ما أهم أسباب وفاة الأطفال ما دون الخامسة؟

 الولادة المبكرة والالتهاب الرئوي يوديان بحياة الملايين منهم سنويا
الولادة المبكرة والالتهاب الرئوي يوديان بحياة الملايين منهم سنويا

على الرغم من التقدم الكبير في العناية بالأطفال سواء المبتسرين (الخدّج) من خلال الحضانات المجهزة، أو الأطفال الأكبر سنا، فإن خطر الموت جراء الولادة المبكرة Preterm birth والإصابة بالالتهاب الرئوي لا يزالان من أكبر أسباب الوفيات في الأطفال ما دون سن الخامسة نتيجة للمضاعفات التي تتركها الولادة المبكرة على أجهزة الجسم وتعجل بالوفاة في سن مبكرة جدا.
 
ولمعرفة حجم الكارثة يكفي أن نعلم أن هذين العاملين فقط (الولادة المبكرة والالتهاب الرئوي) تسببا في وفيات ما يقرب من مليوني طفل حول العالم في عام 2013 وذلك حسب أحدث الدراسات التي تناولت آثار الولادة المبكرة على حياة الرضيع والتي نشرت في دورية «لانست» الطبية (The Lancet) في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي. وتعتبر هذه الدراسة صادمة خاصة مع الجهود المبذولة في العقدين الماضيين للحد من وفيات الأطفال خاصة وأن معظم هذه الأسباب يمكن تجنبها
 
مضاعفات الولادة المبكرة
كانت الدراسة التي قام بها باحثون من مدرسة جون هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة بالولايات المتحدة Johns Hopkins Bloomberg School of Public Health (وهي جزء من جامعة جون هوبكنز) قد تناولت البيانات الخاصة بوفيات الأطفال دون عمر 5 سنوات في الأعوام الأخيرة، وتبين أن المضاعفات التي تحدث للرضع جراء الولادة المبكرة تعتبر بمفردها من أهم أسباب الوفاة، حيث إن هذا العامل فقط تسبب في وفاة ما يقرب من مليون طفل حول العالم في العام الماضي. 
 
وتأتي الإصابة بالالتهاب الرئوي في المركز الثاني كواحدة من أهم أسباب الوفاة بالنسبة للأطفال قبل مرحلة الدراسة وتسببت في وفاة ما يقرب من مليون طفل أيضا في العام الماضي، بينما كانت المضاعفات التي تحدث للأطفال في أثناء الولادة كثالث أهم سبب للوفاة وتسببت في وفاة ما يزيد قليلا على نصف مليون طفل.
 
وحسب الإحصائيات فإن أكثر من نصف الأطفال (51.8 في المائة) توفوا نتيجة الإصابة بالعدوى المختلفة سواء البكتيرية أو الفيروسية أو الطفيليات المختلفة مثل الالتهاب الرئوي أو النزلة المعوية أو الملاريا وغيرها من مسببات الالتهاب.
 
وشملت الوفيات عدة مناطق جغرافية من العالم في أفريقيا وآسيا مثل نيجيريا والكونغو والهند وباكستان كما شملت أيضا الصين والتي كان بها أكبر نسبة من وفيات الأطفال. ومثلت هذه النسبة أكبر من نصف نسبة الوفيات للأسباب الأخرى للأطفال في العالم كله.
 
وتأتي هذه النتائج كحقيقة صادمة أمام الجهود العالمية لمنظمة الصحة العالمية للحد من وفيات الأطفال تحت عمر الخامسة، خاصة وأن الهدف كان الحد من وفيات الأطفال بمعدل كبير في الفترة الزمنية من عام 1990 وحتى عام 2015 ومع اقتراب عام 2015.
 
ويضع عدم تحسن نسبة وفيات الأطفال إلا في عدد محدود من الدول تحديا جديدا أمام منظمة الصحة العالمية خاصة في دول العالم الثالث.
 
وعلى الرغم من التحسن الملحوظ الذي حدث في نسبة وفيات الأطفال في العالم المتقدم في الفترة الزمنية من عام 2000 إلى عام 2013 والتي تمثلت بهبوط المعدل من 77.4 وفاة لكل ألف طفل إلى معدل 45.6، فإن الخبراء يوضحون أنه إذا استمرت نسب وفيات الأطفال كما هي الآن فإنهم يتوقعون أن تصل نسبة وفيات الأطفال إلى نحو 4.5 مليون طفل بحلول عام 2030 معظمهم في دول أفريقية.
 
ولكن الدارسين أشاروا إلى أن هذا العدد من الوفيات يمكن أن ينخفض إلى النصف إذا تمت العناية بالرضع بالشكل الملائم والكافي وجرى تحسين الرعاية الصحية في تلك الدول.
 
العناية بالأم الحامل
وكانت منظمة الصحة العالمية قد كثفت الجهود لمحاولة الحد من الولادات المبكرة بالعناية الطبية الجيدة بالأم الحامل وضرورة متابعتها منذ الشهر الأول للحمل antenatal care ومعالجة - والسيطرة على - الأمور الطبية التي من شأنها أن تؤدي إلى الولادة المبكرة، حفاظا على حياة الجنين والأم معا، ومنها على سبيل المثال ارتفاع ضغط الدم والذي يمكن أن يؤدي إلى ما يعرف بتسمم الحمل Preeclampsia وكذلك العناية الخاصة بمريضة البول السكري أثناء الحمل؛ حيث إن الأطفال الذين يولدون من الأمهات مريضات السكري في الأغلب يكونون أكبر حجما مما يمكن أن يسبب صعوبات في الولادة إذا تمت بالشكل الطبيعي خاصة في مكان يفتقر إلى الرعاية الطبية؟
 
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن عواقب المضاعفات الصحية على الطفل تمتد آثارها إلى مرحلة ما بعد الشهر الأول والذي يعتبر فترة حرجة في حياة الطفل لتؤثر لاحقا عليه، ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة في سن مبكرة أو حدوث مضاعفات تلازم الطفل بقية الحياة. 
 
وهذه المضاعفات يمكن تفاديها في حالة وجود الحضانات المجهزة التي تتعامل مع عدم نضج أجهزة الجسم المختلفة للرضيع. وينطبق الأمر أيضا على الرضع الذين يولدون مكتملي النمو ولكن يعانون من أي مشكلة صحية تستلزم وجودهم في الحضانات في هذه الفترة الحرجة من حياة الطفل.
 
وبالنسبة للأطفال الأكبر سنا يجب التعامل مع حالات التهاب الجهاز التنفسي بمنتهى الاهتمام حتى لا تحدث مضاعفات تؤدي إلى الإصابة بالالتهاب الرئوي ومن ثم الوفاة. ويأمل الباحثون أن دراسات مثل تلك الدراسة تلفت النظر إلى المخاطر التي يتعرض لها الأطفال حول العالم.