الزائدة الدودية .. هل هناك علاج غير جراحي لها؟

تناول الأدوية حل بديل للحالات الخالية من المضاعفات
تناول الأدوية حل بديل للحالات الخالية من المضاعفات

على مدى عقود طويلة ارتبط التهاب الزائدة الدودية Appendicitis بالإجراء الجراحي الفوري كحل فعال وحتمي لتمام شفاء المريض، واستئصال الزائدة. ولكن الأمر المثير أن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن العلاج الطبي عن طريق الأدوية يمكن أن يكون بديلا فعالا وكافيا للشفاء من التهاب الزائدة الدودية في بعض الأحيان، وبالتالي تجنب العملية الجراحية.
 
وأشارت أحدث دراسة تناولت هذا الموضوع (نشرت في الإصدار الإلكتروني من مجلة الكلية الأميركية للجراحين Journal of the American College of Surgeons في شهر أبريل «نيسان») من العام الحالي، إلى أن استخدام المضادات الحيوية فقط يمكن أن يكون بديلا فعالا في علاج الالتهاب الحاد للزائدة الدودية، بشرط ألا تكون هناك مضاعفات لهذا الالتهاب.
 
آلام الزائدة الدودية
من المعروف أن التهاب الزائدة الدودية يسبب الآلام في منتصف البطن في البداية ثم ينتقل إلى الجزء الأسفل من الجانب الأيمن من البطن، وأحيانا يكون مصحوبا بقيء أو ارتفاع في درجة الحرارة (في الأغلب لا يكون ارتفاع الحرارة واضحا في الأطفال إلا في حالة حدوث انفجار).
 
كما أن هناك علامة مميزة لألم الزائدة الدودية، وهي أن الألم يقل في حالة الضغط على المكان المؤلم عكس الألم العادي ويزيد الألم في حالة رفع الضغط عن المكان المؤلم rebound pain.
 
وفي حالة عدم إجراء العملية، يمكن أن يحدث انفجار في الزائدة، وفي هذه الحالة تكون الآلام في كل البطن. وفي الأطفال الأصغر من عمر ست سنوات، ويعانون من أعراض لأكثر من 48 ساعة، يجب الشك في احتمالية أن يكون هناك انفجار في الزائدة الدودية.
 
ويعاني الطفل من الأم في البطن كله بشكل عام، ومن ارتفاع في درجة الحرارة أكثر من 38 درجة مئوية وزيادة في ضربات القلب.
 
وأجريت الدراسة الجديدة على 77 مريضا تتراوح أعمارهم بين 7 و17 عاما من أقسام الطوارئ من مستشفيات مختلفة من أرجاء الولايات المتحدة جميعهم جرى تشخيص أعراض الألم لديهم بأنها التهاب حاد من دون مضاعفات في الزائدة الدودية. 
 
وجمع الباحثون بيانات في الفترة بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) 2012 وأكتوبر 2013، وكان عن المرضى الذين عانوا من آلام في الجانب الأسفل الأيمن من البطن لفترة أقل من 48 ساعة ولم يرتفع عدد كريات الدم البيضاء لديهم عن 18 ألفا (عدد كرات الدم البيضاء الطبيعي من أربعة آلاف إلى 11 ألفا) وهو ما يعنى أن العدوى بسيطة. 
 
وكانت صورة الأشعة التلفزيونية وكذلك الأشعة المقطعية لديهم سليمة بما يعنى أنه لم يحدث انفجار في الزائدة الدودية، ولم يزد حجم الزائدة عن سنتيمتر واحد ولا يوجد بها خرّاج أو ما يشبه الحصوة fecalith (عبارة عن قطعة من البراز ولكن متكلسة).
 
بين الجراحة والعقاقير
وحسب الإحصاءات، فإن 47 عائلة من عائلات الأطفال قررت إجراء العملية الجراحية بينما كان هناك 30 عائلة أخرى قررت أن يجري حجز الطفل في المستشفى وعدم إجراء العملية، وهؤلاء الأطفال الذين جرى حجزهم تلقوا مضادات حيوية عن طريق الحقن في أول 24 ساعة. 
 
وبعد خروجهم من المستشفى في اليوم التالي ولمدة عشرة أيام أخرى تناولوا المضادات الحيوية عن طريق الفم. وكانت النتيجة أن 93 في المائة من هؤلاء الأطفال تحسنوا في أول 24 ساعة، ولم يحتاجوا لإجراء الجراحة بينما كان هناك ثلاث حالات لم تستجِب للعلاج الدوائي، وجرى إجراء الجراحة لهم، ولكن حتى هؤلاء الذين أجروا الجراحة بعد فشل العلاج الدوائي لم يحدث لهم انفجار في الزائدة الدودية.
 
وعلى ضوء هذه النتائج، يمكن أن نجنب بعض الأطفال إجراء جراحيا قد يكون غير ضروري في بعض الأحيان. وهو ما يمكن تطبيقه في حالات الالتهاب البكتيري للزائدة الدودية من دون مضاعفات.
 
ويكفي أن نعرف أن التهاب الزائدة هو أكثر سبب يعرض الأطفال للإجراء الجراحي، وفي الولايات المتحدة فقط هناك 80 ألف عملية لاستئصال الزائدة في كل عام.
 
وعلى الرغم من أن معظم هذه الحالات تكون من الشدة بحيث تستدعي الإجراء الجراحي، إلا أن حسب هذه الدراسة يجب أن يجري تجربة الحل الدوائي أولا، خاصة أن نحو 20 في المائة من الأطفال لم يعانوا من مضاعفات، وهي النسبة نفسها تقريبا التي توجد في أي مستشفى كبير، فضلا عن أن نتائج هذه الدراسة تتفق مع نتائج دراسات أوروبية سابقة جرى إجراؤها ولكن على البالغين أفادت بأن هناك العديد من حالات التهاب الزائدة لا تحتاج إلى أي تدخل جراحي على الإطلاق.
 
وأشار الباحثون إلى أنهم بصدد إجراء المزيد من التجارب على حالات أخرى مستقبليا، بمعنى أن هذه الدراسة شملت الحالات التي من المتوقع أن تستجيب للمضادات الحيوية فقط (وهي الحالات التي لا تعاني من مضاعفات وظهرت الأعراض فيها في أقل من 48 ساعة، ولا يوجد ارتفاع كبير في كريات الدم البيضاء).
 
وفي المستقبل سوف يجري التجارب على حالات أكثر تعقيدا، وأنه من الممكن في حالة نجاح التجربة تعميم العلاج بالمضادات الحيوية بحيث يصبح العلاج الأولي لالتهاب الزائدة الدودية. وتأتي أهمية هذه الدراسة في تشجيع أولياء الأمور على الموافقة لتجربة الحل الدوائي أولا، وإذا لم تكن هناك استجابة للدواء، يمكن اللجوء إلى العملية الجراحية.