض فقط عندما يكون المريض مع آخرين أو يلاحظه أحد.
 
- الاستعداد بل والرغبة الشديدة في إجراء اختبارات طبية وعمليات جراحية أو غيرها من الإجراءات.
 
- تاريخ عن سعيه للعلاج في العديد من المستشفيات والعيادات ومكاتب الأطباء وحتى في مدن مختلفة إذا أمكن.
 
- رفض المريض السماح للمختصين من مقابلته أو التحدث إلى أفراد أسرته وأصدقائه وأطبائه السابقين.
 
ما هي أسباب اضطراب المرض الافتعالي؟
السبب الأساسي لهذه الاضطرابات ليس معروف، لكن يبحث الخبراء في دور العوامل النفسية والبيولوجية في تطور هذه الاضطرابات، حيث تقترح بعض النظريات أن تعرض الشخص لتاريخ من سوء المعاملة أو الإهمال وهو طفل أو تاريخ من الأمراض المتكررة التي تتطلب دخول المستشفى قد يكون من العوامل التي أدت إلى تفاقم هذا الاضطراب.
 
ما مدى انتشار حالات اضطرابات المرض الافتعالي؟
إذا أخذنا الولايات المتحدة الأمريكية مثالاً فليس هناك إحصائيات يمكن الاعتماد عليها عن عدد الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات المرض الافتعالي، لأن الحصول على إحصائيات دقيقة صعب لأن هذا المريض من عادته خداع من حوله؛ لذا لن يكون هناك أمانة في الحصول على تلك المعلومات، بالإضافة إلى أن الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب النفسي يسعون للحصول على العلاج داخل العديد من المصحات المختلفة مما قد يؤدي إلى إحصاءات متضاربة ومضللة.
 
وبشكل عام ينتشر هذا المرض النفسي لدى الرجال أكثر من النساء، رغم أن النوع المعروف باسم "متلازمة مانشهاوزن بالوكالة" أكثرهم من النساء.
 
كيف يتم تشخيص اضطرابات المرض الافتعالي؟
من الصعب جدا تشخيص هذا المرض بسبب عدم الأمانة في الاعتراف به، فلابد أن يقوم الإطباء باستبعاد أمراض عقلية وبدنية أخرى قبل تشخيص إضطرابات المرض الافتعالي، فإذا لم يجد الطبيب أي سبب جسدي للأعراض أو يشك أن أعراض أو النتائج المعملية غير طبيعية أو قد تكون مستحدثة ذاتيا، فقد يحول المريض إلى مختص نفسي أو طبيب نفسي،ومتخصص للمشكلات العقلية مدرب لتشخيص وعلاج الأمراض العقلية، لأن لديهم أدواتهم وتقيماتهم المصممة خصيصا لتقييم وتحديد إذا كان الشخص يعاني من هذا المرض أم لا.
 
حيث يتوصل الطبيب النفسي إلى نتائجه النهائية من خلال استبعاد فعلي للمرض العقلي والجسدي ومراقبة مواقف الشخص وسلوكياته.
 
كيف يتم العلاج؟
أول هدف يمكن تحقيقه في علاج مريض اضطرابات المرض الافتعالي يكون بتعديل سلوك الشخص والحد من سوء استخدامه أو إفراطه في الموارد الطبية، وفي حالة "متلازمة مانشهاوزن بالوكالة" يكون الهدف الأساسي بالتأكد من توفير الأمان والحماية لأي ضحايا حقيقيين أو محتملين، وبمجرد تحقيق الهدف الأولي، يهدف العلاج إلى حل أي مشكلات نفسية خفية والتي ربما ينتج عنها سلوك المريض.
 
ويستمر العلاج بالرعاية النفسية كنوع من الاستشارة ويتم التركيز على تغيير طريقة تفكير وسلوك المريض مثل العلاج السلوكي المعرفي، ويفيد العلاج الأسري أيضا بتعليم أفراد العائلة بعدم مكافأة أو تدعيم تصرف الشخص المصاب بهذا الاضطراب.
 
مع العلم أنه ليس هناك عقاقير تؤخذ للعلاج، لكن قد تستخدم لعلاج أي مشكلة مرتبطة به مثل الاكتئاب أو التوتر، ولابد أن يكون العلاج بحرص وتحت إشراف مختص حتى لا يتعرض المريض للخطر نتيجة لاستخدامه العقاقير بطريقة خاطئة.
 
ماهي التوقعات لمن يعانون من اضطراب المرض الافتعالي؟
من يعانون من مرض الاضطراب المرض الافتعالي عرضة لمخاطر مشكلات صحية أو حتى الموت، بسبب ميلهم إلى إيذاء أنفسهم أو مسببة أعراض غير متوقعة، أو قد يعانون من ردود أفعال أو مشكلات صحية بسبب اتباع أسلوب الخضوع للاختبارات المتعددة أو حتى العلاجات التي قد يستخدمونها بشكل خاطيء ومحاولات الانتحار.
 
ولأن المريض بهذا الاضطراب النفسي ينكر دائما مشكلته لذا لا يحاول الخضوع للعلاج، باحتمال التعافي يعتمد أكثر على الطبيب أو شخص محبوب للمريض حتى يكتشف مشكلته ويحفزه على العلاج.
 
لكن في معظم الأحيان هذه المشكلة طويلة الأمد ومن الصعب جدا علاجها.
 
هل يمكن منع الإصابة به؟
ليس هناك وسيلة معروفة لمنع مثل هذه الاضطرابات.