إنعام باقدو " كل مستحضراتي تحمل حكاية حضارة "

البريطانيون استغربوا حمام ما بعد الولادة وعشقوا ماء الورد الطائفي بهذة الكلمات ومن قلب مدينة بريستول البريطانية، تتطلع السعودية إنعام أحمد باقدو إلى شهر ابريل من كل عام، حيث تكتسي جبال الطائف في السعودية بالورد الذي يتوافد إليه جامعو الورد الطائفي قبل بزوغ الشمس خشية أن تحرمهم أشعة الشمس الحارة من الزيوت العطرية التي تحملها تلك الورود، فيسارعون باقتطافها وتقطيرها وبيعها بأسعار باهظة حتى أنها كانت تهدى للملوك ردحاً من الزمن.


ومن جبال الطائف إلى بريطانيا، حيث تستقبل إنعام باقدو، الدكتورة في علم الأعشاب والمتخصصة في صناعة الأدوية من جامعة "كانت" في منطقة كانتبيري البريطانية، والحاصلة على دبلوم في الطب الصيني، إضافة إلى دراستها لتصنيع الأدوية من المواد الطبيعية بأثينا في اليونان، ماء الورد وزيوته العطرية.

تمزج باقدو زيت عطر ورد الطائف وزبدة الكاكاو وأحد الفيتامينات لتقدم منتج "بلسم الشفاه بالورد العربي" للمجتمع البريطاني الذي لاقى تجاوباً تقدم فيه الرجل على المرأة في الميل لرائحة الورد الطائفي المركزة. باقدو التي استغرقت بحوثها لانتاج مستحضرات تجميلية ما يقارب التسع سنوات، تقول أن كل منتج تقدمه يحمل حكاية حضارة، وأن المناطق التي جلبت منها المواد التي تستخدمها تروي العديد من الحكايات العربية للمجتمع الأوروبي.

فمجموعة الحبة السوداء من كريمات وزيوت مرطبة للوجه والجسم تروي تاريخاً طويلاً وعريقاً يحمل جزءاً من ثقافة الشرق، ومن منبعها من حوض البحر المتوسط إلى مصر والطقوس الفرعونية التي كانت تقتضي دفن النفيس مع المتوفى، وكانت الحبة السوداء أحد أهم النفائس المدفونة.

ومن تاريخ الحبة السوداء إلى شعبية الهيل، كمعطر للفم والذي كان الملهم لإنتاج بلسم شفاه "الهيل"، حيث يتم خلط زيت الهيل مع زيت الزيتون وشمع العسل لتكوين طبقة واقية تعمل على تغذية الشفاه الجافة وترطيبها.

ومن دراستها في اليونان اكتشفت بلورات ملح البحر النقية الموجودة بين صخور الأحواض بعد تبخر مياه البحر بتأثير درجة حرارة الشمس. فحسب التقاليد اليونانية التي تقوم فيها النساء بتدليك البشرة بالماء المالح بعد السباحة من أجل التقشير، قررت باقدو تحويل هذه العادة إلى علاج جمالي يضم مجموعة التدليك بالملح اليوناني.

وكما استخدمت السعوديات نشاء الذرة في أيام الصيف الحارة، ودأبت الأمهات على تعليم بناتهن أسراره وفوائده، استخدمت باقدو ذات الخليط مع ماء الورد للبريطانيات.

ومروراً بماء أزهار البرتقال إلى زيت الزيتون الأخضر والعديد من المنتجات العربية نصل إلى فكرة شعار "بيان"، الشركة التي أسستها باقدو في عام 2002، والذي يجسد فلسفتها في تكامل الحضارات، حيث ان النقش المحيط بالشعار يجعلك للوهلة الأولى تجزم أنه نقش عربي بينما أصوله في الحقيقة بريطانية باستثناء بعض الإضافات العربية.

تعلق باقدو على ذلك بأن الشعار استغرق منها سنة كاملة ليقدم رسالتها من خلال المنتج الذي تقدمه، والذي راعت فيه أن تكون العبوة إيطالية والغطاء الفضي من قلب لبنان بينما مواد المستحضر سعودية.

ورداً على سؤال لماذا "بيان"؟ أجابت باقدو أن معنى بيان كان "التوضيح" وذاك مناسب جداً لفلسفة شركتها، حيث ان لكل مستحضر تقدمه قصة تروي حكاية البلد الذي ينتمي إليه، والثقافة المرتبطة بالمادة التي استخدمتها في صناعته.

وعن العقبات التي اعترضتها ذكرت باقدو ان جلب المواد الخام من السعودية إلى بريطانيا يقتضي توافر شهادات مرفقة بالمواد الغريبة بعض الشيء على المجتمع البريطاني، كماء الورد الطائفي وزيت اللوز الحجازي، إضافة إلى العديد من الأعشاب، كما أنها بذلت مجهوداً كبيراً لإخضاع تلك المواد للاختبارات اللازمة لتصنيع المستحضرات وتجربتها.

ومن أكثر المنتجات التي كانت جديدة على البريطانيين، حمام ما بعد الولادة. فمن الطقوس المصاحبة للولادة التي تمارسها العربيات، خليط خاص مكون من سبعة أعشاب توضع في ماء الاستحمام لمدة أربعين يوماً بعد الولادة من أجل تنظيف البشرة والتخلص من السموم المتراكمة في الجسم.

وعلى هذا الاساس استخدمت باقدو ذات الأعشاب السبعة ( اللافندر والعرعر والشب والزعتر ولحاء البلوط وأوراق البلوط والخرنوب) لتقدم مستحضرا عرفته الجدات لكن بحلة وتقنيات جديدة.